Site icon IMLebanon

هل ينجح مُخطط ضرب اليرزة «بخزانها البشري»؟ 

 

قائد الجيش: طرابلس «مش ارهابية»… ولن تكون

 

في بيروت ازمات سياسية من «فج وغميق»، اما شمالا فللمعارك طابع آخر يختلط فيه الاجتماعي بالسياسي بالامني، حيث طرابلس التي كوتها تجارب السنوات الماضية، والتي عادت الحملات من جديد لتصويرها كبؤرة حاضنة لمشاريع «الامارات الاسلامية» خلافا للوقائع والمعطيات، رغم بعض التحركات ضمن رقع جغرافية معينة.

 

فالحملاتُ الممنهجة على طرابلس لتصويرها «قندهار داعشية» وبؤرة امنية ينمو فيها التطرف، تقوى وتخفّ «غب الطلب»، على بورصة اعتبار الجيش «البعبع» الذي يريد الانتقام من «اهل السنة» في الشمال عامة والفيحاء خصوصا، عبر معلومات مضللة عن توقيفات عشوائية وملاحقات في حق شيبها وشبابها، بهدف تأليب تلك البيئة على المؤسسة العسكرية، ما دفع بقائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي يتابع الملف الشمالي بادق تفاصيله، الى زيارة فعاليات المدينة الروحية، واضعا النقاط على الحروف، قاطعا الطريق امام «الحرتقات» التي ارتفع منسوبها في الفترة الاخيرة، مستفيدة من بعض الثغرات لتاكيد حق يراد به باطل، ليقولها بصراحة «طرابلس مش ارهابية وهي لبنانية لبنانية لبنانية»، دافنا بامساكه العصا من الوسط، عبر ادانته التطرف والتشدَّد حياله، مقابل جزمه بان الجيش ينظر الى الامور بعقلانية وبموضوعية، وفي قراراته، لا مكان لظلم أي كان.

 

وبغضّ النظر عما حُكي ويُحكى عن مؤامرات خارجية، وعن عدو يريد إرجاع اللبنانيين إلى العصر الحجري، وعن دور لعوكر أو غيرها، لعلّ من المفيد التوقف عند الملاحظات الآتية:

 

– أولاً: بات من الواضح أن ثمة مخططٌ مرسومٌ منذ سنوات يهدف إلى ضرب الجيش في عقر داره وخزّانه البشري في عملية منظّمة، تهدف إلى تفكيك الدولة ونشر الفوضى، بعدما كان سبق ونجحت تلك التجربة في فترات سابقة بإخراج «المسيحي» من المؤسسة، نتيجة الصراع الذي قام عام 1990 بين الجيش بقيادة الرئيس ميشال عون و «القوات اللبنانية»، والذي لم تنجح حتى الساعة كل المحاولات في إعادة هذه الفئة من المجتمع للإنخراط في المؤسسة العسكرية.

 

هو المشروع نفسه إذاً، بحسب مصادر شمالية، يجري تطبيقه حالياً، عن دراية أو عن جهل، في محاولة لإخراج «السنّي» من الجيش، عبر ضرب بيئته الشمالية الحاضنة خصوصا، وهو ما قد يصل في مرحلة من المراحل إلى حدود أن نشهد ظواهر غير سليمة. كل ذلك، خدمةً لمشروع جهات تتعمد بين الحين والآخر تمرير وضخّ معلومات مضخمة عن مخططات وخلايا إرهابية تعمل في علم الغيب، لأهداف تتقاطع عند الرغبة بانفجار خزان الجيش البشري وانقلابه على جلده.

 

– ثانياً: إصرار المافيا، وبحماية «رسمية» لاهداف مختلفة، على عدم السماح بالمساس بمنظومة التهريب القائمة، حيث تشير المصادر الرسمية إلى أنه رغم كل الحملات والمداهمات التي شهدناها على مدى الاشهر الماضية، فإن عمليات التهريب مستمرة عبر المعابر الشرعية، و «على عينك يا دولة»، وفقاً لنفس الآلية المُتّبعة منذ أكثر من سنة، والتي باتت جهات معنية عديدة، تملك معلومات وصور مفصّلة توثّق تلك العمليات، مستفيدة من ضعف الامكانات ومن الوضع المعيشي الاقتصادي الذي اثر بشكل كبير على جهوزية القوى العسكرية والامنية. الخطير على هذا الصعيد ما كشفته التحقيقات الاخيرة عن خطورة تهريب الاشخاص عبر تلك الحدود، وخصوصا من تعمل داعش على تجنيدهم.

 

– ثالثاً: واضحٌ أن الطبقة الحاكمة تعمل على حماية نفسها ومصالحها بالتكافل والتضامن فيما بينها، وما كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن انه يجب ان «نتحمل بعض»، وايحاءه عن تضحيته الكبيرة التي قدمها في تلقّف كرة النار الحكومية لمساعدة الإنتفاضة والثورة على تحقيق التغيير عبر الإنتخابات النيابية، سوى نموذج واضح عن تلك المقاربة، حيث يعمد الجميع «إلى ترويض الشارع بعد كل أزمة»، رامين في وجه الناس «جرّة عسل» الإنتخابات النيابية، التي باعتراف الجميع وفي ظلّ التوازنات الحالية، لن تقدّم ولن تؤخّر في العملية أو التركيبة السياسية. من هنا كانت الجهود المبذولة لإجهاض أي تحرك في الشارع والعمل على استيعابه بالتي هي أحسن وصولاً للإستحقاق النيابي. ولكن هل كل مرّة ستسلم الجرّة؟

 

الأسئلة التي تُطرح كثيرة، لن ترحم ولن توفّر أحداً يوم الحساب. ما علاقة الحديث عن الإرهاب وملفاته والاحداث الامنية بموضوع تاجيل الانتخابات؟ والسؤال الأهم، لماذا سُمح لهذه الحالة أن تتفاقم إلى هذا الحد، طالما أن الأجهزة الأمنية والعسكرية كانت قادرة على التحرك وتملك المعطيات والمعلومات اللازمة؟ ومن هو الشخص أو الجهة التي أخّرت هذا التحرك، الذي يبقى دون فائدة كونه ليس الحل ولأن توقيته يكشف أهدافه؟

 

لأنو العسكري لازم يفهم والمدني لازم يعرف في ظلّ «العصفورية» التي نعيشُ فيها، المطلوبُ كثيرٌ والموجودُ قليل، و «القلّة بتولّد النقار»، في وقتٍ لا شيء يدلُ أن الأمورَ ذاهبةٌ نحو الأفضل، أو أقلّه ثابتةٌ على ما وصلت إليه، في حالِ استمرَّ «الستاتيكو» السلبي القائم. نقطةٌ مشتركة واحدة، قوى عسكرية وأمنية، في مقدمتها الجيش، لضبطِ الوضع وتنفيذ «القانون»… هو قدر الجيش كما اللبنانيين، وجهاً لوجه أم جنباً الى جنب، ما عاد هناك من فرق… طالما النتيجة واحدة والهدف واحد.