IMLebanon

الأردن في يوبيله المئة يُجدّد العهد: و”تستمرّ المسيرة”

 

 

مثلنا مثله، الأردن يحتفل هذه السنة بيوبيله المئة، ونحن إحتفلنا قبل حين بيوبيلنا المئة، لكن شتان ما بين عمّان المزهوة بأنوارها وبيروت المترنّحة تحت الظلمة. في يوبيله المئة للأردن، اليوبيل الماسي، قصدنا السفارة الأردنية في لبنان واستمعنا لسفير الأردن في لبنان وليد الحديد في كيفية تخليد الأردن مرور مئة عام على تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية.

 

بينما لبنان على “صوص ونقطة” والبلد في فم الضباع وأصحاب مقولة “الوعد الصادق” يُنذرون من يتجرأ ويقول لهم: كفى، بالويل والثبور وعظائم الأمور، غصنا، مع السفير، في ذكرى مرور مئة عام على تأسيس دولة المملكة الأردنية الهاشمية. هو كان يبحث مع لبنان في تصدير التفاح. وبدا منهمكاً كثيراً في الشأن اللبناني وهو الذي لم يَمضِ إلا عام على تسلمه مقاليد سفارته فيه. هو لا يرغب في التوغل كثيراً في الشأن السياسي اللبناني بل اكتفى بالكلام عن “أردنه” في اليوبيل المئة تحت عنوان: “وتستمرّ المسيرة”. فماذا لديه ليقول؟

 

هو عاد الى الوراء كثيراً الى تاريخ تأسيس إمارة شرق الأردن عام 1921 على يد الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين الذي استشهد اغتيالاً في تموز عام 1951 على أبواب المسجد الأقصى. ويومها نودي بالأمير طلال بن عبدالله ملكاً على الأردنية الهاشمية لكنه لم يستمر حاكماً لأسباب صحية، فنودي بالملك حسين بن طلال ملكاً حتى العام 1998 ليتولى العرش بعد غيابه الملك عبدالله الثاني ابن الحسين. ولأن التفاصيل في التاريخ. أكمل السفير كلامه: عملت الدولة الأردنية بقيادتها الهاشمية بجد واجتهاد وبنت مؤسساتها المدنية والعسكرية والأمنية والبنية التحتية والإقتصاد والتعليم والصحة والزراعة والمياه… وكل ذلك ضمن سيادة القانون. وكلنا يعلم أن القوانين الجيدة تؤدي لخلق قوانين أفضل.

 

دافعت الأردن عن حدودها وقضايا الأمة على مدار مئة عام. وتحملت الأعباء السياسية والعسكرية والإقتصادية على الرغم من قلة الإمكانيات والموارد وكثرة التحديات والمؤامرات. فضلاً عن تنمية مقدرات الأردنيين ورفع مستوى معيشتهم. تحديات كثيرة واجهتها الأردن خرجت منها الدولة، بحسب سفيرها في لبنان، متماسكة قوية ووفية لقيمها ومبادئها. يضيف: شرع الملك عبدالله الأول بتأسيس الجيش العربي عام 1923 بعد استثناء الأردن من وعد بلفور. وكان الملك المؤسس حريصاً على ضمّ رجالات الأردن البارزين من حوله ليشكل وحدة وطنية قوامها التعاون والمشورة والإلفة. واستطاع بذلك مواجهة كثير من التحديات فقام بعقد معاهدات الى ان حصل العام 1946 على الاستقلال التام للدولة الأردنية.

وكان حريصاً على بناء الأردن على كل المستويات وأسس أول حكومة عرفت باسم حكومة الشرق العربي التي أصبحت الآن حكومة المملكة الأردنية الهاشمية. وعرف عن الملك المؤسس أنه كان شاعراً وأديباً. وأتى بعده نجله الملك طلال بن عبدالله الذي على الرغم من قصر فترة حكمه التي لم تتجاوز العام الواحد إلا أن التاريخ الأردني سجل له انجازات رائدة بينها وضع دستور عام 1952 الذي كفل استقلالية الدولة الأردنية وحقوق الشعب ومساواتهم، كما وسّع قاعدة التعليم الإلزامي وجعله مجاناً، وأصدر قانون ديوان المحاسبة، كما وقع إتفاقية الدفاع العربي المشترك والتعاون الإقتصادي. أتى بعده الملك الحسين بن طلال وتسلم سلطاته الدستورية في العام 1953 ليقود الأردن في مسيرة بناء ونهضة. وكانت اولى كلماته التي أطل بها على الجمهور: فليكن النظام رائدنا والتعاون مطلبنا والإتحاد في الصفوف رمزنا وشعارنا ولنعمل متناصرين متعاضدين لنبني وطناً قوياً ينعم بخيره الوفير جميع المواطنين على السواء”.

 

مسيرة الملك الحسين لم تكن طبعاً سهلة وطريقه كانت وعرة بحكم الواقع الجيوسياسي لكنه نجح في مسيرته التي استمرت خمسين عاماً في تسطير البطولات ومواجهة التحديات وبدأها في تعريب الجيش الأردني وإلغاء المعاهدة البريطانية للتخلص من التبعية الأجنبية والإرتقاء بمستوى الخدمات كافة. وكرّس الملك حسين الإنتخابات البرلمانية والبلدية ودعم الحياة الحزبية وحقق العدالة والمساواة.

 

ويوم أتى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين واصل رحلة البناء في مرحلة هي الأكثر تعقيداً لما تعانيه المنطقة المحيطة من أزمات ونزاعات كان لها الاثر الكبير على الجانب الإقتصادي والسياسي والإجتماعي في الشرق الأوسط ككل. وكانت أولويته، ودائماً بحسب السفير الحديد، تعزيز علاقات الأردن مع مختلف دول العالم، حاملاً لواء القدس والقضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية والمسيحية، كما سعى الى حفظ السلام في المنطقة والإصلاح السياسي في النزاعات القائمة في الدول المجاورة. وكما شجع الملك عبدالله الشباب على الإنخراط في النقاشات وتولي زمام المبادرة في مختلف الشؤون الوطنية وأَولى الرعاية الصحية الأولوية.

 

واليوم، في اليوبيل المئة، في 2021، تأكيد جديد على القوة الرمزية للعقد الإجتماعي الوطني وتجديد البيعة السياسية التاريخية لأبناء العشائر الأردنية والعناصر المتعددة من عبدالله الأول الى عبدالله الثاني بهدف ترسيخ منهج الدولة الأردنية في الحفاظ على الأصالة والتقاليد والإنفتاح والتحديث.

 

الأردن اليوم تجدد العهد “وتستمر المسيرة”.