على الرغم من أنها جاءت رداً على سؤال، لا يمكن إنكار أهمية رسالة “الثناء” التي وجهها عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي عمار، بعد إنتهاء الجلسة الأخيرة المخصصة لإنتخاب رئيس الجمهورية في المجلس النيابي، إلى قائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون، حيث أكد أن عون “قدم نموذجاً طيباً في ادارته للمؤسسة واستطاع أن يحمي السلم الأهلي”.
هذه الرسالة، التي شدد عمار على أنها غير مرتبطة بالإستحقاق الرئاسي، تأتي بعد تسريب خبر إجتماع قائد الجيش مع رئيس وحدة الإرتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، بالرغم من أن الأجواء التي تلت هذا الإجتماع، بحسب معلومات “الديار” أكدت أيضاً على أنه غير مرتبط بالإستحقاق الرئاسي، لكن في لبنان لا ينبغي تجاهل توقيت أي أحداث حتى ولو كانت عابرة.
بالنسبة إلى مصادر متابعة، هذه الرسائل تأتي في ظل إستمرار الخلافات بين قوى الثامن من آذار و”التيار الوطني الحر” على كيفية مقاربة الإنتخابات الرئاسية، خصوصاً بالنسبة إلى رفض رئيس التيار جبران باسيل تبني المرشح المفضل لدى قوى الثامن من آذار رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، ما يعني أن عدم نجاح المشاورات التي لا تزال قائمة من المفترض أن يفتح الباب أمام خيارات أخرى، قد يكون عون أبرزها.
بالتزامن، تلفت هذه المصادر إلى أن الواقع الحالي في البلاد يعزز المخاوف من تطورات سلبية، لا سيما على المستوى الأمني، وبالتالي من مصلحة الحزب إعادة ترتيب العلاقة مع قائد الجيش، بعد التأويلات السلبية التي أعطيت لمواقف أمينه العام السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير، خصوصاً أن بعض الجهات الأميركية لا تزال تُصر على تسويق نظرية أن العمل على دعم الجيش يعزز قدرته على الوقوف بوجه الحزب.
ما تقدم، يقود من حيث المبدأ، من وجهة المصادر نفسها، إلى معادلة أن الحزب لا يريد أن يقفل الأبواب أمام تسوية من الممكن أن تقود عون إلى رئاسة الجمهورية، من دون أن يعني ذلك أنه في وارد التخلي عن فرنجية في وقت قريب، نظراً إلى أن مشاوراته مع حلفائه لا تزال في بداياتها، بينما التطورات القائمة على المستوى الإقليمي لا تشجع الحديث عن تنازلات ستقدم من قبل أي جهة، وبالتالي الأمور لا تزال تحتاج إلى المزيد من الوقت كي تنضج على المستوى العملي.
بالمقابل يأتي ثناء حزب الله على قائد الجيش في لحظة دولية هامة، حيث تكشف المصادر أن الأليزيه يبحث جدياً بفكرة دعم جوزاف عون للرئاسة بشكل علني، مع العلم أن الإدارة الفرنسية لن تلجأ الى خيار مماثل ما لم يكن مدعوماً من الإدارتين السعودية والأميركية، وترى المصادر أن توجه باريس الى اعلان دعم ترشيح قائد الجيش يعني أن اسم الرجل قد أعطي دفعة قوية للوصول الى بعبدا، علماً أن هذا لا يعني تخلي الثنائي الشيعي عن مرشحه سليمان فرنجية، خاصة اذا ما كانت الظروف الإقليمية غير مساعدة للدخول في تسوية من هذا النوع، بغض النظر عما يحدث من ضغوط على المحور الذي ينتمي اليه الثنائي، كما أنه من الضروري عند قيام باريس بأمر مماثل، انتظار ردة فعل التيار الوطني الحر، الذي أكد رئيسه اكثر من مرة رفضه لوصول عون الى بعبدا، خاصة بعد أن أصبح واضحاً نوعية الشخصية التي يريدها باسيل في سدة الرئاسة…