IMLebanon

جونز والراعي والتسوية…

في مجمل الصورة الرئاسية الجديدة التي اطلقها الرئيس سعد الدين الحريري تجاه النائب فرنجية فان الاجماع والتأييد لها لم يكن يعتبره الجميع مجرد نزهة وحتى رئيس تيار المردة المعني الاول بها يعي ان طريقه نحو بعبدا وان كان سيصلها في النهاية الا انها كباقي الاستحقاقات الاساسية الكبرى مليئة بالمطبات، هكذا حصل مع اسلافه من المرشحين وهذا ما يمكن ادراجه في طريق ترشحه للرئاسة الا ان اوساطاً حزبية في الثامن من آذار تعتبر ان هناك بعض السوء لامس تظهير هذه المبادرة وفق التالي:

1- الرئيس سعد الدين الحريري لم يضع حلفاءه في ما سيقدم عليه خصوصاً داخل قوى 14 آذار التي تعاني الامرين وتحديداً القوات اللبنانية التي كانت تعمد الى تسليف المستقبل مواقف اساسية انطلاقاً من الساحة المسيحية، ولا ريب في القول من موقع المؤكد ان الدكتور سمير جعجع وتيار المستقبل اصابتهما هذه المبادرة في المقتل، وان جعجع وفق ما يجري في معراب ومن خلال زوارها لن يغفر هذه الخطيئة المميتة التي ارتكبها الحريري بحق القوات حتى ولو زار الحريري فيما بعد معراب وعقد لقاء مع جعجع لم يطلبه الاخير الا ان اعترافات بعض القيادات في القوات توحي ان المغفرة غير واردة ليس بفعل واقعة فرنجية بالذات انما وفق ما يعتبره هؤلاء من ان الحريري لا يرى في حلفائه سوى تابعين له وغير مقررين في شيء، وتقارب هذه المسألة حسب هذه الاوساط نفسها ان زيارة الحريري الى دمشق في الاعوام الماضية ونومه في منزل الرئيس السوري بشار الاسد لم يتم بلعها بعد وهكذا دواليك فان مجمل قوى 14 آذار اما من نوع المتسلقين او الساكت خوفا على مقاعد نيابية او من صنف اخر مما كان يعول على تمويله في صريح العبارة.

2- وعلى صعيد تيار المستقبل فان بعض ألوان الوجوه فيه تدل على المعصية التي ادخلهم الحريري فيها وهي في مطلق الاحوال نزلت كالصاعقة عليهم وما زال حتى الساعة يردد النائب احمد فتفت ان التسوية لم تجمد لانها لم تطلق بعد وهذا يحمل في طياته اشارات واضحة الى الجهود التي ستبذل في اتجاهين: الاول ترميم العلاقات بين المستقبليين والثاني باتجاه الحلفاء الذين اراد البعض منهم الرحيل عن لبنان على خلفية هذا الترشيح والبعض الاخر يتطلع نحو مستقبل مظلم لحياته السياسية.

3- وفي مقلب الثامن من آذار فان ابلاغ العماد ميشال عون لم يحصل من قبل حلفائه على حد تعير القريبين منه مما ادى الى وقوع دعسة ناقصة من اساس المبادرة، على ان العلاقة بين فرنجية وعون لم تتحكم بها فترة شهر العسل منذ فترة ليست قصيرة بالرغم من عدم صدور كلام مباشر من كلا الزعيمين بحيث يتولى القريبون منهما تمرير الثناء على العلاقة بينهما الا ان واقع الحال ليست الصورة قائمة على هذا التبرير بالذات بل ثمة كسر حصل بين التيارين لا يمكن نكرانه مهما تعاظمت التبجيلات.

