الخيار الثالث يتقدم بعد استحالة القبول بأزعور أو فرنجية
إذا كان «الثنائي» قد تعاطى بإيجابية مع مبادرة البطريرك بشارة الراعي بشأن الاستحقاق الرئاسي، حيث ينتظر أن يستقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري في الساعات المقبلة رئيس أساقفة بيروت بولس عبد الساتر، بعدما كان زار الأخير الأمين العام ل»حزب الله» السيد حسن نصرالله، إلا أن المؤشرات لا توحي بكثير تفاؤل، بأن تحقق المبادرة البطريركية أهدافها، طالما أن الحزب و»أمل» غير مستعدين للتنازل عن مرشحهما سليمان فرنجية، وليسا بصدد البحث في أمر أي مرشح آخر. بدليل الحملة الشرسة التي شنها «الثنائي» على مرشح المعارضة و»العوني» وجانب من نواب «التغيير» الوزير السابق جهاد أزعور.
وانطلاقاً مما سبق، فإن كل المعطيات تشير إلى أن مسار جلسة الانتخابات الرئاسية ال12 ، في 14 الجاري، لن يتغير عما سبق في الجلسات ال11 الماضية. إذ سيعاود نواب «الثنائي» والمؤيدون تعطيل نصاب دورة الاقتراع الثانية، كي لا يصار إلى انتخاب أزعور.وهو الأسلوب نفسه الذي اعتمده «حزب الله» وحلفاؤه قبل انتخاب الرئيس ميشال عون. والذي يبدو بوضوح أنه مصر على استخدامه مجدداً، سعياً لإيصال مرشحه فرنجية إلى رئاسة لبنان هذه المرة، بعدما أوصل رسالة إلى حليفه السابق النائب جبران باسيل والمعارضة ومن معهما، بأن دعم أزعور، لا يعني القدرة على إيصاله إلى قصر بعبدا.
ولا يغرب عن بال أحد، أن الحزب و»أمل» يتعاملان مع الملف الرئاسي بنفس طويل، لاعتبارات عديدة داخلية وخارجية. فهما يدركان أن تمسكهما بالمرشح فرنجية، وسلوك كل الخيارات المسموحة لذلك، قد يوصلهما إلى تحقيق أهدافهما، انطلاقاً من تجربة الرئيس عون. فعامل الوقت، ربما يعتقدان أنه لصالحهما، سيما وأن «الثنائي» لا زال متسلحاً بالموقف الفرنسي الذي يعتقدان أنه على دعمه لرئيس «المردة»، بدليل ما أشار إليه الرئيس بري بهذا الخصوص. ولهذا لا يبدو أن الصورة قد تتغير على صعيد المشهد الرئاسي، في حال لم تخرج الجلسة الانتخابية المقبلة بأي نتيجة، ما قد يدفع رئيس البرلمان، إلى عدم الدعوة إلى جلسات جديدة، طالما لم يتحقق أي تقدم على هذا الصعيد، يفضي إلى الخروج من هذا المأزق.
ومن هنا فإن إصرار «الثنائي» على مشروعه، سعياً لفرض فرنجية رئيساً للجمهورية، إذا أمكنه ذلك، خلافاً لرغبة السواد الأعظم من المسيحيين الذين اختاروا أزعور مرشحهم لرئاسة الجمهورية. واستناداً إلى ما تقوله مصادر مسيحية ، من خلال توجهه إلى تعطيل نصاب الدورة الثانية من جلسة 14 الجاري الانتخابية، سيدفع بالوضع إلى مزيد من التعقيد، ويأخذ لبنان إلى مرحلة شديدة الخطورة لبنان ، سيما إذا ما جرى تجاهل الإرادة المسيحية التي ما زالت على موقفها الرافض لفرنجية، بانتظار ما سيقوله الأخير الأحد المقبل، من الملف الرئاسي، ومن سائر الملفات المطروحة.
وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل وفق لقراءة معارضة، أن «الفريق الآخر يريد الالتفاف على الدستور، من أجل استغلال عامل الوقت بالمماطلة والتسويف حتى يستطيع فرض مرشحه. لكن دون ذلك عقبات عديدة، لأن اللبنانيين لا يمكن أن يقبلوا بحصول هذا الأمر، مهما تعرضوا للضغوطات من جانب حزب الله والدائرين في فلكه». لكن في المقابل، فإن هناك من يرى أن مسار الأمور كما هي الآن، وبعدما أصبحت المواجهة محصورة بين أزعور وفرنجية، دون أن يتمكن أحدهما من تحقيق الفوز على الآخر، فإن الطريق قد تفتح أمام مرشح ثالث، سيتم البحث عنه بعد جلسة الرابع عشر من الجاري، وهذا ما يفتح الباب أمام عودة التدخل العربي والدولي، من أجل تهيئة المناخات أمام مرشح توافق، كخيار حتمي، للحؤول دون استمرار الشغور الرئاسي الذي يهدد البلد بعواقب وخيمة.
وفيما تتجه الأنظار إلى موقف كتلة «اللقاء الديمقراطي» من جلسة الانتخاب، المرجح اليوم، فإن التوجه لدى نواب الكتلة، قد يميل للاقتراع بورقة بيضاء، باعتبار أن النائب السابق وليد جنبلاط ينادي دائماً بالتوافق، رغم أنه كان من أوائل الذي سموا أزعور لرئاسة الجمهورية، في وقت أشارت معلومات إلى أن جنبلاط، لن يصوت لأزعور، كي لا يغضب حليفه رئيس البرلمان. وهذا ما يزيد من فرص البحث عن الخيار التوافقي الذي يجسده قائد الجيش العماد جوزف عون أكثر من غيره، وهو الذي يحظى بدعم خليجي، وتحديداً من الجانب القطري الذي يتبنى ترشيحه، وقد أسر بذلك في الجلسات الخاصة أكثر من مرة.