مطلع العام 2019 تنتهي أشغال جسر جل الديب لتبدأ أشغال توسيع أوتوستراد جونيه. وعلى رغم أنّ توسيع هذا الأوتوستراد حلّ موقت لا دائم، إلا أنه لن يكتمل قبل العام 2022، فهل ستزداد الزحمة خلال هذه الفترة أيضاً خصوصاً أنّ هذا الأوتوستراد هو الطريق الرئيسي الذي يمرّ منه المتوجّهون من كلّ مناطق الشمال وجبيل وكسروان نحو المتن وبيروت. وماذا عن المخالفات والتعديات؟ وهل سيستوعب هذا الأوتوستراد عدد السيارات المتزايد سنوياً؟
يمرّ يومياً على الأوتوستراد حوالى 100 ألف سيارة بكلّ اتجاه في منطقة نهر الكلب و50 ألف سيارة بكلّ اتجاه في منطقة طبرجا. وتُقدّر نسبة نمو عدد السيارات سنوياً بـ1.5 في المئة.
من نهر الكلب حتى طبرجا
عوامل عدة أدّت إلى تأخير توسيع أوتوستراد جونيه من العام 2014، ومنها الادعاء أنّ كلفة الاستملاكات كبيرة وليس بمقدور الدولة تأمينها. وبعد تنفيذ الاستملاكات من الحكومة اللبنانية وتأمين قرض بفوائد متدنية من بنك الاستثمار الأوروبي، بدأ تنفيذ المراحل الأولى من مشروع توسيع الاوتوستراد الساحلي الشمالي الحالي (A1) الممتد من محوّل كسروان حتى طبرجا.
فقد صدر بشأن المشروع بتاريخ 11- 1 – 2014 المرسوم رقم 11050، القاضي بتصديق تعديل تخطيط الطرقات الجانبية لأوتوستراد بيروت – طرابلس، بين منطقتي نهر الكلب وطبرجا وتعديل أقسام من تخطيطات أخرى ضمن حرم هذا الأوتوستراد أو تَتقاطع معه. كذلك، صدر بتاريخ 24 – 11 – 2015 القانون المعجّل رقم 28 المتعلق بالموافقة على إبرام عقد تمويل بين لبنان والبنك الأوروبي للتثمير (مشروع أوتوسترادات لبنان – المرحلة الثانية) الذي يتضمّن تمويل مشروع توسيع الاوتوستراد الساحلي الشمالي الحالي A1 الممتد من محوّل كسروان حتى طبرجا.
وسيتمّ توسيع الأوتوستراد على طول 10 كلم، يبدأ من نهر الكلب وينتهي عند محوّل طبرجا، على نفس مسار الأوتوستراد الحالي. وبعد التوسعة، سيتألف الأوتوستراد من 3 مسارب في كلّ اتجاه بالإضافة إلى مسرب إضافي كطريق خدمة حيث أخذت الدراسة التي أجراها مجلس الانماء والإعمار بعين الاعتبار التوسيع الأقصى الممكن من دون إلحاق الضرر الشديد بالأبنية المجاورة. ومن المتوقع أن يتلاءم عدد المسارب مع حاجات التنقّل على المدى القصير والمتوسط، بحسب ما أكّد مجلس الإنماء والإعمار لـ«الجمهورية».
وفي الموازاة يقوم المجلس حاليّاً بالتحضير لتنفيذ خطة للنقل العام ما بين بيروت وطبرجا وبتمويل مرتقَب من البنك الدولي. وعلى المدى البعيد، أنجز المجلس دراسة تخطيط لمشروع أوتوستراد جديد بين الضبيه والعقيبة لتلبية الحاجات المستقبلية، ويحضّر حالياً لتنفيذ الدراسات التفضيلية اللازمة له تمهيداً لتنفيذها بالشراكة مع القطاع الخاص.
وحُدِّدت مدة أشغال توسعة الأوتوستراد بـ 36 شهراً، ومن المتوقع أن يبدأ التنفيذ بداية عام 2019. وسيتمّ العمل طيلة ايام الأسبوع ولكن خارج أوقات الذروة للأشغال التي يمكن أن يكون لها تأثير على السير، ومعظم الأشغال ستتم ليلاً.
