في اللقاء الذي جمع وزيري خارجية لبنان وروسيا الإتحادية في موسكو سأل وزير الخارجية الروسي سيرغي فيكتوروفيتش لافروف (71 عاماً) نظيره اللبناني عبدالله بو حبيب ( 80 عاماً) عن سر ابتسامته الدائمة، فأجاب: هذا مردّه إلى رضاي عن نفسي وفرحي الداخلي وراحة البال التي أنعم بها منذ نعومة أظافري. “نيالك عبّودي” أردف لافروف ثم دخل في صلب الموضوع. قل لي عبّودي من يمنع انعقاد حكومة السيد ميقاتي؟ من يعطّلها؟
إستوى بو حبيب في جلسته، وانطلق شارحاً لضيفه طبيعة الكيان اللبناني وتركيبته الطائفية والإتنية، وقبل وصوله إلى الحقبة البيزنطية شعر لافروف بـ”عبقة”. عذراً على المقاطعة. دعنا من التاريخ واخبرني من يحول دون اجتماع حكومة السيد ميقاتي منذ 12 تشرين الأوّل إن لم تجبني لن أعطيك الصور.
أخذ بو حبيب رشفة زهورات وأجاب: “لقد تشكلت حكومة السيد ميقاتي بعد ألف يا ويلاه من وزراء إختصاص اختارتهم القوى السياسية استجابة لرغبة دولية…”.
لافروف متبرّماً: أريد جواباً عبودي. أريد اسم الفريق المسؤول عن التعطيل الحكومي المتعمّد. إسم وزير.
بو حبيب: إسمه جوني القرم أيها الزميل.
“تبّا لك يا جوني”. علّق وزير خارجية الدولة العظمى. وبدا كأنه مصمم على أمر ما.
بعد 48 ساعة على قمة لافروف ـ بو حبيب، كانت حاضرة الفاتيكان تستقبل رئيس حكومة “معاً للإنقاذ” نجيب ميقاتي دام ظلّه، وعُلم أن ميقاتي استهل لقاء نصف الساعة مع قداسة البابا فرنسيس بعرض مؤثر يفتت قلب الصخر أعاد ترداده منقّحاً ومزيداً عليه، على مسامع أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بياترو باروليني الذي سأل رئيس حكومة لبنان عن سبب تقاعس الحكومة عن القيام بأبسط أدوارها. فتنهّد الرئيس ميقاتي وقال بالفرنسية ما ترجمته: “خليها بالقلب تجرح ولا تطلع لبرّا وتفضح”. فعلق الكاردينال: عليكم فضح المعرقل دولة الرئيس أمام الرأي العام ومعاقبته فوراً. أجاب ميقاتي: “وهذا ما أنوي فعله فور عودتي إلى بيروت. سأطالب بإقالة جوني القرم ونفيه إلى جزيرة القرم”.
وإلى بعبدا وصل ساعي بريد حاملاً رسالة تهنئة بعيد الإستقلال من إيمانويل إلى أخيه الأكبر ميشال، فض الرئيس المغلف وقرأ عابساً الفرمان الجديد، وفيه تذكير بواجبات الحكومة تجاه “المصلحة العامة للبنانيين”، ولفت انتباه إلى وجوب اتخاذ “إجراءات قوية” لاستعادة الثقة. أي إجراءات قوية يطالب فيها ماكرون؟ طرح السيد الرئيس السؤال على بساط النقاش بعدما قرأ الرسالة ثلاث مرات. واقع الحال أن أقصى ما يستطيعه العهد، لإرضاء المجتمع الدولي، تحميل جوني قرم مسؤولية التعثر في لبنان منذ سريان العمل ببروتوكول 1861 وحتى اليوم.