لن تتغير المشهدية الرئاسية غداً في مجلس النواب بنحوٍ يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية. هذه الجلسة قد تشهد خرقاً ما على شكل رسالة يبعث بها رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الى «حزب الله» رداً على الرسالة الرئاسية التي وجهها «الحزب» الى حليفه عبر المشاركة في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة. عدا عن ذلك، لا تبدُّل في مواقف الأفرقاء الأساسيين الرئاسية. «المعارضة السيادية» مستمرّة بترشيح النائب ميشال معوض و»حزب الله» ينتظر اللحظة المناسبة للعب ورقة مرشحه رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية.
إزاء هذه المراوحة وتعذُّر تأمين 65 صوتاً أقلّه لمعوض، تبرز تساؤلات عن الخطوة التالية لـ»المعارضة السيادية»، خصوصاً أنّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع سبق أن أعلن رداً على سؤال أنّ «القوات» لا تعارض وصول قائد الجيش العماد جوزاف عون الى رئاسة الجمهورية. فهل تنتقل «القوات» من دعم معوض الى ترشيح قائد الجيش؟ وفي أي توقيت؟
لا تزال «القوات» على خطتها الرئاسية ولن تتخلّى عن تبنّي ترشيح معوض وانتخابه. أمّا مسألة دعم قائد الجيش فلها مقاربة مختلفة. وتوضح مصادر «القوات» أنّ موقفها من انتخاب قائد الجيش رئيساً جاء رداً على سؤال صحافي، وهي لم تعلن ترشيحها للعماد جوزاف عون أو ستخوض معركة إيصاله الى الرئاسة، بل «إذا توافر إجماع على انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية، سنكون جزءاً من هذا الإجماع». أمّا أن تعلن «القوات» ترشيح قائد الجيش أو أي شخصية أخرى فليس وارداً الآن، إذ «سنقع في المشكلة نفسها وهي أنّنا لن نتمكن من تأمين 65 صوتاً له». وتقول مصادرها: «المرشح الذي نتأكد من أنّنا يمكننا أن نؤمّن له 65 صوتاً سندعمه. فالمسألة ليست بالتسمية والقفز من مرشح الى آخر. ولذلك لا نتخلّى عن ترشيح معوض. فالأساس أن نؤمّن «النصف زائداً واحداً» وما فوق لهذا المرشح. وإذا لم نكن قادرين على توفير هذا الرقم له، لا جدوى من دعمه، على طريقة نواب «التغيير» الـ13، فتبديل الأسماء يضرب مصداقيتنا والأسماء في الوقت نفسه، فيما أنّنا تبنينا اسم معوض انطلاقاً من اقتناع بإمكانية تأمين 65 صوتاً له، بمعزل عمّا إذا كنّا سننجح في ذلك أم لا، جرّاء مواقف بقية مكونات المعارضة».
وتعتبر «القوات» أنّ تبنّيها أي مرشح غير معوض لا يغيّر في المعادلة الرئاسية، فـ»الاستعصاء في موضوع الاستحقاق الرئاسي سببه موقف الفريق الآخر. وطالما «حزب الله» لا يريد رئيساً نتيجة خلافاته، لا جدوى من طرح أي أسماء. أمّا وصول قائد الجيش الى سدة الرئاسة الأولى فلن يتحقّق إلّا بإجماع عام كبير، وذلك بعد أن يغادر «حزب الله» ترشيحه لفرنجية ويبدأ البحث في أسماء أخرى، وعندئذ يحصل تقاطع على هذه الأسماء ومن ضمنها اسم قائد الجيش».
وإذ إنّ انتخاب قائد الجيش رئيساً للجمهورية لن يحصل الّا بتسوية مزدوجة داخلية وخارجية، قد تشمل مطالب لـ»حزب الله» أو تضمن له «حماية ظهر المقاومة»، مع ما يستتبع ذلك من اتجاه هذا العهد الى مجاراة «الحزب»، وبالتالي تكون «القوات» ساهمت في إيصال رئيس سيراعي «الحزب» ودوره، أو يكون مقيداً بشروطه، إلّا أنّ «القوات» لا تخشى هذا السيناريو. وتقول مصادرها: «نحن لا نخاف شيئاً بل ننظر الى الأولوية في البلد، ولا عقدة لدينا لجهة البقاء في المعارضة والحفاظ على تموضعنا السياسي، فالأهم بالنسبة إلينا هو الحد من نفوذ 8 آذار داخل المؤسسات وفي طليعتها رئاسة الجمهورية. هذا الأساس بالنسبة إلينا. ومن المستبعد أن يتغيّر الشخص، انطلاقاً من مسار معيّن سابق، وهذا المسار لا يتغير بتسوية، فضلاً عن أنّ قائد الجيش لا يُمكن أن يصل الى الرئاسة الّا نتيجة توافق عام وكبير». وإذا تحقّق ذلك، تعتبر «القوات» أنّ «حزب الله» يكون خسر بمجرد تخلّيه عن مرشحه وبروز وضع جديد يأخذ الجميع الى تقاطع على اسم آخر».
منذ إعلان جعجع عدم معارضة وصول قائد الجيش الى الرئاسة انطلاقاً من مساره في قيادة المؤسسة العسكرية والتعامل مع الاستحقاقات الحسّاسة التي تخطّاها الجيش بقيادة العماد جوزاف عون بنجاح، يحاول البعض من «محور الممانعة» إحداث شرخ بين «القوات» وقائد الجيش بالتذكير بمشكلات بين الطرفين تعود الى مرحلة الحرب، وترويج أنّ قائد الجيش سيصفّي حسابات بعيدة مع جعجع متى تولّى رئاسة الجمهورية. هذه «النظريات» لا قيمة لها بالنسبة الى «القوات»، فقائد الجيش لو كان لديه مشكلة مع «القوات» لكان تصرّف في أحداث الطيونة وما بعدها كما أراده «الحزب» أن يتصرّف». أمّا العودة الى الحديث عن مراحل الحرب، فهذه عقلية هدفها، بالنسبة الى «القوات»، «الإساءة الى قائد الجيش والمؤسسة العسكرية وعقول اللبنانيين، فيما الحرب انتهت منذ 35 سنة ومعظم اللبنانيين يتطلّعون الى الأمام وليس الى الخلف».