Site icon IMLebanon

قطر تُعيد تسويق قائد الجيش.. والأنظار إلى ما بعد 19 أيار

 

وُضع السباق الرئاسي على السكة مع إطلاق كبار المعنيين رصاصة البداية الحقيقية للمرشحين وسط شد حبال واضح عززته زيارة زعيم “تيار المردة” سليمان فرنجية الفرنسية. من الواضح أن فرنجية لم يعد مظفراً من زيارته الباريسية لكنه لم يرفع الراية البيضاء بينما تلهث باريس وراء قبول دولي وخليجي به ليس ظاهراً، أقله في المدى المنظور. وتأتي زيارة وزير الدولة في الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي، لبيروت، وفق متابعين للشأن القطري، في إطار شد الحبال هذا من دون إعلانه رسميا سوى تحت عنوان الرئيس التوافقي وليس المحوري. على أن ثلاثة متغيرات تؤثر، وفق هؤلاء المتابعين، على الوضع اللبناني بدءاً من المشهد الإسرائيلي المنقسم على ذاته والذي يشكل عامل إرباك لحكومة بنيامين نيتانياهو الذي قد تؤدي به أزماته الداخلية إلى مغامرات خارجية وداخلية، ربما في سوريا حيث لا قرارات دولية ولا قواعد اشتباك مُلتزَم بها، وليس في لبنان، ما يعني أن حلف الممانعة سيتمسك بفرنجية في هذا الظرف الدقيق حتى الرمق الأخير. المتغير الثاني يتمثل في المصالحات الإقليمية السعودية الإيرانية، والسعودية السورية، والمصرية التركية، والسورية التركية، التي سيكون لها تأثير على الواقع اللبناني بما يساعد لبنان على انتخاب رئيس في النهاية. مع التأكيد أن هذا المتغير أراح الجو المحتقن مذهبياً في المنطقة ككل الذي تراجع إعلامياً بعد إتفاق بكين. ترى وجهة النظر هذه أن أولوية السعودية هي اليمن ثم لبنان، كون في العراق الأمور تسير بشبه تناغم حكومي بعد تعطيلها لمدة طويلة، وفي سوريا ثمة عمل على مصالحة مع دمشق تمظهرت ديبلوماسياً باتفاق فتح القنصلية السعودية على طريق فتح السفارة نفسها. وسيعزز ذلك ما تردد عن توجيه الرياض دعوة الى الرئيس السوري بشار الأسد لحضور القمة العربية في أيار المقبل ومعه ربما الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كضيفين ما يشير الى متغيرات حقيقية في المنطقة العربية والإسلامية. في خضم ذلك تتولى فرنسا الموقف الأوروبي أو الغربي إجمالا وهي حاورت “حزب الله” وتم إقناعه برئيس حكومة من غير محوره بغض النظر عن تسمية السفير نواف سلام، وباريس تعمل الآن على إقناع السعودية بضمانات قدمها فرنجية قبل أيام خلال لقائه مستشار الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون، باتريك دوريل، أكثر المتحمسين لفرنجية بما لا يشبه حماسة بعض أقطاب السياسة الفرنسية الآخرين، لكنها في الوقت نفسه رؤية ماكرون نفسه في التعاطي بواقعية وحتى مصلحية مع السلة الكاملة للحل اللبناني بما يحفظ مصالح باريس المالية والغازية في لبنان والمنطقة. يشير هؤلاء المتابعون الى أن موقف الرياض لم يتغير وتأتي زيارة الموفد القطري ضمن هذا التوجه، بل أن الدوحة تسعى، رغم تراجع حظوظ قائد الجيش جوزف عون، الى تعويمه من جديد وهو موقف تشترك فيه مع دول الخليج ومع الإدارة الأميركية. يدعو أصحاب الرؤية هذه الى انتظار شهرين لما بعد 19 الشهر المقبل في الرياض مع القمة العربية لقياس من سيكسب في شد الحبال الداخلي حول الرئاسى. فللرياض مشاريع كبيرة ومنها مشروع نيوم على البحر الأحمر والشراكة الاقتصادية مع الصين وثمة مباحثات لبيع النفط بالعملة الصينية بدلا من الدولار، ولهذا تريد الرياض استقرارا وانهاء حالة اللاستقرار انطلاقا من اليمن، فالنمو الإقتصادي في حاجة الى استقرار أمني. أما المتغير الثالث فدولي مع تعدد الأقطاب العالميين مع دخول روسيا والصين ما سيمنع فرض الولايات المتحدة الأميركية رئيساً وهي المنشغلة بالوحل الأوكراني. من هنا فإن حظوظ فرنجية ما زالت على قيد الحياة وثمة بين مؤيدي الرجل من يشير الى ان الزيارة القطرية ستأتي لصالحه نظرا لأن للدوحة مصالح تجارية وعقارية وغازية تريد حمايتها في لبنان ومصالحة الطرف الأقوى فيه أي “حزب الله”. لكن دون هذه النظرة في المجمل الكثير من الصعوبات وقد يعيد التاريخ نفسه مع ممانعة أقطاب مسيحيين، تحديداً الرئيس ميشال عون وزعيم “القوات اللبنانية” سمير جعجع، للفرض الدولي لرئيس حاصل على توافق دولي إقليمي كما حدث في العام 1988 مع رفض مخايل الضاهر ومقولة المبعوث الأميركي ريتشارد مورفي “الضاهر أو الفوضى” ومن المعلوم أن الضاهر كان حاصلاً على تأييد الطرف السوري، الأقوى حينها على المسرح اللبناني. يضاف الى المانع المسيحي العامل الإقليمي والدولي وعدم حماسة “حزب الله” لدفع الأمور الى الاشتعال الأهلي، فالطرف المسيحي لا يمزح عندما يقول إنه لن يقبل بفرنجية مهما كان الثمن. لكن المشكلة أن المعارضة لم تتفق حتى اللحظة على مرشح وهي ما زالت في الموقف السلبي من دون الانتقال إلى الإيجابية ومرشح واحد، مع التأكدي على قدرتها على تعطيل وصول فرنجية. في هذه الأثناء ستعمل قطر على تسويق طرح إضافة إيران الى اللجنة الخماسية للحل اللبناني (أميركا، فرنسا، قطر، مصر والسعودية)، ولقاء اللجنة في السعودية بدلاً من فرنسا التي تفقد، بتشددها لصالح دعم فرنجية، قدرتها على جمع أخصام محور “حزب الله” في لبنان.