Site icon IMLebanon

جونية ..تستحق «المشروع»  

قدر لي البارحة 24 نيسان أن أشارك أهالي جونية وكثراً قدموا من كسروان-الفتوح وغيرها من المناطق اللبنانية، مشوار فرح في ساحات وطرقات هذه المدينة مع أصحاب الاحتياجات الخاصة، بتنظيم من مؤسسة «الينبوع». وإلى العائلات والكبار والشبيبة والأطفال والألوان، شارك أهل الفن والاعلام، كما السياسيون والسلطة المحلية والفعاليات جميعاً على تنوعهم.

بالقرب من كهل من أهل المدينة، تربعت مع الصديق الذي دعاني إلى هذا الحدث السنوي، ورفيقتنا منقوشة زعتر عالصاج. سألني صاحب الشيبة المهيبة وقد كللت جبينه شقوق الدهر: متى الانتخابات؟ . أجبت: في 15 أيار عم بعد شي 20 يوم، 

أردف: «ليش مش اليوم قبل بكرا. كل أهل جونيي هون. يروحوا ينتخبوا. لأيش الدولي بدا تدفع ودرك ومشاكل. ولك لأيش»؟ .

سألته: مع من أنت يا عم؟ .على الفور أجاب: «مع الأوادم«. 

طال الحديث بيننا، فقد أسرني ذلك الرجل الحامل حكمة الزمن على كتفيه المنحنيين وأصالة القيم التي هيهات نستعيدها، بحيث جعلني أتساءل: هو استحقاق أهلي، فماذا يريد أصحابه؟ فالسياسيون والأحزاب والفاعلون والطامحون سرعان ما سيخرجون من دائرة التريث وتحديد الخيارات للنزول إلى أرض المعركة، وهي بانت طلائعها باكراً في جونية، والكل يفاوض الكل، لكن من أجل ماذا؟ 

عندما تصالحت قيادتا « التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» وتم إنزال «البشرى» على الكوادر والأجهزة وصولا إلى المناصرين، استبشر الكثيرون خيراً. ذهب البعض إلى حد التحدث عن استراتيجيات تثبيت الوجود المسيحي ومقاربة الملفات الملحة للمجتمع من تأمين فرص عمل إلى قضايا الإسكان والطبابة والنقل والتعليم…أليس هذا ما يطلبه المجتمع الأهلي في كل استحقاق؟ وعندما تناقل أهالي جونية قبل أسبوع توافق الحزبين على مشروع إنمائي طرحه نعمة افرام وتنازل في سبيله عن مفردات» الحصص» وتوابعها، شعر كثيرون أن في الأمر «إنة»! فنشط المتضررون على شتى الجبهات لإسقاط التوافق و…المشروع. علماً ان هذا التوافق كان ولا يزال يشمل الجميع دون استثناء، فالشرط الوحيد الذي أصر عليه رئيس «المؤسسة المارونية للانتشار» كان… المشروع!

نظر إلي الكهل الآتي من ساحل علما، إحدى البلدات الأربع التي تشكل مع صربا وحارة صخر وغادير النطاق الجغرافي لجونية، رافعاً إصبعه إلى البعيد قائلا: «شايف هالبيت العقد فوق حد هالبنايي العاليي. وين جم الصنوبرات، هونيك؟». قلت نعم. قال: «هيدا البيت خصصو نعمة إلنا نحنا الختياريي تنقعد ونتسلى ونموه…الله يديم الأوادم الشباب. الله يرحم تراب بيو». 

البركة بالكل، أجبته، الأوادم كتار يا عم. لم يشأ التعليق، لكنه أخذ كفه وراح يعد على أصابعه وبلهجة كسروانية قح: «المدرسة الخاصة المجانية، المدارس الرسمية بنسبة نجاح فوق الـ95 % في الشهادتين الرسميتين، تنقية مياه الشفة فيها وفي كل مدارس كسروان، «الينبوع» لأصحاب الاحتياجات الخاصة،» السنديانة» للعجزة، «رابطة الأصدقاء»، «سيزوبيل»، الباصات لنقل الطلاب من بيوتهم إلى جامعاتهم في المناطق وبيروت وبالعكس، وبدو يعمل بوسطات نقل من فوق لتحت تهالمعتر لبدو ينزل عالسوبرماركت أو الجامعا ما يضطر يشتري عربيي ( يقصد مشروع نقل داخل بلدات المدينة)، الزراعة وتأصيل التفاح، المصانع و»الشغل لولادنا»، «الفقرا المعترين» والمحتاجين، المرضى، المساعدات للطلاب، الجنيني شفتا؟ ولك المهرجانات. عارف إنو بيفوت عجونيي 400 ألف زلمي كل سني بهالموسم؟…أيش هوي بدو بلديي؟ ما هوي وزارة. هيدا حكومي بإما وأبوها. ولك لأيش الانتخابات، عيب والله عيب«.

يستوقف المشاهد الآتي من بيروت عفوية وصدق وصراحة هذا الرجل. فما هو المطلوب فعلا من استحقاق بلدي محلي؟ وحين يطالع هذا المشاهد افتتاحية أكثر من مجلة أسبوعية صادرة هذا اليوم تشيد بصاحب «المشروع»، وتسمع رئيس حزب شاب يتحدث عن شباب أوادم يصلحون لرئاسة الجمهورية، ويراقب هذا المشاهد من حوله أطفال وشبيبة «الينبوع» من أصحاب الاحتياجات الخاصة و…كيف «تهبط» المعارك في جونية على الجميع إلى مستويات دنيا ولا يعود الهم في أفضل الأحوال سوى ترسيخ الأحجام وتثبيت الأوزان والفوز بمقعد بلدي أو اختياري إضافي وحفلات حقد وثأر ليس إلا، تتذكر حينها قصة تنكات الزيت في بيروت وتترحم على أوادم استشهدوا وآخرون رحلوا، ولا يبقى أمامك سوى أن تسأل: نعمة افرام، أصحيح أن جونية لا تريدك؟!.