Site icon IMLebanon

اختصروا طريق الخروج من المحنة.. وانتخبوا قائد الجيش رئيساً

 

ألقت الانتخابات النيابية أوزارها، والتفتت القوى السياسية لتجني حصادها وليدخل البلد مرحلة جديدة من الصراعات السياسية التي سوف تشتدّ على خلفيّة إعادة إنشاء السلطة وتركيبها مع مجلس نيابي جديد يحمل المزيد من عوامل المواجهة على جميع المستويات، خاصة مع خسارة «حزب الله» وحلفائه للأغلبية وتشكّل معارضة متنوّعة بين كتلة كبرى للقوات اللبنانية ونواب 17 تشرين وحزب الكتائب والمستقلين، وهذا يؤشِّر إلى غياب أفق الخروج من المحنة والخراب وجهنم هذا العهد.

 

غياب الأكثرية الحاسمة: استمرار النزاع على المواقع الدستورية

لم تحصل القوى السيادية على ما يمكّنها من إيصال مرشح سيادي إلى رئاسة الجمهورية، وطبيعة تكوين القوى النيابية لن توصل إلى توحيد رؤيتها حول مرشح في مواجهة قوى الممانعة.

في المقابل، لن يستطيع «حزب الله» تكرار ابتزازه للبنانيين ولن يتمكّن من فرض جبران باسيل رئيساً للبلد، مهما بلغ به الطغيان والفجور والتعطيل، لأنّ من في الجلس النيابي اليوم لن يساوموا ولن يكرّروا كارثة المجيء بميشال عون جديد!

الأكيد أن تكرار الصفقات مع «حزب الله» سيعني إغلاق آخر أبواب الرجاء أمام اللبنانيين للخروج من هذا الجحيم، كما أنّ الإصرار على مرشح سيادي سياسي لن يكون هدفاً متاحاً في نهاية المطاف.

لن يتمكّن «حزب الله» من فرض إرادته على اللبنانيين في الاستحقاقات الدستورية، لكنّه بالتأكيد يراهن على تفرّق صفوف من يقف ضدّ سياساته وسلاحه غير الشرعي، ويعمل على تصديع وحدة معارضيه بشتى السبل والوسائل وبجميع الطرق وعلى كلّ الصعد والمستويات.

ضرورة اغتنام الفرصة

يعتقد أغلب اللبنانيين الرافضين لسلاح الحزب ولسيطرته على البلد أنّ ما حصل من انتصار عليه في الانتخابات يجب أن يتلازم مع خطوات سريعة قبل أن يستردّ الحزب أنفاسه، وقبل أن يتمكّن من التلاعب بالمعادلة السياسية أو الشعبية، وهو قادر على المناورة في اتجاهات كثيرة، وهذه فرصة لا يجب أن يتيحها له الخصوم، كما حصل بعد جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، عندما قبلت قوى 14 آذار بالدخول معه في حكومات تسويات انتهت إلى ما أصبحنا عليه الآن.

حكومة المستقلين

لهذا يصبح خيار حكومة المستقلين والاختصاصيين التي نادت بها ثورة 17 تشرين خياراً أكثر من مطلوب، ويمكن العمل لتثبيته ضمن أغلبية وازنة بدون الخوف من أن يلجأ «حزب الله» إلى العنف في الشارع لأنّ انزلاقه إلى هذا المسلك أثبت عدم جدواه، وخاصة بعد واقعتي خلدة وعين الرمانة، فضلاً عن أنّ هذا السلوك ارتدّ خسارة معنوية وميدانية كبيرة عليه من حيث التقييم العام.

سقوط حملات الافتراء على الجيش وقائده

دأب جبران باسيل وسليمان فرنجية، وهما مرشحا الممانعة، على كيل الاتهامات بحقّ قائد الجيش وعلى الطعن بإنجازات قيادة المؤسّسة العسكرية، وعملا بكلّ الوسائل من أجل استبعاد العماد جوزاف عون عن المشهد الوطني وهذا ما فشل جميع من وضع نفسه في موضع الخصومة مع العماد جوزاف عون في تحقيقه رغم عنف الحملات وتطاول الألسنة واحتفاظ قائد الجيش بفضيلة الصمت وترك الإنجازات تنطق وتخبر اللبنانيين حقائق الأمور.

 

الجيش أهل الثقة والأمانة

أثبت الجيش اللبناني في كلّ المحطات التي خاضها أنّه أهلٌ لثقة اللبنانيين وأنّه قادر على حفظ الأمن والاستقرار رغم كلّ الضغوط والاستهداف من مواقع في المنظومة الحاكمة، لأسباب متداخلة، منها من يريد إضعاف الجيش كمؤسسة ضامنة لوحدة الوطن، ومنها من ير إزاحة قائده لحسابات السباق الرئاسي، كلاهما فشل في هذا الاستهداف.

