انسداد شرايين التواصل يُفاقم الأزمة الاقتصادية ويُعجِّل بالانفجار الاجتماعي
دخل لبنان في اجازة بمختلف ملفاته واستحقاقاته، وبالتالي فإن «الستاتيكو» سيبقى هو المسيطر على الساحة الداخلية الى بدايات العام المقبل، من دون وجود أي مؤشر في الأفق الداخلي والخارجي بإمكانية ان نترقب أية حلول لمسألة الانتخابات الرئاسية او معالجة الملفات الاقتصادية والنقدية، لا بل إن المخاوف قائمة ومبررة من ان نكون امام المزيد من الازمات السياسية والاجتماعية في ظل إنسداد شرايين التواصل بين مختلف القوى السياسية، التي تتمترس وراء مواقفها معلنة انها ليس في وارد التراجع قيد أنملة ظناً منها أن ذلك يقوي موقفها ويساعدها على تحقيق مراميها، حتى أن الزيارة التي تردد بأنه سيقوم بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عشية الميلاد لزيارة وحدة بلاده في قوات «اليونيفل» وإمكانية ان يتفرع عنها لقاءات محددة مع مسؤولين لبنانيين باتت بحكم المؤجلة إلا في حال طرأ ما يبدد ذلك في ما تبقى من الآن الى السبت المقبل، حيث ان الخارج ما زال يعتبر ان لبنان ليس اولوية بالنسبة له وسط الانشغالات الموجودة بما يجري من تطورات في المنطقة.
الأنظار تتجه إلى ما سيتفرَّع عن مؤتمر الأردن من لقاءات حول الملف اللبناني
وعليه فإن الانظار تتجه الى ما يمكن ان يتفرع من لقاءات على هامش مؤتمر بغداد-2 في عمان، حيث ان بعض الاوساط تتحدث عن ان الملف اللبناني سيحضر وإن بشكل غير رسمي في محادثات عدد من المسؤولين الدوليين الذين ما زالوا يعطون الوضع اللبناني حيِّزاً ولو بسيطاً من اهتماماتهم وعلى وجه الخصوص الرئيس الفرنسي الذي سيكون حاضراً هذا المؤتمر، وعدا ذلك تقول الاوساط فإن الواقع اللبناني سيبقى على حاله من المراوحة التي تحكم على الملف الرئاسي بالترحيل الى العام المقبل.
واذا كان الكم الاكبر من المسؤولين اللبنانيين باتوا على قناعة تامة باستحالة انجاز الاستحقاق الرئاسي تحت قبة البرلمان في ظل موازين القوى الموجودة حالياً والتي يستحيل في ظلها ان يتفرد اي فريق سياسي في عملية الانتخاب، من دون حصول حوار جدي بين مختلف الافرقاء بلا اية شروط مسبقة، فإن هناك من يذهب من هؤلاء المسؤولين الى القول ان الحوار بات غير كافٍ للتفاهم على انتخاب رئيس، وان هذا الاستحقاق بات يحتاج الى تدخل خارجي فعلي وجدي على غرار ما كان يحصل في استحقاقات مماثلة، وان هذا التدخل الخارجي ما زال غير متوافر الى الآن لاسباب متعلقة بالوضع اللبناني الداخلي اولاً، وبفعل ما يجري في المنطقة لا سيما الحرب الروسية – الاوكرانية ثانياً، وهذا المشهد يدعو هؤلاء المسؤولين الى الجزم بأن الفراغ الرئاسي سيستوطن في قصر بعبدا لأمد طويل، وانهم يعتبرون ما قاله ديفيد هيل بأن هذا الفراغ سيمتد لسنوات لم يأتِ من العبث بل إن المسؤول الاميركي قصد ما اعلنه وإن تراجع عنه في اليوم التالي، وهذا الامر يستدعي من حكومة تصريف الاعمال التعامل مع هذا الواقع بشكل لا يستفز اي فريق سياسي بانتظار ما يمكن ان يتبلور عن الحراك الذي تقوم به باريس ومعها الدوحة والذي ما زال في بداية حياكة تصور ما من الممكن ان ينتج عنه تسوية تؤدي الى اخراج الاستحقاق الرئاسي من عنق الاشتباك السياسي.
وتبدي مصادر وزارية مخاوفها من وصول البلد الى انفجار اجتماعي في حال بقيت السوق السوداء متفلتة من عقالها واستمر سعر صرف الدولار بالارتفاع والذي يؤدي بدوره الى ارتفاع هائل في الاسعار على مختلف الصعد لا سيما المواد الغذائية، وقالت: كيف يمكن لبلدان يخرج من ازماته طالما ان الحوار بين مكوناته السياسية مرفوض، والتوافق على اي استحقاق مستحيل، مشددة على ان الخوف بات مبرراً من امكانية حصول هذا الانفجار الاجتماعي في وقت ليس ببعيد بعد ان وصل سعر صرف الدولار الواحد الى عتبة الخمسين الفاً وهو ما لا يمكن لغالبية الشعب اللبناني تحمله، متسائلة عما اذا من الممكن ان يبقى الوضع الامني في منأى عن الاحتقان الحاصل سياسياً ونقدياً، داعية الى اخذ هذا الامر بعين الاعتبار والتعامل بشكل جدي معه، واخذ ما يلزم من اجراءات لتجنب حصوله لانه سينجم عن ذلك وضع كارثي يضع لبنان في قبضة الشيطان.
وترى المصادر ان ما يزيد الطين بلة، انه في الوقت الذي يجب ان يكون هناك قرارات استثنائية واجراءات لمواجهة الازمة الاجتماعية المتفاقمة نرى ان هناك من يرفض انعقاد مجلس الوزراء او على الاقل التفاهم على صيغة محددة لتسيير امر البلاد والعباد بعد ان اخفقت اللجنة الوزارية الرباعية التي انبثقت عن اللقاء التشاوري في السراي من تحقيق هذه الغاية.