يبدو ان طريق قائد الجيش جوزاف عون الى قصر بعبدا باتت معبّدة بغطاء «أميركي – فرنسي – سعودي»… ولكن هذا الترشيح ما زال ناقصا في ظل ضبابية موقف حزب الله وعدم حماسه للسير خلف عون كرئيس للجمهورية… مصادر دبلوماسية كشفت ان الفرنسيين يبحثون عن تسوية لبنانية شاملة تضمن وصول قائد الجيش الى بعبدا، والتوافق على حكومة سياسية تضمن تطبيق خطة نهوض اقتصادي وتواكب مرحلة بدء استخراج النفط والغاز من المياه اللبنانية.
ad
من هنا، فان عودة الحضور السعودي الى الساحة اللبنانية تأتي في سياق ترتيب الملف اللبناني تمهيدا لانتخاب عون رئيسا للجمهورية وإعادة ضخ الحياة في اتفاق الطائف تماشيا مع التسوية الكبرى في المنطقة والتي لا تنفصل بطبيعة الحال عن تحسّن العلاقات «السعودية – الإيرانية» وما نتج عنها من تفاهمات لا سيما في الملف اليمني، وهذا يعزز وفقا للمصادر الدبلوماسية استحالة ذهاب الفرنسيين باتجاه عقد مؤتمر «لبناني-لبناني» شامل للبحث في تعديل أو روتشة اتفاق الطائف على اعتبار ان الرياض اتخذت قرارا حاسما باعتبار الطائف منطلقا للبحث في أي تسوية لبنانية وليس ملفا مطروحا على طاولة البحث.
طبعا، ليس منتظرا أن يتنازل فريق ٨ آذار عن ورقة رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لا سيما انه مرشح جدّي للرئاسة وحظوظه توازي حظوظ عون، ولكن المناخ الاقليمي والدولي لا يشي بإمكانية عودة الرياض عن رفضها المطلق لانتخابه رئيسا للجمهورية، وهنا أكدت المصادر الدبلوماسية ان الفرنسيين تلقوا من الرياض رفضا قاطعا لأية إمكانية للبحث بتسمية فرنجية، ووفقا للمصادر فان حقبة تولّي الرئيس الحالي ميشال عون لرئاسة الجمهورية شهدت تراجعا للدور السنّي في لبنان أو بالأحرى أتت في ظل تراجع هذا الدور، وحاليا، لا يمكن إبرام أي تسوية مع الإيرانيين في المنطقة دون إعادة تنظيم الحضور السنّي والذي يشكّل لبنان حاضنته الأبرز.
وفقا للمصادر، فان الحاجة الدولية لتسليم قائد الجيش دون غيره الرئاسة الأولى يأتي في ظل الضغط الدولي باتجاه تعويم دور الجيش في مسألة مواكبة ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة… وفي تصنيف جديد للبنان، قالت المصادر الدبلوماسية، ان المتغيّرات السياسية والاقتصادية التي بدأت في ١٧ تشرين الأول وما رافقها من أعمال شغب وانهيارات اجتماعية أثبتت ان الجيش والأجهزة الأمنية شكّلوا خط الدفاع الأمامي لحماية الاستقرار، والرهان اليوم ان الجيش بقيادة عون المرشح الأول والأوفر حظا لتولي الرئاسة سوف يشكّل الضمانة للاستقرار في المرحلة الفاصلة عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبحسب المصادر فان عدم التوافق على رئيس جديد في مهلة أقصاها نهاية السنة الحالية يعني اننا ذاهبون الى فراغ طويل قد يمتد لسنة أو أكثر.
واعتبرت المصادر ان علاقة قائد الجيش ممتازة مع كل الجهات الدولية والعربية في حين ان علاقته مع حزب الله هي علاقة حذرة ولكن لا فيتو علني عليه أقلّه هذا ما يقوله الفرنسيون، والمرحلة الحالية تحتاج الى رئيس يحظى بعلاقات دولية وعربية حتى يتمكن من إعادة ترتيب وضع لبنان السياسي والاقتصادي بعد انهياره خلال مرحلة حكم الرئيس عون.
وفي حين ان تأكيدات المجتمع الدولي تصب باتجاه الحسم بأنها مسألة وقت قبل تولي قائد الجيش الرئاسة الأولى، يبدو ان جهات لبنانية محلية وازنة تعطي مساحة أكبر لإمكانية التفاهم على بديل لعون وفرنجية معا، مؤكدة ان التشاور حول الملف الرئاسي ما زال في بدايته، ووفقا لمصادرها فان حظوظ الرجلين غير واضحة، فرئيس تيار المردة سليمان فرنجية محاصر حتى اللحظة بعدم موافقة رئيس التيار الحر جبران باسيل على ترشيحه للرئاسة الأولى، في حين انه ثمة علامات استفهام كثيرة حول قائد الجيش وأدائه وطريقة مقاربته لبعض الملفات الاستراتيجية.