ترى مصادر سياسية تابعت عمليات تركيب اللوائح والصفقات التي تمّت بشكل علني، ويتم تداولها في الإعلام، كما في أوساط القواعد الناخبة، أن إعلان التحالفات الإنتخابية لم يأتِ من عبث، وذلك على الرغم من كل ما يسجّل من انتقادات وحملات. ومردّ هذه القراءة إلى أن نقاط الإلتقاء بين الحلفاء السياسيين الجدد الذين التقوا على جبهة المواجهات الإنتخابية كثيرة، وإن كانت مستجدّة في الوقت نفسه، كما توضح هذه المصادر، والتي تعتبر أن من شأن هذه التركيبات الإنتخابية أن ترسم صورة عن التوازنات السياسية المقبلة في مجلس نواب 2018، وهي مختلفة بشكل شبه كلي عن التوازنات الحالية، والتي عبّرت عنها بالأمس مطالعات النواب المرشحين وغير المرشحين في جلسات مناقشة مشروع قانون موازنة العام الحالي.
وحدها الظروف الإقتصادية، هي التي ستشكّل المحور الأساسي في المعادلات التي سترسو عليها نتائج الإنتخابات النيابية المقبلة، بعدما تدرّجت العناوين من الأمن والسياسة إلى المال والإقتصاد والأمن الإجتماعي ومكافحة الهدر والفساد، في كل الشعارات المرفوعة من قبل غالبية اللوائح الإنتخابية، سواء كانت في محور قريب من قوى الثامن من آذار، أو في محور قريب من 14 آذار، علماً أن المحورين قد انخرطا في اصطفافات جديدة تحت سقف الشركة، وبناء المؤسّسات ومكافحة الفساد، كما هي الحال في الخطاب الإنتخابي لـ«حزب الله» أو «القوات اللبنانية» أو تيار «المردة» أو حزب الكتائب أو حركة «أمل» أو «التيار الوطني الحر»، على حدّ قول المصادر السياسية، والتي تجد اليوم، وعشية الإستحقاق الإنتخابي، أن حديث مكافحة الفساد وعرض أبوابه، كما ورد في كلمة النائب حسن فضل الله بالأمس، هو بمثابة المؤشّر البالغ الدلالة على خطاب سياسي ـ إقتصادي، كان قد أطلقه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله أخيراً، وأعلن فيه برنامج الحزب الإنتخابي، والذي يرتكز على مكافحة الفساد في الدرجة الأولى، وليس على التعبئة السياسية لجمهوره وفق عناوين سياسية محلية وإقليمية.
وإذا كان الهدف، وفق المصادر نفسها، هو تحصين بيئة «المقاومة» في ظل التراجع الإقتصادي وحالة الركود الذي تعاني منها كل القطاعات وكل المناطق والشرائح الشعبية، فإن هذا البرنامج المعيشي والإجتماعي، والذي نتج من عملية تلمّس الواقع الشعبي في بعض الدوائر الإنتخابية، والتي جرت خلال جولات مسؤولي المناطق في الحزب على المواطنين والمناصرين، يقترب من برنامج أحزاب أخرى غير حليفة للحزب، ولا تلتقي معه في العناوين السياسية مثل حزبي الكتائب و«القوات اللبنانية» اللذين انخرطا في محاربة الفساد، ولو كل على طريقته، وبالتالي، فإن تقاطعاً واضحاً قد سُجّل على هذا الصعيد، ومن الممكن أن يؤسّس لمرحلة تعاون مستقبلية في إطار مجلس الوزراء انطلاقاً من نتائج الإنتخابية النيابية المقبلة.
وينــطلق هذا التــقاطع من الأهداف التي تكاد تكون مشتركة، والتــي ترفع عنوان مكافحة الفساد إلى مرتبة عنوان التعايش الوطني والسيادة والشركة، وتحويله إلى أولوية لدى القوى السياسية كافة ومن دون استثناء، وذلك من أجل تعزيز ثقة اللبنانيين جميعهم بوطنهم، ومساعدتهم على الصمود في أرضهم في وجه أي عدوان خارجي إسرائيلي كان أم إرهابي، أم تكفيري، كما تؤكد المصادر السياسية، ذلك أن عدم الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي، يؤدي إلى إضعاف الشعور الوطني، وإلى إضعاف المؤسّسات فانهيارها عند أي استحقاق أو تحد داخلي أو خارجي.