فاز الحزب الديمقراطي الأميركي في الإنتخابات الرئاسية ، وشعارُ الحزب الحمار.
وفازت قصيدة الشاعر محمود درويش: «حَـقُّ الحمير بقتْلِ العرب»:
.. «ونحسبُ أنَّ الزمانَ يضيِّـعُ حـقَّ الحميرِ بقتْلِ العرب».
وبين الحمار والديمقراطية علاقةٌ ونسَب، فالإنسان «كائـنٌ ثنائي» كما يقول القديس بولس، «لأنه ينتمي إلى العالم الحيواني وإلى العالم العقلي، فالعقل هو الذي يحول دون الإنقياد إلى الميول الحيوانية…»
وطبيعة الحمار المسلكية أكثر ما تتوافق مع الديمقراطية، لأنه يتفاعل بـمطواعيةٍ مَـرِنة مع النظام وفـق عدالة التمثيل وحكم الشعب بواسطة الشعب، لأنّ سائق الحمار هو أيضاً ينقاد بذنَـبِ الحمار.
ولأنّ الحزب جـزءٌ من الرأي العام الشعبي، والرأي العام هو الذي ينتخب الحزب، فقد شبّـه الأديب اللبناني سعيد تقي الدين الرأي العام، بالبغْـل.
بدَوْرهِ، الصحافي البريطاني «جورج أرويل» يسخَرُ من الديمقراطية ويشبِّهها بمزرعة الحيوان، ويقول: كـلُّ الحيوانات فيها متشابهة.
على أنّ الديمقراطية ليست نظاماً جديداً إخترعه الغرب، بل عرفتها الشعوب القديمة في مصر الفرعونية منذ العام 2850 ق. م. ومارسها «حمورابي» في بلاد ما بين النهرين: 1700 ق. م. والمدن الفينيقية في القرن السادس ق. م. كانت تطبّـق أعرق نظام ديمقراطي، «وأثينا» كانت أمَّ الديمقراطية 621 ق. م. وهكذا كانت الأمبراطيورية الفارسية على عهد داريوس 555 ق. م. والنظام الجمهوري في روما بعد ثورة 509 ق. م.
وراحت الديمقراطية تتقهقر انحطاطاً مع تقـدّم التاريخ لأنّ الإنسان الكائن الثنائي سيطر الإنتماء الحيواني فيه على أن الإنتماء العقلي، بـلْ لعلّ الديمقراطية كما يقول «روسو»، مستحيلةٌ على الأرض لأنها تتناسب مع شعبٍ من الآلهة.
الديمقراطية تصبح مستحيلةً على الأرض عندما تنفصل الأرض عن السماء التي هي مصدر الفضائل… حتّى الشعوب القديمة كانت تستوحي فضائل الديمقراطية من الآلـهة الوثنية.
في أواخر القرن الثامن عشر إنتشر مبدأ فلسفي يعلن موت الله على لسان: كارل ماركس «ونتـشه»، «وسارتر» «وفيورباخ» القائل: «ليس الله هو الذي خلَـقَ الإنسان، بل الإنسان هو الذي خلق الله»، ومع اختفاء الله تنهار كل القيم الروحية والإنسانية والخلقية دفعةً واحدة.
والغريب في قصّـة الديمقراطيات، أنّ الأنظمة الماركسية والنازية والفاشية تحدّثك عن المفاهيم الديمقراطية، فيما هي تمارس المفهوم العكسي المحموم للديمقراطية ، الذي هو الإرهاب.
الديمقراطية التي تقدّس حقوق الفرد حسب القوانين الدستورية ومفاهيمها، إنقرضَتْ في همجِّـيةِ هذا الزمان، وأصبحت الديمقراطية الحديثة أسيرة الطغيان السلطوي وسيطرة المال والإعلام، في معزل عن المبادىء التي قامت عليها حقوق الإنسان في العدالة والحرية والمساواة.
في العام 1992 نشـرَ المفّكر الفرنسي: «جان ماري جيهينو»، كتابـه الشهير: «مـوت الديمقراطية» وتوقّـف حائراً عند السؤال: ما هو إذاً، أفضل نظام سياسي…؟
لعلّ أفضل نظام سياسي هو ديمقراطية الحمار التي انتصرت في أميركا، والعبرةُ منها: أن ديمقراطية الحمير عندنا، ولا مـرّة كانت تحقـق الإنتصار.