انتهت قمة الرياض عمليا الى انقسام لبناني حول منتظر لنتائج وعودها الوردية ومشكك بما قد تذهب اليه المقررات من تنفيذ، والتي ستبقى حبرا على ورق بعدما حققت الزيارة بقممها الهدف الجمهوري بقضم 400 مليار دولار اصبحت عمليا في خزائن القطاع المصرفي الاميركي. واذا كانت اطلالة السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله في ذكرى المقاومة والتحرير قد صبت في خانة الموقف الثاني، الا ان اشارات لافتة بدأت تظهر من واشنطن، على وقع الزيارات الوداعية المنتظرة للسفيرة الديمقراطية في عوكر، والكشف عن الاسم الوحيد المرشح لخلافتها.
السفير المنتظر والقادم من عالم الاعمال بوصفه رئيس غرفة التجارة الاميركية-اللبنانية ومديرها التنفيذي، والناشط في صفوف الجالية اللبنانية، منذ عام 2005 جون العاقوري حيث شارك في مختلف النشاطات التي كانت تنظم لتاييد لبنان، والتقى طوال الفترة الماضية عددا كبيرا من القيادات السياسية اللبنانية، النائب نديم الجميل ويتحدث مقربون منه عن دور اساسي لعبه الى جانب والده بتامين الغالبية المطلوبة في ميتشيغان لصالح المرشح الجمهوري ما امن فوز الرئيس دونالد ترامب، الذي كافأه بتزكيته لهذا المنصب في اطار سياسة التشدد التي تعتزم الادارة الجمهورية اعتمادها في لبنان، خصوصا ان الاخير معروف بتصلب مواقفه تجاه الملف الايراني وما يتفرع منه من حزب الله والنظام السوري والاتهامات لهذا المحور بالمسؤولية عن جرائم ارتكبت ضد مواطنين وجنود اميركيين في حقبة ثمانينات القرن الماضي، علما ان مصادر متابعة لهذا الملف تتحدث عن تحريك له امام المحاكم الاميركية واتجاه الى اصدار احكام فيه.
ويعرف عن «مستر مبسوط» كما يسمي نفسه على صفحة فايسبوك، تقديره للرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي يعتبره خسارة كبيرة لا تعوض واسطورة لن تتكرر وبانه قتل لانه سعى لتحقيق حرية وسيادة واستقلال لبنان، وافتخاره بخبرته الواسعة السياسية والدبلوماسية والمامه بدقائق الامور نتيجة اتصالاته المتواصلة مع عدد كبير من القيادات اللبنانية المحسوبة بغالبيتها على ثورة الارز، خصوصا ان المرحلة المقبلة على لبنان والمنطقة، على ما تؤكد اوساط متابعة، توجب الكثير من العناية والادراك بأحوال لبنان، استنادا الى خريطة الطريق الجديدة التي ترسمها دوائر القرار لمنطقة الشرق الاوسط والتي بدأت ملامحها من قمم الرياض الثلاث، مكرّسة تحالفا تاريخيا جديدا بين واشنطن والعالم العربي في مواجهة طهران وسياساتها التوسعية في المنطقة.
استراتيجية تستوجب المزيد من الاحاطة والرعاية الاميركية للبنان ليجتاز المرحلة التحولية بأقل نسبة من الضرر وهو المعني مباشرة بشد الحبال الاميركي – الايراني من خلال حزب الله، المتوقع ان يشتد تدريجا مع صدور قانون العقوبات الاميركي الذي تفيد المعلومات الواردة من واشنطن انه سيطال شخصيات لبنانية رفيعة في ظل عزم واضح لمسته الوفود اللبنانية التي زارت واشنطن على استكمال هذا المسار الى حين حصر حزب الله في اطاره اللبناني الضيق سياسيا وفك ارتباطه العضوي بايران، وما تخصيص لبنان ببند في البيان الختامي لقمة الرياض الا الدليل على على عزم الدولتين على هذا التوجه على ما تؤكد الاوساط.
تبعا لذلك، تعتبر الاوساط ان مهمة السفير الاميركي الجديد ستكون بالغة الدقة ان لجهة مواكبة هذه المستجدات بالعين الاميركية، او من زاوية العناية بالوضع اللبناني والاشراف على ابقائه تحت مظلة الاستقرار الدولي عن طريق استمرار رفد الجيش اللبناني بالمساعدات العسكرية من ضمن البرنامج الاميركي القائم للغاية لتمكينه من مواجهة الارهاب بأشكاله كافة لا سيما على الحدود الشرقية، وما زيارة قائده العماد جوزيف عون الى واشنطن اخيرا الا لتعزيز هذا البرنامج.
