الجلسة في مكتب قائد الجيش العماد جوزيف عون تشعرك بالطمأنينة، وبأنّ هناك رجلاً في الدولة لا يزال يؤمن بقيامة هذه الدولة. صحيح انه لا يوجد رئيس للجمهورية منذ حوالى العام، وصحيح أيضاً، أنّ المجلس النيابي معطّل بسبب التنافر والتناحر بين الكتل النيابية، وأنّ كل كتلة أو مجموعة أو حليف يغني على ليلاه، وكل فريق «يقيم» الدنيا ولا «يقعدها» ويعتبر نفسه انه الوحيد الوطني والحريص على الدستور وسط مزايدات عنوانها المصلحة العليا.
اما الحكومة فعلاً، فكان الله في عون المواطن ومعه رئيس الحكومة جرّاء من يضع العراقيل أمامه تحت أي ظروف، وبالأخص تلك الكتل التي يحاضر أفرادها بحرصهم على الوطن، وأنهم لن يقبلوا بالاخوة السوريين المهجرين من سوريا، ويعيشون تحت ظروف صعبة عسكرياً حيث آلة القتل لا تتوقف، وكذلك الظروف الاقتصادية حيث وصل راتب الموظف الى 17 دولاراً، والليرة السورية مقابل الدولار تنهار بشكل سريع ولافت، فصار كل دولار يساوي 14 ألف ليرة سورية، وصفيحة البنزين ثمنها 22 دولاراً أي أكثر من راتب الموظف بـ5 دولارات. فهذا عامل إضافي للهرب من سوريا.. والمصيبة أنّ رئيس الحكومة يدعو الى جلسة لبحث موضوع اللجوء السوري الى لبنان، في حين ان «الطفل الأنبوب» يزايد خارجياً، ويعقد اتفاقاً مع الجهة التي تهجّر السوريين الى لبنان، وبالمناسبة فهو يعتبر نفسه حليفاً لهذه الجهة.
وفد نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي ضمّ كلاً من الأساتذة:
– جورج سولاج نائب النقيب
– طلال حاطوم أمين السر
– فيليب أبي عقل
– نديم صاموئيل
– بسام عفيفي
– أسعد مارون.
في بداية اللقاء، طُرِحَ موضوع رئاسة الجمهورية، وبخاصة ان اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون بات متداولاً وبقوّة.. فكان جوابه حازماً وقاطعاً:
«لست مرشحاً، ولم يفاتحني أي مسؤول بالأمر». أضاف القائد: «المهم عندي هو الجيش، فبدون الجيش، لا بلد والحياة ستتوقف حتماً».
وأكد ان ما يحمي الجيش ويمكنه من الاستمرار رغم الظروف الصعبة، هو مناقبية عناصره، واستعدادهم للتضحية من أجل تحقيق مهمتهم الوطنية.. والعامل الثاني الذي يمكن الجيش من الصمود هو دعم الشعب اللبناني الكبير له؛ إضافة للمساعدات الخارجية التي يتلقاها. وكذلك لا بد من ذكر التبرعات التي قدمها المواطنون اللبنانيون داخل وخارج البلد، ومثال على ذلك ان مواطناً من مزيارة اشترى ارضا وبنى عليها مركزاً للجيش وقدمه لنا.
وتحدث قائد الجيش عن مخيم عين الحلوة وما يكتنف مهمة الجيش فيه من معطيات؛ وقال لا استطيع ان أجزم ان هناك قرارا بتوريط الجيش في حرب المخيم، ولكنني لا استطيع ان أجزم ايضا، بعدم وجود نيات من هذا النوع.. وأكد ان الجيش تعلم من درس نهر البارد بحيث اتخذ كل الاجراءات التي تحمي أمنه وأمن جوار المخيم اللبناني.
واستبعد القائد ان يتكرر مشهد مخيم النهر البارد في مخيم عين الحلوة؛ فالأول كان يوجد فيه تنظيم واحد هو المتطرفون الإسلاميون؛ أما في عين الحلوة فيوجد بداخله قوى مختلفة، ما يخلق توازن قوى..
واوضح ان الجيش وقبل تسلمه المسؤولية كان قد بنى بعض الاسوار لضبط حركة الدخول والخروج ولمنع تمدد المخيم الى الخارج والسيطرة على اراضي الناس، ولكننا توقفنا بسبب قلة الامكانيات، علما ان هذه الاسوار غير موجودة في منطقة التعمير لانها منطقة يسكنها لبنانيون وفلسطينيون وهي متداخلة مع المخيم.
وقال: لا نية لدينا لدخول المخيم ولكننا ارسلنا تعزيزات لتقوية مواقعنا فنحن في وسط الميدان بين الطرفين وقد استهدفت مراكزنا مراراً.
وأشار العماد عون إلى أن التهريب مضبوط الآن بنسبة تصل إلى 85 في المئة، وقال: “الحدود شاسعة ومفتوحة ومتداخلة، ولا نملك الإمكانات اللوجستية لضبطها بالكامل”، فلدينا ثلاثة آلاف عسكري في حين ان المطلوب أربعين الفاً، ونحن نقوم بكل ما يلزم، مؤكدًا أن ضبط التهريب مسؤولية مشتركة تبدأ بالمواطن مرورًا بالبلديات والإدارات الرسمية وصولًا إلى الجيش.
وكشف انه في موضوع التهريب فإننا نعتقل المهربين ونحيلهم الى القضاء وهو يخلي سبيلهم.
وبالنسبة للمخدرات، يؤكد قائد الجيش القضاء على كل مصانع الكبتاغون نتيجة المداهمات، ولكنهم اليوم لجأوا الى طريقة مبتكرة وهي إقامة معامل صغيرة في ڤانات متنقلة.
وركز قائد الجيش خلال اللقاء على موضوع الأمن، فقال: “أولويتنا الأمن، ونعمل ليلًا ونهارًا على ضبطه، فالسلاح منتشر ومتفلت، والقضاء لا يساعدنا في ضبط المتفلتين والمرتكبين والمخلين”.
أمّا في مسألة الحدود البرية، فتحدث قائد الجيش عمّا وصفه “باهتمام أميركي لترسيم الحدود البرية، وهناك 134 نقطة مختلف عليها ولكن جرى حل 7 منها وبقيت 5 والوحيد القادر على انجاز هذا الامر هو الوسيط آموس هوكشتاين.
وعن العشاء الذي جمعه بهوكشتاين قال: سبق لي ان دعوته خلال زيارات سابقة، ولكنه كان مشغولاً، وفي الزيارة الاخيرة تلقيت اتصالاً من السفيرة الاميركية لتبلغني بقبول الدعوة الى العشاء.
وعن الخلاف مع وزير الدفاع أوضح العماد عون ان المسألة ليست شخصية، وإنما هناك قانون ينظم الامور، فوزارة الدفاع هي سلطة وصاية على الجيش وليس الجيش خاضعاً لها، وأنا قائد للجيش ولست مديراً عاماً، وهذا ما يجعلنا مختلفين عن سائر الوزارات والمؤسسات. وأنا قلق من عدم تعيين رئيس للاركان..
وفي ختام الجلسة، خرج وفد النقابة أكثر اطمئناناً على سلامة الوطن… فَحِنْكة القائد وحكمته تجعلان من قيادة الجيش ملاذاً يحتمي به اللبنانيون، ويطمئنون إلى مصيرهم في المستقبل.