حادثة الكحالة “طويت”، ولم تعد تتصدر الأولويات الساخنة، بعد ان تم تطويقها وقطع دابر الفتنة في مهدها، لكن الترددات موجودة في الحسابات السياسية الضيقة ، فثمة من يربط بين كل تطور أمني والمسار السياسي لاقتناص الفرص والاستثمار كما حدث في موضوع الكحالة، التي وضعت تحت المجهر لتتبع ارتدادتها في كل المواضيع، فهي استخدمت في البازار الرئاسي لغايتين متناقضتين، فبالنسبة الى البعض كان الهدف إحراج وتطويق ترشيح قائد الجيش جوزاف عون، فيما حاول آخرون العمل لرفع حظوظه الرئاسية:
– الذين ضد ترشيح عون، كان واضحا تصويبهم على أداء الجيش من زاوية حماية حزب الله من قبل فريق سياسي .
– الذين يؤيدون ترشيح قائد الجيش اشادوا بدور الجيش وإدارته الملف، بغياب رئيس جمهورية وحكومة معطلة.
الاستثمار في التوترات السياسية والأمنية أمر طبيعي، كما تقول مصادر سياسية، فقائد الجيش جوزف عون ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية هما المرشحان الأبرز لرئاسة الجمهورية، وفيما يبدو وضع فرنجية مستقرا رئاسيا على دعم “الثنائي” له، بعد ان خرج من جلسة ١٤ حزيران بـ ٥١ صوتا مؤيدا له، فان اسم قائد الجيش حاضر بقوة في الملف الرئاسي أيضا، وحيث من الواضح ان هناك من يعمل لكسب الوقت من رصيد عمره في المؤسسة، ليتقاعد ويطير من لائحة المرشحين للرئاسة.
وليس سرا، تضيف المصادر، ان أسهم جوزف عون تعلو وتهبط وفقا للأحداث ، فالعماد عون من الأسماء المطروحة بقوة، وموازية تقريبا في الاستحقاق الرئاسي لفرنجية، ووفق المصادر، فإن قائد الجيش نجح في الاختبارات الأمنية الحرجة، مما حوله الى مرشح رئاسي أساسي، إلا ان تعاطي عون مع التوترات الأمنية كان لافتا مما أربك خصومه، ودفعهم للتهجم على طريقة المؤسسة العسكرية بإدارة الملفات الأمنية والتعاطي معها .
ثمة من يرى ان التوترات الأمنية والطريقة التي حوصرت بها لمنع انفلاشها نحو الأسوأ، رفعت رصيد العماد عون الرئاسي الذي سجل على ما يقول المراقبون هدفا قويا في مرمى النائب جبران باسيل المعارض لوصوله الى قصر بعبدا ، فقيادة الجيش تتعاطى بحكمة وموضوعية مع الملفات الأمنية ولا تنحاز الى اي طرف، فالجيش تعاطى بسواسية مع الجميع في الكحالة ، ولم يصدر أي موقف يثبت انحيازه لأحد، كما في مسألة الاستدعاءات لإفادات العناصر الحزبية المواكبة للشاحنة، بموازاة إستدعاءات من اهل الكحالة، فيما كانت خطوات التنسيق مفتوحة مع حارة حريك والقوى السياسية الأخرى.
ويسجل المراقبون غياب التوتر بين اليرزة وحارة حريك مقابل تعاون وتنسيق في الملفات الأمنية عند اشتداد الأزمات والمخاطر، حيث يؤكد السياسيون من مختلف الاتنماءات السياسية ان الجيش قطع رأس الفتنة في العديد من الأحداث التي وقعت مؤخرا، وواجه الاضطرابات الأمنية ومخططات هز الأمن والسلم الأهلي، ويسجل لقائد الجيش إمساكه بمفاصل المؤسسة وعمله لتأمين صمود العسكر والضباط في الأزمة الاقتصادية والإجتماعية الخطيرة .