إطفاء الفتنة في خلدة وعين الرمانة

ففي مواجهة الفتن والاضطرابات، أمسك الجيش زمام المبادرة، وأطفأ الفتنة في غزوة الثننائي المذهبي لعين الرمانة وأسكت نيران الاستفزاز وأخرج البلد من ورطة كان يُرادُ لها أن تكسر جناح منطقة سيادية وأن تُخضع أهلها، وأن تلغيها وتهجِّر أهلها بشكلٍ تدريجي، وصولاً إلى ما يشبه الوضع في حارة حريك التي لم يبق للمسيحيين فيها سوى أسمائهم على جداول الشطب!

وفي محطة الاعتداء على أهالي خلدة، ورغم الحرب الشرسة على الجيش والقضاء، غير أنّ قيادة الجيش منعت منطق شريعة الغاب وأوقفت مسار التحريض وحالت دون فلتان الأوضاع، على الرغم من التدخل المباشر لرأس «حزب الله» في هذه الواقعة.

حماية الانتخابات

وعشية الانتخابات النيابية، واجه الجيش كارثة غرق مركب الموت في مياه طرابلس، وما رافق هذه الكارثة من استثمار وتجييش وإذكاءٍ للفتنة ومحاولة إشعال طرابلس في وجه المؤسسة العسكرية، فاحتوت القيادة هذه الكارثة من منطلقات إنسانية ووطنية، بينما سقط نواب طرابلس ومن تبوّؤوا المسؤولية فيها في مستنقع العجز والفشل وخيانة الأمانة.

حمى الجيش الانتخابات وفرض الأمن على مساحة الوطن، باستثناء ما تعطيه السلطة السياسية من مساحة مستباحة للسلاح غير الشرعي بموجب معادلة ما يسمى الجيش والشعب والمقاومة، وأمّن في مناطق الدولة المحرّرة الانتظام العام، بينما سادت الفوضى وشريعة الغاب في مناطق السلاح وخاصة في دائرة بعلبك الهرمل.

رؤية سيادية واقعية:

انتخاب قائد الجيش

لا شكّ أنّ الاستحقاقات الداهمة هي أكبر من أن تدخل في بازارات السياسة، وأنّ على القوى السيادية أن تضع رؤية سريعة وواقعية لأولويات الخروج من المحنة الأكبر في تاريخ لبنان المعاصر وأن تقارب الفرص القائمة وتعمل على أساسها، والمسألة الأهمّ هي أن نصل إلى النقطة الأقرب للإنقاذ من دون تنازلات تمسّ جوهر الالزام بالسيادة الوطنية.

هذه المعادلة، تؤدّي مباشرة إلى ضرورة التوافق والتفاهم على دعم قائد الجيش العماد جوزاف عون. فالرجل سياديّ وطني من الطراز الرفيع، من دون أن يكون منحازاً لحزب أو لفئة، وهو يمتلك من الحكمة والقدرة على تجنيب البلد حالات الاصطدام مع «حزب الله» ليكون في النهاية موضع عدم ممانعة على الأقل من الحزب وحلفائه، إذا كانت لديهم إرادة بعدم اندثار لبنان.

وهذا التوجه إذا حظي بالدعم، فإنّه يختصر زمن الأزمة ويسهم في إعادة وصل لبنان بأشقائه العرب وأصدقائه الدوليين، وهنا تبدأ خطوات التعافي الاقتصادي والاجتماعي.

نقطة التقاء تحفظ السيادة

وتمنع التفجير

رغم تضارب وافتراق المصالح بين «حزب الله» والقوى السيادية، غير أنّ نقطة واحدة يمكن أن تجمعهم لتمرير المرحلة الانتقالية وتفادي الانهيار الكامل، لأنّ تداعياته ستطال الجميع، مهما كانت قوّتهم، والواضح أنّ الحزب الذي طرح أمينه العام التفاهم على الأمور الملحة حياتياً، وتعليق النقاش حول سلاحه لمدة عامين، سيجد نفسه في النهاية بين خيار رئيس سياديّ خصم، وبين رئيس سيادي يمتلك القدرة على الحوار من منطلق الحفاظ على ثوابت الدولة.

يحظى قائد الجيش العماد جوزاف عون بثقة العواصم العربية والدولية، كما أنّه ليس في حالة عداء مع طهران، رغم التباين الواضح في النظرة إلى لبنان، لكنّه  يبقى المرجع الأكثر قدرة على استيعاب حالة السلاح وإيجاد مندرجات المرحلة الانتقالية، سواءاً بالنسبة للسلاح غير الشرعي أو بالنسبة للخروج من الكارثة الاقتصادية والمالية.

الجيش.. صورة لبنان الجميلة

الجيشُ هو صورة لبنان الجميلة بكيانه وتنوعه وصلابته وحرياته وتوازنه وانفتاحه، وهو لا يمكن أن يكون على صورةٍ تناقض أصل تكوين الوطن، فهو غير منحاز إلى حزب أو طائفة أو مذهب، بل هو متموضعٌ في قلب المعادلة الوطنية، وحولها يجب أن يدور الرحى، فينضمّ إليها المخلصون ويخرج عليها المارقون أصحاب المشاريع الخارجية.