Site icon IMLebanon

المقارنة الظالمة

 

لم ينجح جبران باسيل بأن يستتبع قائد الجيش، فأراد أن يشوّه صورته بالطريق الأسهل، أي بأن يجعل من جوزاف عون في قيادة الجيش، صورة عن جبران باسيل في وزارة الطاقة.

 

لم يكن مستغرباً أن يحجز باسيل للعماد عون، مساحة كبيرة في إطلالاته الإعلامية، فالرجل مثير للقلق، خصوصاً إذا ما تمكّن بالنموذج الذي بناه في قيادة الجيش، من أن يصل إلى بعبدا. المقارنة بين النموذجين بدأت منذ سنوات، ولم تكن بالطبع لصالح وزارة الطاقة وبواخرها، بل أدت إلى تأكيد المؤكد بأن لا شيء سلبياً كان أم ايجابياً، يختفي تحت أشعة الشمس، ولو بعد حين.

 

يطرق باسيل المعاقب بتهم الفساد، الباب الخاطئ لمحاربة عون. لا يوجد لدى أي جهة داخلية أو خارجية أي شك، بأنّ قائد الجيش حصّن نفسه بعيداً عن الشبهات. لا بل على العكس تماماً، توجد ثقة بإدارته للمؤسسة العسكرية، وهي ثقة أثمرت مساعدات مالية، يتم ايصالها إلى الضباط والعسكر بالتساوي، وتشرف على توزيعها لجنة عسكرية، تعمل تحت الضوء. هذا يناقض طبعاً ما تعرّضت له المساعدة المالية التي استلمها العماد ميشال عون في العام 1988 من صدام حسين. 30 مليون دولار كان مصيرها حسب اللواء عصام أبو جمرا، أن تصب في حسابات الزوجة والعائلة، منذ ذلك التاريخ وإلى اليوم.

 

يطرق باسيل المعاقب بتهم الفساد، الباب الخاطئ لمحاربة العماد جوزيف عون. يمكن أن يقول إنّ عمه عيّن هذا الضابط قائداً للجيش «فتمرد علينا»، «ولم يكن أداة لنا»، ويمكن أن يتهمه بأنه لم يقبل بقمع ثورة 17 تشرين، باعتبارها اندلعت في وجه عهد ميشال عون، لكن أن يتهمه بصرف أموال الجيش على هواه، فهذه تكون أغرب مهازل السياسة، وأكثرها كوميدية. تشهد على ذلك فاتورة الـ9 آلاف جنيه استرليني، التي دفعت من جيوب اللبنانيين، كي يفتح صالون الشرف، في حقبة نُسفت فيها كل القيم.

 

تأتي الأموال للجيش فتصرف للعسكر، ولا تفتح بها صالونات الشرف، ولا تُستأجر بها البواخر، ولا توضع بحسابات الموثوقين، مع تعهد تحت الطاولة بهوية المالك الحقيقي. تأتي الأموال للعسكر، لأنّ الثقة العربية والدولية، بجوزاف عون موجودة. يتم تأمين الطبابة للعسكريين وعائلاتهم، بما يقارب الـ400 ألف نسمة، وكل ذلك لأنّ الثقة بأنّ الأموال تذهب لمستحقيها.

 

هذه الثقة هي التي تؤرق باسيل، وتجعله أسير المقارنة الظالمة، إذ لا مجال لوضع نموذجي الهدم والبناء، والاستقامة السياسية المستنقعية، في خانة واحدة.

 

هذه الثقة دفعت بباسيل إلى استجداء الجهات العربية الداعمة لانتخاب قائد الجيش رئيساً، كي تغيّر موقفها. حمل باسيل طرح دعم جهاد أزعور في زيارته الأخيرة لقطر، بعدما كان أوحى في بيروت أنّ هذا الطرح مناورة. كل ذلك كي يتخلص من كابوس المقارنة، مع من يخشى انتخابه رئيساً، أي مع من يستطيع أن يتمسّك بالارادة، وبالنية الصادقة لمحاربة المزرعة، واستعادة حلم بناء الدولة، بمشروع جدي ورصين وهادف، لا بالشهوة الدائمة للاسترزاق السياسي والمالي على حساب الناس.

 

فعلاً هي مقارنة ظالمة.