Site icon IMLebanon

لماذا يتقدّم اسم قائد الجيش في الاستحقاقات الرئاسيّة؟

هل يكون العماد جوزاف عون العسكري الخامس في رئاسة الجمهوريّة؟

 

مع كل استحقاق دستوري لانتخاب رئيس للجمهورية، يُطرح اسم قائد الجيش كمرشح محتمل وهذا ما بدأ يظهر منذ ما بعد الاستقلال، وكانت التجربة الاولى مع قائد الجيش اللواء فؤاد شهاب، بعد انتهاء ولاية الرئيس كميل شمعون، التي كانت دموية في وجه الخيار السياسي الذي اتخذه في ان يكون في المشروع الاميركي ضد التمدد الشيوعي، وكان يهيىء نفسه للتمديد له، كما حصل مع سلفه الرئيس بشارة الخوري، الذي انتهى عهده بـ “ثورة بيضاء” فرضت عليه الاستقالة في نصف الولاية الممددة له، فكان التطلع الاميركي نحو قائد الجيش ليكون رئيس الجمهورية، كتسوية حصلت مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وجيء باللواء شهاب رئيساً للجمهورية، لانه حيّد الجيش من الصراع الداخلي.

 

فكان اول وصول لقائد الجيش الى السلطة في ايلول 1958، دون انقلاب عسكري، وكانت المنطقة بدأت تشهد انقلابات عسكرية.

 

وحاول الحزب السوري القومي الاجتماعي القيام بانقلاب عسكري، مستعيناً بضباط اعضاء في الحزب ومن ابرزهم فؤاد عوض وشوقي خيرالله وعلي الحاج حسن، لكنه فشل في ذلك، وتحوّل الحكم الشهابي الى عسكري بوجه مدني، يحكم بمخابرات الجيش (المكتب الثاني).

 

فعرف لبنان اول اختبار لقائد جيش في السلطة، وليس للجيش، لان في داخله كان معارضون للحكم، وقد جرى استغلال انقلاب القومي، للاطاحة بضباط لانهم لا يتفقون مع التوجه السياسي لشهاب، وبعضهم كان ولاؤه شمعونياً، كالعقيد فؤاد لحود الذي دخل السجن واصبح نائباً في السبعينات.

 

فمنذ نهاية الخمسينات، وكل قائد جيش يعد نفسه برئاسة الجمهورية فسعى اليها ايضاً مديرو مخابرات في الجيش قبل الطائف، وجورج خوري بعد الطائف، فانتخب ثلاثة من قادة الجيش لرئاسة الجمهورية وهم: اميل لحود، ميشال سليمان وميشال عون، الذي انتظر نحو ثلاثة عقود ليصل الى قصر بعبدا بعد تعيينه رئيساً لحكومة عسكرية مبتورة من التمثيل الاسلامي فيها، واشترط عون ان ينتخب هو رئيساً للجمهورية، او سيمنع حصول الاستحقاق وتخريب كل تسوية اذا لم يكن هو فيها رئيساً للجمهورية، الى ان حصل له ذلك، في العام 2016، وانتخب رئيساً للجمهورية بعد ان اصرّ على اسمه “حزب الله” الذي اقام معه “تفاهم مار مخايل” عام 2006.

 

اما لماذا يظهر اسم قائد الجيش كمرشح دائم لرئاسة الجمهورية، كما في احيان يبرز اسم حاكم مصرف لبنان، بعد وصول الرئيس الياس سركيس الى رئاسة الجمهورية في العام 1976، وطرحت اسماء كل من ادمون نعيم وميشال الخوري، واخيراً رياض سلامه، وان من يصل الى رئاسة الجمهورية، هو قائد الجيش وليس الجيش الذي رفع العميد فؤاد عون شعار “الجيش هو الحل”، وعاد ليتردد مؤخراً من قبل النائب السابق ايلي الفرزلي، حيث يقرأ مرجع سياسي مخضرم بطرح اسم قائد الجيش رسالة بعدم الثقة بالسياسيين وادائهم، الذي كان يوصل لبنان الى ازمات واحتراب داخلي.

 

والتداول باسم قائد الجيش كرئيس للجمهورية، بات تقليداً منذ ما بعد الاستقلال، وقد وصل ثلاثة من قادة الجيش الى رئاسة الجمهورية، بالتتابع، بعد التسعينات بدءا من انتخاب اميل لحود الى ميشال سليمان واخيرا ميشال عون، ولو كانت المسافة الزمنية بعيدة من العام 1988 الى 2016، وقد نجح في تأطير جمهور واسع وراءه منذ ان كان في قصر بعبدا رئيساً لحكومة عسكرية، بشعارات شعبوية.

 

فهل هذا الاختيار لقادة الجيش منذ فؤاد شهاب، عمل سليم ويدخل في اطار النظام البرلماني، والعملية الديموقراطية، ام ان الظروف الداخلية واخرى اقليمية ودولية تفرض قائد الجيش رئيساً للجمهورية.

 

ان كل قائد جيش وصل الى الرئاسة الاولة اتى به عامل خارجي، هذا ما حصل مع شهاب الذي اوصله اتفاق اميركي ـ مصري، ولحود اختاره الرئيس السوري حافظ الاسد في عنوان لصحيفة “الاهرام”، ولوقوفه مع المقاومة في لبنان وعدم التصادم معها، وسليمان اتى به “اتفاق الدوحة”، بعد معارك عسكرية في مخيم نهار البارد، وضبط الامن في الداخل اللبناني، بالفعل بين المقاتلين على المحاور بين قوى 8 و14 آذار وعدم اظهار عدائه للمقاومة وسوريا، في تلك المرحلة من العام 2008 وما قبله، كما ان “تفاهم مار مخايل” اتى بالعماد عون رئيساً للجمهورية الذي قام بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، واختبر في اثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان صيف 2006، فوقف عون مع المقاومة التي نفذت وعداً قطعه السيد حسن نصرالله لمؤسس “التيار الوطني الحر”.

 

فالخارج هو صاحب الكلمة، في اختيار رئيس الجمهورية وقائد الجيش احدهم، وان طرح اسم العماد جوزاف عون، كخيار لرئاسة الجمهورية يقرره التفاهم الداخلي، ويقره موقع القرار في الخارج، وهو ما ينطبق ايضا على اي مرشح مدني، حيث الظروف الداخلية والعوامل الخارجية، هي من تقرر في صناعة رئيس الجمهورية، وهو ما جرى منذ انشاء “دولة لبنان الكبير” في اول ايلول 1920، الى الاستقلال وما بعده، والى الاستحقاق الحالي الذي استهلك سبع جلسات لمجلس النواب، والنتيجة نفسها.

 

فهل يكون فشل النواب في انتخاب رئيس للجمهورية، واستمرار الشغور الرئاسي ودخول لبنان في مزيد من التدهور على كل الصعد، موشرا كمرشح الزامي لانهاء مسرحية انتخاب رئيس للجمهورية، واسدال الستارة على المسرح؟

 

الجواب رهن الظروف في الاسابيع المقبلة.