جونية ترمم الجسور بين البون وجعجع
بلديات كسروان: حابل العائلات بنابل الأحزاب
لولا المواجهة الانتخابية القاسية في جونية وغوسطا، لأمكن القول إن منطقة كسروان – الفتوح تتحضر للانتخابات البلدية غدا على الايقاعات المعهودة في كل انتخابات مشابهة. تتداخل فيها الصراعات العائلية وتصفية الحسابات المحلية مع الاعتبارات الحزبية.
لكن جونية، شأنها شأن كل عواصم الأقضية، تعطي للمواجهة أبعادا ودلالات سياسية تتجاوز المدينة نفسها. في هذا السياق، يواجه توافق معراب بين «التيار الوطني الحر» و «القوات اللبنانية» اختباره الاقسى في المدينة. فـ «التيار» ، كما حزبا «الكتائب» و «الأحرار» يدعمون لائحة «كرامة جونية» التي يرأسها جوان حبيش. أما «القوات» فتؤيد «لائحة التجدد» التي يرأسها فؤاد البواري ويدعمها كل من منصور البون، فريد الخازن ونعمت افرام. يبدي الفريقان، أي «القوات» و «التيار» حرصهما على التوافق. ويحاولان الإيحاء انهما، بطريقة أو بأخرى، استُدرجا الى معركة محلية على خلفية إنمائية. لذا يسعيان الى «حصر الأضرار» وتصوير المواجهة في جونية وكأنها معركة «موضعية» لا تأثير لها على التحالف. وفيما دعا العماد ميشال عون مناصريه الى التصويت للائحة «كرامة جونية»، جاء صمت «القوات» ليجعل من المدينة أرضا خصبة للشائعات التي تقول ان «القوات» تركت حرية الاختيار لناخبيها. وهذا ما ينفيه أحد مسؤوليها مؤكدا اننا «ندعم لائحة جونية التجدد، من دون أي التباس في معركة لها طابعها المحلي ولا تأثير لها على توافقنا مع التيار الوطني الحر». لكن كان لمعركة جونية تأثيرها المباشر على العلاقة بين «القوات» والبون. فبسببها زار البون معراب مرتين متتاليتين، بعد قطيعة استمرت سنوات. وبحسب مصادر الطرفين «تم التوافق على فتح صفحة جديدة».
كيف سيترجم هذا المشهد في جونية؟
بعيدا عن ادعاءات الطرفين، واستناد كل منهما الى إحصاءاته الخاصة بأرجحيته على الطرف الآخر، فإن الوقائع تؤكد ما يردده خبراء كسروانيون أن «المعركة الحقيقية هي لجهة من يكسب العدد الاكبر من الاعضاء فيتمكن بالتالي من إيصال رئيس لائحته الى رئاسة البلدية». هذا يعزز فرضية تشكيل الناس للوائحهم الخاصة لاعتبارات كثيرة. فعلى اللائحتين أسماء يعرفها ويحترمها أبناء جونية ويقدرانها. وداعمو اللائحتين، سواء الاحزاب أو القوى المحلية، لا يستهان بقدراتهم التجييرية.
لذا فمن المتوقع أن ينزل نحو 60 في المئة من أبناء جونية المسجلين على لوائح الشطب، والبالغ عددهم نحو 16500 ليختاروا بلديتهم التي تخدم ما بين تسعين الى مئة ألف مقيم في المدينة.
ليس بعيدا عن جونية، تتحضر غوسطا لمواجهة انتخابية يتحالف فيها من يتخاصمون في عاصمة القضاء والعكس صحيح. يُفك التلاقي بين «القوات» وفريد الخازن، لتعود الاولى للتحالف مع «التيار» وتتضامن «الكتائب» مع الخازن. هنا يذهب المتواجهون الى حد تصوير الخلاف صراعا «رئاسيا» على اعتبار أن الخازن حليف النائب سليمان فرنجية وبوابته الى كسروان، «مصدر الشرعية المارونية»، على ما يروّج أبناؤها، وحتى زعماؤها. ولهم في تمسك عون الترشح فيها الدلالة والدليل.
من غوسطا الى «النمورة» يتغير المشهد تماما. هنا توافقت البلدة التي صار لها بلدية للمرة الاولى على إنجاح لائحة بيار دكاش بالتزكية.
لكن ذلك ليس واقع الحال في الجرد الكسرواني، حيث سيشهد معارك يصعب توصيفها بدقة من دون الدخول في تفاصيل أجباب العائلات وفروعها، كما في إرباك الأحزاب وانقساماتها. في فاريا وحراجل، وميروبا وكفرذبيان الكثير مما يؤكد ذلك. لكن «التيار» المحرج في بلدات كثيرة أرسل مساء امس وفدا الى فاريا برئاسة منسق التيار بيار رفول لتأكيد دعم «التيار» والعماد عون تحديدا، للائحة التي يرأسها ميشال سلامة.
تكاد الصورة تتشابه في فتوح كسروان. حساسيات حزبية وعائلية مركّبة ومربكة. ولعل أبرز معاركها تتمثل في يحشوش حيث تتداخل صراعات النفوذ والوجاهة والعائلية والحزبية. التنافس كبير بين الرئيس الحالي للبلدية كارل زوين في مواجهة جورج بركات.
من يحشوش الى «الزوقين» ملامح متشابهة لمعركة بين فريقين، الاول برئاسة رئيس البلدية الحالي شربل مرعب والثانية ستكون مداورة بين عبدو الحاج وجوزيف مغامس في زوق مصبح. وفي زوق مكايل يواجه ايلي بعينو رئيس لائحة «نبض زوق مكايل» لائحة «الزوق حرة» برئاسة وفيق طراد، في صراع لتاريخ نهاد نوفل، رئيس بلدية الزوق الحالي، واضعاً ثقله فيه، وهو من داعمي بعينو.
حين تقفل غدا صناديق الانتخابات في كسروان سيكون من الصعب إقفال الباب على الحساسيات والحسابات التي ظهّرتها أو ولّدتها. ستتغيّر وجوه وتتناوب بلديات وستبقى جونية تردد سخريتها من هدير البحر.