4- ثمة رابع وهو الاول في هذا السيناريو الرئاسي وهو الرئيس نبيه بري الذي رأى ان افضل سيناريو هو التفاهم بين عون وفرنجية وكأنه بذلك وفق مصادر نيابية يرمي حمل مبادرته في الساحة المسيحية وهو يعي مدى ثقل هذه الاوراق التي من الصعب حملها ونقلها بين الرابية وزغرتا، وكذلك فعل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط حين تواصلت البسمات لديه في لقاء كليمنصو مع فرنجية ليستدير بعدها نحو معالجة ملف الحشيشة مع قريبه نوح زعيتر والدعوة الى عقد جلسة نيابية لقوننة هذه الزراعة، لا شك ان هذه المصادر تعتبر ان رمي الكرة بين عون وفرنجية فيه الكثير من الخبث السياسي ليبرز السؤال التالي: لماذا لم يعمد بري وجنبلاط الى تهيئة الارض بين المردة والتيار الوطني قبيل حياكتهما لهذا اللباس الذي يوشك على تمزق بعض اهدابه؟ أليست المبادرة انقاذية ووطنية وتسووية او صفقة لانهاء الشغور الرئاسي الذي يرغب به الجميع فلماذا تم تمريرها دون معرفة قادة مسيحيين وعلى رأسهم عون وجعجع، الا ان الاخطر ما تكشفه هذه المصادر عن ان ليس في العمل السياسي أمر ابن ساعته وهذا ما تبين للمبادرة التي يناهز عمرها اشهراً عديدة، أما اذا كان الأخذ بها بالتوافق بين الحريري وبري وجنبلاط دون اعلام المسيحيين وهذا واقع تبيّن فيما بعد، وعلى الخلفية نفسها يعي جنبلاط ان الموارنة منقسمون في الاساس ودون دفع من احد فكيف اذا كانت الرئاسة الاولى هي الموضوع الاساس؟!

5- الا ان هذا الواقع لا يعفي القيادات المسيحية الاربعة من مسؤولياتهم تجاه اعتمادهم تغليب الرئاسة الاولى بين الاقطاب مما سهل اطلاق النار عليهم سياسياً، وبالتالي لو تركوا منفذا في غياب تفاهمهم لأمكن اللجوء اليه بواسطة مرشح من خارج هذا السجن ينال التأييد من القادة ومن بكركي الا ان الحائط حالياً بات دون اية ثغرة يمكن الولوج اليها سبيلاً للوصول الى التوافق، مع اشارة الى ان البطريركية المارونية لن تدعو الاقطاب الاربعة الى اي لقاء مع البطريرك بشارة الراعي خشية من الفشل مما يزيد الاعباء مضاعفة، ومن رحلة الراعي الى مصر اليوم في زيارة راعوية وزيارة النائب ابراهيم كنعان اليه ظهر امس وتلقيه ثناء من سيد بكركي على جهوده والتي بات متعباً جراءها حيث قال له الراعي: كل ما انتهت قضية يتم التوكيل لك بواحدة أكبر.

6- إلا ان اللافت امس اكانت زيارة القائم بالاعمال الاميركي ريتشارد جونز الى بكركي وكلامه الغير مرئي حول تسوية منطقية لان وقت اجراء الانتخابات قد حان ولا يجوز وضع العراقيل، وهذا ما يذكر هذه المصادر بالكلام المعتاد في بكركي بالذات من سفراء أميركا لدى كل استحقاق رئاسي،و المعلومات حول الزيارة التي احيطت بالكثير من التدابير الامنية للمرة الاولى في الصرح البطريركي ان جونز يتساءل امام الراعي عن سر رفض التسوية الرئاسية لدى اقطاب من الموارنة بشكل حصري فيما القيادات الاسلامية ترحب بها، والبطريرك الذي يريد ملء الشغور نظراً للاهوال الحاصلة في المنطقة سار معه في التساؤل نفسه دون تحديد اسماء معينة، ولكن تضيف المعلومات ان السفير جونز حاول معرفة امكانية تمرير بكركي للتسوية المقترحة بمجيء النائب فرنجية رئيساً وكان جواب الراعي منطقياً للغاية وواقعياً في آن معاً بأن الرئاسة الاولى لطالما شهدت هذا التجاذب الذي يمكن ان يكون مقبولاً حين يكون الوضع هادئاً في المنطقة ولبنان الا ان الخوف على مصير لبنان والمسيحيين يفترض بالزعماء الموارنة تقدير الموقف من نواحيه الوطنية العامة، لكن الراعي رفض رفضاً قاطعاً الدخول في الاسماء والبدائل.