باريس تحذرّ المعنيين: الـ 1701 على طاولة التفاوض فاحسموا أمركم!
خالي الوفاض غادر الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الاراضي اللبنانية من دون ان ينتزع جوابا حاسما لا لجهة تأمين توافق الداخل اللبناني على انتخاب رئيس للجمهورية ولا لضمان التمديد لقائد الجيش جوزيف عون ولا حول تطبيق القرار 1701
الذي شكل اساس المحادثات التي قادها لودريان في بيروت مع المعنيين، فكل ما حصده لودريان حسب مصادر مطلعة على جو لقاءاته هو مجرد تمنيات : اولها تمن بالتمديد للعماد عون وثانيها تمن بالالتزام بالقرار 1701 وثالثها تمنّ بالاسراع في انتخاب رئيس للبلاد.
ولعل ابرز اللقاءات التي توجهت اليها الانظار في اليوم الثاني من زيارة لودريان هو الاجتماع الذي جمعه برئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد وبعده برئيس التيار.
وفيما بات معلوما ان لقاء لودريان برئيس التيار الذي دام فقط 7 دقائق غادر بعدها الموفد الفرنسي على خلفية رفض الاخير طلب لودريان التمديد لقائد الجيش جوزيف عون متمسكا بالموقف المبدئي للتيار لجهة تطبيق القانون وعدم التمديد خلافا لذلك، يبدو ان اللقاء مع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محد رعد والذي استمر لحوالى الساعة كان صريحا وواضحا وقد تخللته تهنئة فرنسية لحزب الله نتيجة تعامله مع الجبهة الجنوبية المفتوحة منذ 8 اكتوبر والتزامه بسياسة عدم التصعيد، كما حرص لودريان على تقديم التعازي للحاج رعد باستشهاد نجله لينتقل بعدها الحديث الى الملفات التي يحملها لودريان مكلفا من ماكرون وبتنسيق سعودي اميركي قطري.
ثلاثة ملفات كانت بجعبة الموفد الفرنسي الذي حرص على افراغها على طاولة النقاشات ولا سيما مع الحاج رعد اولها التمديد لقائد الجيش جوزيف عون، وفي مقاربته لهذا الملف، تكشف اوساط مطلعة للديار ان لودريان انطلق من وجوب عدم ترك الشغور يتسلل إلى قيادة الجيش، ولا سيما ان البلاد تمر بمرحلة صعبة وجبهة الجنوب مفتوحة لذا فاسهل الخيارات وافضلها في الوقت الراهن، بحسب لودريان هو التمديد للعماد عون، حفاظا على المؤسسة العسكرية، ما اوحى بان الموفد الفرنسي يتحدث باسم اللجنة الخماسية.
سمع الحاج رعد كلام ضيفه، ولكن تماما كما اعتاد حزب الله ان يتعامل مع” الطلبات الاجنبية” بحنكته ولغته الدبلوماسية المعهودة، حرص رعد على عدم اعطاء كلمة حاسمة للودريان اذ اكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة للموفد الفرنسي ان حزب الله لا يمانع لا التمديد ولا التعيين وبالتالي فحزب الله منفتح على اي خيار لكن الاهم في ما قاله رعد بحسب ما تكشف المصادر، انه “صحيح ان الحزب منفتح لكن شرط ان يتم الامر عبر قانون وهذا الامر يتطلب جلسة يؤمن نصابها”، ما يعني عمليا ان الحزب وضع شرط تأمين النصاب امام اي تمديد لا بل اكثر من ذلك اذ تكشف معلومات الديار ان ما سمعه لودريان من حزب الله عبر الحاج رعد في هذه النقطة تحديدا هو تشديد رعد على وجوب ان يحظى هذا الموضوع اي التمديد لعون في حال حصل بتوافق المسيحيين باعتبار ان هذا الموقع اساسي لدى المسيحيين.
هذه النقطة تحديدا التي اشترطها حزب الله قرأ فيها مصدر مطلع على جو اللقاءات التي عقدها لودريان ان تمسك الحزب بالتوافق المسيحي تقصد من خلاله الحزب عدم كسر الجرة مع رئيس التيار واعطاءه فرصة للتفكير في الحل الانسب، وبالتالي رمى كرة التمديد في ملعب التوافق المسيحي الذي يفتقد حتى الساعة قبول التيار التمديد باعتبار ان القوات كما الكتائب وغيرهما من النواب المستقلين هم مؤيدون لبقاء جوزيف عون على رأس المؤسسة العسكرية.
الملف الثاني الذي تطرق اليه لودريان من دون ان يحمل معه اي جديد هو الملف الرئاسي اذ شدد على وجوب انتخاب رئيس سريعا مشيرا على مسمع رعد الى وجوب الاتفاق على اسم ثالث يكون توافقيا ووسطيا باعتبار ان المرشحين سليمان فرنجية وجهاد ازعور باتا خارج دائرة السباق المحموم ما دام لم يتمكن احد منهما من تحقيق التوافق حول اسمه. وقد اكدت اوساط مطلعة على جو اللقاء ان لودريان لم يطرح اي اسم انما اكتفى بالحديث عن وجوب الاتفاق على اسم يشكل تقاطعا بين الجميع.
يبقى الملف الثالث وهو الادق امنيا وعسكريا والمتعلق بالقرار 1701 اذ شدد الموفد الفرنسي على وجوب الحفاظ على الاستقرار في الجنوب ومنع تفاقم الأوضاع وتجنب التصعيد عبر تطبيق القرار 1701.
وفي محاولة منه لحث الحزب على التقيد بتطبيق القرار، نقل لودريان بحسب المعلومات نوعا من التحذير الى ان تغييرا سيحدث في المنطقة والرياح ستكون قوية باتجاه التسويات الكبرى التي سيكون لبنان جزءا منها، منبها الى ان القرار 1701 سيكون اساسا في هذا التفاوض المرتقب لذا لا بد للبنان ان ينتخب رئيس سريعا ليكون محصنا على طاولة المفاوضات.
لكن ما سمعه لودريان من الحاج رعد في ما خص تطبيق القرار 1701 كان واضحا وهو ما اسمعه اياه الرئيس بري للموفد الفرنسي لجهة وجوب تطبيق “اسرائيل” لهذا القرار ولا سيما انها تخرقه يوميا.
لقاء لودريان رعد لم يخلُ بطبيعة الحال من معاتبة ابداها حزب الله امام ضيفه ومردّها الى المواقف الاخيرة للرئيس الفرنسي تجاه الحرب على غزة والتي اتخذت طابعا اسرائيليا واضحا.
في المحصلة، وبانتظار كيف ستترجم مفاعيل هذه الزيارة، ففي محطته الرابعة في بيروت لم يتمكن الدبلوماسي الفرنسي، حتى الساعة، من انتزاع ورقة لبنانية رابحة تمكّن فرنسا من استعادة “أمجاد دورها “الفعال كوسيط نزيه وعادل يحاور الجميع ويحجز لبلاده مكانة في لبنان بوابة الشرق الاوسط!
فهل تُهدى باريس اقله ورقة التمديد لجوزيف عون؟