IMLebanon

قائد الجيش مرشّح بلا فريق عمل… “رأسه بالأمن لا بالرئاسة”

 

يدخل كلّ قائد جيش حكماً نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية في بلد أثبت معظم رجالات السياسة فيه فشلهم في إدارة الحكم، لذلك تُصبح المؤسّسات الملاذ الأوّل لتكوين السلطة السياسية. كانت هذه النظرية صالحة في المرحلة الماضية مع وصول ثلاثة قادة للجيش على التوالي إلى سدّة الرئاسة الأولى في جمهورية “الطائف”، وهؤلاء الرؤساء هم: إميل لحود وميشال سليمان وميشال عون، لكنّ الوضع مختلف مع قائد الجيش الحالي العماد جوزف عون.

 

منذ تولّي العماد عون زمام المؤسسة العسكرية والبلاد تعيش الأزمة تلو الأخرى، فالرجل وضع نصب عينيْه تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، فكانت معركة “فجر الجرود” في أيلول 2019، لكنّ هذه المعركة لم تنه المعاناة اللبنانية، فأتت إنتفاضة 17 تشرين 2019 لتشكّل أكبر استحقاق تمرّ به البلاد والمؤسسة العسكرية، ومن ثمّ جاء الإنهيار الإقتصادي ليكمل مسلسل الأزمة. وأمام كل هذه الأوضاع الصعبة نجح قائد الجيش في اجتياز الصعاب بأقل الخسائر الممكنة، لنصل إلى خريف 2022 والبلاد تعيش الفراغ الرئاسي، فكان اسم قائد الجيش الحاضر الأكبر في هذا الإستحقاق.

 

لكن ما هو غريب في أمر قائد الجيش الحالي، أنّ رئاسة الجمهورية هي حلم كلّ ماروني يتعاطى الشأن العام أو الإدارة، في حين أنّ العماد عون لا يبالي بهذه المعركة بل يصبّ كلّ اهتمامه على حشد المساعدات لعناصر الجيش ولتأمين استمرارية المؤسسة العسكريّة. ويؤخذ على قائد الجيش أنه لم يُشكّل فريق عمل أو يكلّف أي شخص تسويق اسمه في الداخل أو عواصم القرار الفاعلة في الملف اللبناني وكأنّ هذا الإستحقاق لا يعنيه أو أنه غير مرشّح، وينقل عدد من المتحمّسين لوصوله إلى بعبدا عدم رضاه عن أدائه في الملف الرئاسي، فكلّما فاتحوه في الملف الرئاسي يجيبهم بأنه مرتاح أينما هو وكلّ همه أن تمرّ الأزمة على البلاد والعباد وأن يُسلّم الأمانة.

 

ويُعتبر عدم تشكيله فريق عمل قريباً منه إحدى أهم نقاط ضعف تسويقه رئاسياً، خصوصاً أنّ هناك شخصيات مرشحة لديها ماكينات تعمل منذ سنوات وتوفد موفدين إلى الخارج لتسويق نفسها، بينما قائد الجيش لا يُفاتح أياً كان في هذا الملف. وتبقى علاقة العماد جوزف عون متينة مع الدول التي تدعم الجيش اللبناني، وعلى رأس هذه الدول الولايات المتحدة الأميركية التي تُقدّر عالياً جهود قيادة الجيش وأدائها، والأمر نفسه بالنسبة إلى الدول العربية التي تُقدّم المساعدات للجيش، وأيضاً فرنسا.

 

ومن جهة ثانية، فإنّ علاقة العماد جوزف عون مع روسيا تأتي في سياق تعاطيه مع كل الدول الصديقة، وإذا كان هناك عدم رضى روسي عنه لأنّه لا يشتري السلاح منهم، فإنّ لبنان لا يشتري السلاح من أي دولة، وهناك هبات أميركية وأوروبية وعربية تأتي إلى الجيش وهناك مساعدات تدريبية تُقدّمها هذه الدول إلى المؤسسة العسكرية.

 

ونظراً إلى حسم قائد الجيش قراره بعدم الغطس في وحول الأزمة الرئاسية، فإنّ كل الكلام عن أنه يُرسل موفدين إلى عواصم القرار ومن ضمنها موسكو لا أساس له من الصحّة، ويأتي هذا الكلام في سياق التصويب على قائد الجيش، في حين أنّه هو لم يدخل في هذا البزار أصلاً، وهناك تأكيدات من العاصمة الروسية نفسها بأنّ قائد الجيش لم يُرسل أي موفد إليها، وكل من يذهب يكون بصفته الشخصية وليس مرسلاً من العماد عون.

 

لا شكّ أنّ البعض يطرح اسم قائد الجيش في سياق التمني وينظر إليه كخشبة خلاص لأنه نجح في إدارة المؤسسة العسكرية ويستطيع إدارة البلد، في حين أن قسماً آخر يصوّب عليه في إطار الحرق، لكن الحقيقة هي في مكان آخر، وأقصى تمنيات قائد الجيش أن يجتاز البلد أزمته ويبقى الكيان.