Site icon IMLebanon

خلاصات مشتركة!

يسوّق الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني «إتفاق فيينا» باعتباره شرطاً «لحل القضايا الاجتماعية والاقتصادية» في بلاده.. ويذهب الشيخ هاشمي رفسنجاني خطوة إضافية الى الأمام لكن بحذر المتبرّم من ذلك الانفصام المروّع والمدمّر بين الواقع والشعار في دولة «ولاية الفقيه»، ويقول، لا فضّ فوه، تعليقاً على استمرار رفع شعار «مقاومة الغرب» في بعض المنتديات والنواحي والتنظيمات، «ان البعض كان يتغنى بشعار المقاومة، إلا أن إفقار البلد لا يُعتبر مقاومة».

وفعل «كان» يدل على ماضٍ مضى، لكن الشيخ رفسنجاني، الذي سبق وأعلن قبل نحو عام، ان إيران «أفلست» بالمعنى الحرفي للكلمة، يستخدمه في موضع المضارع الراهن والقائم، ويتدخل على طريقته الصادمة في النقاش الصاخب الذي لا يزال مندلعاً، بين مؤيدي الاتفاق النووي ومعارضيه، والذي يُعتبر (النقاش) استمراراً للاشتباك السياسي والفكري العام القائم بين الاصلاحيين والمحافظين، أو بين الدولتيين والثورويين، في شأن كل توجهات إيران، الداخلية والخارجية.

ما يقوله روحاني ورفسنجاني في خلاصته، هو أن السياق الذي حكم إيران في السنوات الماضية أوصل حسب الأول الى «قضايا اجتماعية واقتصادية« أي الى أزمات عميقة وبعيدة الأثر، وحسب الثاني الى حد «الافقار». وهما في ذلك، يقولان قول العارف ولا يرميان معرفتهما في غير موضعها، ويطلقان من داخل النظام حُكماً يدين هذا النظام ويؤكد كارثية نتاجه العام وعجزه المزدوج النظري والتطبيقي: أزمات داخلية متعددة الأبعاد في الشؤون المالية والاقتصادية والتنموية، وخواء تعبوي لا يعوّضه اللغو المفرط بمصطلح «المقاومة»، ولا باستخداماته المطاطة والمراهقة خصوصاً إذا كان من النوع الذي يضع «الغرب« في مرمى تلك «المقاومة»!

لا يحتاج الجوار العربي والاسلامي لإيران، الى شهادات توثّق وتؤكد الكوارث التي أصابته بدوره من جراء الأداء الآتي من مصدر القرار ذاته. واقع الحال يفيد بأن «معاناة» الإيرانيين تبدو مرحلية وعابرة ويمكن معالجتها بمقاربات جديدة شبيهة بتلك التي دفعت الى الذهاب نحو الغرب من أجل الاتفاق معه والتخلّي عن مقارعته بمحاولة انتاج السلاح الافنائي التدميري الشامل، في حين ان «معاناة» الآخرين في هذا الجوار، الذين وضعتهم دولة «ولاية الفقيه» في صلب طموحاتها، تبدو أعمق بكثير من إمكانية معالجتها بمقاربات تسووية أو تصالحية جديدة!

ما فعلته السياسة الخارجية الايرانية في بضع سنوات، تعجز أفحل العقول التآمرية الغربية (والاسرائيلية) عن انتاج جزء يسير منه على مدى عقود وعقود! بل لا تجوز المقارنة بين الأمرين أساساً: تكفي نكبة السوريين وتدمير بلد بحجم بلدهم! ونكبة العراقيين والاستثمار المخزي في تركة نظام صدام حسين! ونكبة اليمنيين والاستفادة الانتهازية الرخيصة والمسفّة من الحالة الاجتماعية والاقتصادية لبلدهم ولواقع تنوعهم الذي لم يكن أحد ينتبه إليه خارج اليمن! ويكفي البناء على مصيبة اللبنانيين في الاحتلال الاسرائيلي وفي تراكمات وتداعيات حربهم الطويلة وممارسات سلطة الوصاية الأسدية. وتكفي محاولات التخريب المبنية على فرضية الفتنة في دول الخليج العربي وفي البحرين والكويت خصوصاً.. يكفي كل ذلك النتاج العام لدولة «الولي الفقيه»، كي يكون الحكم عليها في الداخل والخارج هو ذاته، وان تباينت الى حدود كبيرة، الأثمان والتداعيات والتأثيرات والكوارث.