عليه فان تعيين «الطرابلسي – الاميركي»، وفقا لمصادر واسعة الاطلاع على كواليس السياسة الاميركية ، يأتي كجزء من الدور الكبير الذي ترسمه الادارة الاميركية لسفارتها في بيروت ، في اطار حربها على الارهاب في المنطقة من جهة، وقرار مواجهتها للنفوذ الايراني وحزب الله، حيث تقوم الاستراتيجية الاميركية على دعم لامحدود للجيش اللبناني وهو ما بدا واضحا خلال الزيارة الاخيرة لقائد العماد جوزاف عون الى واشنطن وما لمسه من القادة العسكريين والسياسيين الذين التقاهم، ومن عقوبات تنوي الولايات المتحدة الاميركية تفعيلها ،على ان تنضم اليها لاحقا اوروبا والمجموعة العربية، حسب الاوساط.
وتعتبر المصادر ان نجاح هذه الاستراتيجية يقتضي تفعيل عمل السفارة الاميركية في بيروت الذي بدأت فيه طلائع تعزيز الفريق الاميرقي في عوكر وطاقمها الامني والسياسي، والمرشح الى مزيد من التغيير في غضون الاسابيع القادمة بما يتلاءم والتحديات الجديدة المنتظرة والدور المطلوب منها، خصوصا بعد اطلاق اعمال البناء في مجمعها الجديد في عوكر والقائم على مساحة واسعة استبدلت بارض كان سبق للسفارة ان اشترتها في منطقة الحدث على تخوم الضاحية الجنوبية لانشاء مبنى لسفارتها قبل ان تعمد الى مبادلته مع الرهبنة الانطونية بارض متممة لمقر السفارة القائم حاليا، والذي ساد الكثير من اللغط حول حجمه والدور المخصص لهذه السفارة التي تعد اكبر تجمع دبلوماسي اميركي في المنطقة بكلفة 2 مليار دولار، والذي سيضم بحسب التسريبات محطة مركزية وقيادة لادارة للعمليات الامنية والاستخباراتية الاميركية في الشرق الاوسط على غرار الدور الذي لعبته السفارة في بداية الثمانينات قبل ان تنتقل من بيروت بعد اغتيال وليام باكلي رئيس محطة سي آي اي في بيروت، وتتابع المصادر بان الاستقرار الامني الذي ينعم به لبنان والموقع الجغرافي للسفارة وتعاون الاجهزة العسكرية والامنية اللبنانية مع الاميركيين تسهل هذه العملية،خصوصا في ظل الاستثمار الامني والعسكري المتزايد للولايات المتحدة في لبنان والذي تعتبره محوريا في اي حراك واساسي في اي حسابات تخص هذا البلد والذي اقترب من مبلغ 2 مليار دولار خلال 6 سنوات، فضلا عن ان بغداد لم تعد قادرة على لعب هذا الدور في ضوء المعطيات والتطورات المرتقبة، مشيرة الى ان وقوع المقر في القسم الشرقي من بيروت وفي بيئة تعد صديقة يعزز الامن المطلوب خصوصا انه طوال السنوات الماضية لم يسجل اي اختراق لامن المجمع في عوكر.
مصدر مقرب من الثامن من آذار اعتبر ان الادارة الجمهورية تهرب الى الامام في تعيينها لعاقوري، مشيرا ان الاخير سيلقى مقاطعة من جانب كبير من المسؤولين في حال استمرت تصريحاته كما تغريداته على النمط نفسه، داعيا وزارة الخارجية الى حسم الامور منذ البداية والزامه بضرورة احترام الاعراف الدبلوماسية، محذرا من اي محاولة لتنصيب نفسه مندوبا ساميا كما كان السفير جيفري فيلتمان لان ما كان يصح في الـ 2005 لم يعد ذاته اليوم.
اذا ما اقرت اللجان المعنية في الكونغرس الاميركي خيار تعيين جون عاقوري، فان لبنان متجه بحسب المرافقبين الى «صدام» مع الادارة الاميركية لن يتاخر حتى ينفجر عند اول اطلالة للسفير المنتظر في بيروت، والذي بالتاكيد لن تخلو اي من لقاءاته او تصريحاته من انتقاد لحزب الله وهجوم على ايران . فهل تبادر الدولة اللبنانية في سابقة لافتة الى رفض اعتماده سفيرا في بيروت لابعاد كأس الصدام ؟