وعن تأمين طرق بديلة خلال الفترة المُحدّدة للأشغال، أشار المجلس إلى أنّ هناك خطة في الدراسة وضعت من قبل الاستشاري لتأمين نفس عدد المسارب الموجودة حالياً بكلّ اتجاه طيلة فترة تنفيذ الأشغال وفي كلّ المراحل من التنفيذ، وذلك لتفادي ازدياد زحمة السير. فسيتم أولاً توسيع الطرق الجانبية، ثم بعد تحويل السير الى الأطراف سيتم العمل في وسط الأوتوستراد.
متابعة أوروبية وإزالة التعديات
وفق التجارب الكثيرة السابقة، والحفر التي تملأ طرق لبنان، والأشغال العشوائية وغير المنظّمة، على غرار كلّ «مخططات» الدولة، يشكّ المواطن اللبناني بصدقية الإدارات والمؤسسات الرسمية، وبقدرتها على تنفيذ المشاريع وإنجازها بالمعايير المطلوبة والمدة المحددة.
وما قد «يُطمِّن» المواطن أنّ هذا المشروع مُموّل من البنك الأوروبي للتثمير، الذي سيتابع كلّ مراحل المشروع ولا يُمكن أن تُنجر أي مرحلة من دون موافقة هذه الجهة الأوروبية المموّلة. ولقد تمّ إعداد شروط الاشتراك في المناقصة والشروط التعاقدية لمناقصة تلزيم الأشغال ومناقصة تلزيم مهام الإشراف وفقاً للمعايير العالمية التي تعتمد مشاركة متعهدين واستشاريين عالميين بمؤهلات وإمكانيات لحسن تنفيذ الأشغال والاشراف عليها، حسب ما أوضح مجلس الإنماء والإعمار. وقد تم عرض هذه الشروط على الجهة الممولة، كما يتم تباعاً عرض نتائج التقييم والتلزيم على الجهة الممولة التي تبدي ايّ ملاحظات في حال وجودها للأخذ بعين الاعتبار او عدم ممانعتها لمتابعة سير التلزيم. وانّ الجهة المموّلة تتابع سير المشروع من خلال زيارات ميدانية وتقارير سير العمل الشهرية.
وبعد أن كان على الحكومة اللبنانية تأمين الاستملاكات اللازمة قبل أن يُعطيها البنك القرض لتنفيذ الأشغال، وقيمته 75 مليون يورو، اُنجزت مرحلة الاستملاكات، ولقد صدرت غالبية قرارات التخمين من قبل لجنة الإستملاك المختصة، وتجري حالياً عملية دفع التعويضات التي بلغت كلفتها حتى الآن نحو 41 مليار ليرة لبنانية، علماً انّ الكلفة الاجمالية المتوقعة هي بحدود 65 مليار ليرة لبنانية.
لكنّ أوتوستراد جونيه يشهد تعديات ومخالفات كثيرة على الاتجاهين، وعن العراقيل التي قد تحول دون إزالة المخالفات، أوضح مجلس الإنماء والإعمار أنّ قرارات وضع اليد الصادرة بحق العقارات المستملكة تتضمن إزالة الأقسام المصابة. وقد تمّ لحظ مرحلة أولى قبل البدء بالتنفيذ تمتد على فترة 6 أشهر يقوم فيها المتعهد بتنفيذ قرارات وضع اليد المتبقية وتحضير المساحات المستملكة التي سيتم تنفيذ أشغال التوسيع فيها. وتشمل هذه المرحلة إزالة التعديات.
وقد أنجزت المرحلة الأولى من المشروع، فلقد أنجز المجلس عملية التأهيل المسبق للمتعهدين. وأطلق بتاريخ 11 – 7 – 2018 مناقصة محصورة بالمتعهدين الذين جرى تأهيلهم لتلزيم أشغال هذا المشروع، وكان قد أطلق سابقاً مناقصة تلزيم مهام الإشراف على تنفيذ الأشغال. وإنّ المجلس حالياً بصدد تقييم ملف الاستشاريين الذين اشتركوا في المناقصة، المُفترض أن تُفضّ بعد شهرين. ما يعني أنّ الزحمة مستمرة، إن لم تزداد، أقله حتى مطلع العام 2022.