فرنسا على الخط الأميركي – السعودي- القطري… اسمان رئاسيّان للغربلة في حزيران
فيما تتواصل زيارات السفراء الى القيادات والكتل النيابية والاطراف السياسية في العلن، ترافقها تصريحات تدعو دائماً الى الاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، مع الجملة المعهودة “لا نتدخّل في السياسة اللبنانية وخصوصاً في الملف الرئاسي لانه شأن داخلي يخص اللبنانيين وحدهم”.
هذه العبارات التي لم تعد تخدع اللبنانيين منذ عقود، لانّ وصول الرئيس يأتي دائماً على اجنحة الخارج، مع ضوء اخضر بالتوقيت الزمني لموعد انتخابه، ودخوله القصر الجمهوري ليتولى الرئاسة ست سنوات، لكن كل هذا يتطلب التوافق الداخلي على اسم المرشح، وإن كان التوافق الخارجي مطلوباً اكثر، لان عواصم القرار العربية والغربية تنشغل بالانتخابات الرئاسية في لبنان، فتبدأ كواليسها وخباياها قبل سنوات من موعدها، ليتم اختياره وفقاً لما هو مطلوب اقليمياً ايضاً، ووفق ما تبغيه الدول القربية بصورة خاصة، أي باختصار على الرئيس اللبناني ان ينال مباركة الجميع، وإلا لن يصل الى سدة الرئاسة، وفي حال انقلبت القاعدة تبدأ محاربته حتى يسقط بالضربة القاضية في المعنى السياسي، أي لا يتركونه يعمل وتبدأ محاربته من قبل فريق الداخل، وهذا يعني انّ الافرقاء اللبنانيين يحاربون بعضهم كما جرت العادة وبأوامر خارجية.
الى ذلك ثمة اسئلة تدور اليوم في ظل الحراك الرئاسي القائم، فمن خلال جولات يقوم بها بعض المسؤولين والنواب اللبنانيين، يقابلها حراك عربي عبر السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، الذي لم يهدأ منذ اسبوعين وسط الجولات التي يقوم، تحت عنوان ” المملكة تقف على مسافة واحدة من الجميع ، مع غياب “الفيتو” على اي مرشح رئاسي”، فيما الحقائق مغايرة لانّ المملكة تبحث عن رئيس يريحها من كل النواحي ولا يقف ضد سياستها في المنطقة، الامر الذي لم يكن متوافراً خلال السنوات القليلة الماضية، اي خلال العهد السابق، وفق ما يشير المسؤولون السعوديون، الذين يبحثون عن رئيس توافقي بعيد عن اي إصطفاف سياسي على غرار فريقي الممانعة والمعارضة.
من هنا اتت الزيارة التي قام بها قبل ايام السفير البخاري الى قائد الجيش العماد جوزف عون، والتي بقيت بعيدة عن الاعلام، ولهذا لقيت اهتماماً لافتاً لانّ كل زياراته على مدى اسبوعين لم تكن خفية، الامر الذي يطرح تساؤلات؟، الامر الذي استدعى زيارة من رئيس تيار “المردة ” سليمان فرنجية الى السفارة السعودية، وافيد وفق المعلومات بأنّ لقاء البخاري- عون حمل في طياته الصفات المطلوبة للرئيس المرتقب، والتي تنادي بها السعودية، كما انّ نتائج الاتصالات العربية والمحادثات الجارية تؤكد وجود تناغم سياسي رئاسي اميركي – سعودي حيال لبنان، وقد بدأ مسار هذا التناغم عبر تفويض الطرفين لقطر، للاهتمام الجديّ بالملف الرئاسي، والصورة ستتبلور الاسبوع المقبل خلال زيارة وفد قطري لبيروت، سيساهم في التقارب بين الاطراف وفق عنوان “ضرورة وصول رئيس توافقي الى بعبدا”، وإلا سيبقى الفراغ الرئاسي قائماً، على ان تجمع هذه المبادرة اسمين للرئاسة يتمتعان بهذه ، هما قائد الجيش والوزير السابق زياد بارود، على ان يحمل شهر حزيران المقبل الخيار المنتظر.
ووفقاً لمصادر مواكبة للملف الرئاسي، فإن لقاء عون- البخاري اوصل رسالة من الرياض الى اليرزة ، بأنّ الثلاثي الاميركي- السعودي- القطري لا يمانع وصول قائد الجيش الى القصر الجمهوري، لانه من افضل الاسماء المطروحة لهذا المنصب، وبالتالي فهو الرجل المناسب في المكان المناسب، خصوصاً انه نجح في قيادة المؤسسة العسكرية، وهو شخصية قيادية مقبولة من اكثرية، ونأمل وصوله الى هذا المنصب، علّه ينتشل لبنان قبل فوات الآوان، فهو يتمتع بالكفاءة، وحين يتم إعلانه رسمياً كمرشح وسطي سيتم تأمين نصاب الحضور، ونصاب الاصوات للدورة الثانية، مع إشارة المصادر المذكورة الى انّ اسم المرشح ميشال معوض لم يعد على اللائحة، لانّ المعارضة تتجه الى المضيّ بمرشح التوافق، وغير ذلك بات في خبر كان.
وفي السياق افيد بأنّ باريس عادت لتطلق عبارات رئاسية مغايرة ، من ضمنها انها لا تضع “فيتو” على اي مرشح، وستتعامل بكل ايجابية مع مَن يصل الى بعبدا، مع تغير لافت في موقف السفيرة الفرنسية آن غريو، الذي برز قبل ايام وتحديداً بعد زيارتها بكركي ولقائها البطريرك الماروني بشارة الراعي، العاتب على سياسة باريس، لانها تخطت فيه بكركي والقيادات المسيحية البارزة، لذا فالتصاريح باتت ليّنة اكثر، مع غياب اي رفض لوصول الوزير السابق زياد بارود او العماد عون.