IMLebanon

يعرفون ما لا يُعرف

 

 

أحد الصحافيين ذائعي الصيت على المستوى العالمي كان في زيارة خاصة إلى لبنان ذات صلة بواجب اجتماعي، اعتبَرها إجازة بضعة أيام للاستراحة من هموم ومتاعب مهنة البحث عن المتاعب، وقد توقف عند تسميتي إياها أنها باتت بالنسبة إلينا في لبنان «مهنة البحث عن الراحة»، وقلت له: إن المرء يبحث عما يفتقده ونحن غارقون في المتاعب التي تعترضنا في كل آنٍ ومكان، فلسنا في حاجة إلى البحث عنها لنجدها.

 

تداولنا في شؤون وشجون هذه المهنة وما آلت إليه أوضاعها وكيف يطوقها الضيق والحرمان، إذ تكاد جميع صحف الورق لا تطبع ما يوازي ما كانت تلفظه مطبعة صحيفة واحدة زمن الازدهار اللبناني، وتوافقنا على أن الأزمة ليست وقفاً على لبنان بل هي عالمية، وأسبابها معروفة يطول تعدادها (…).

 

وخلال الحديث صدمني كلامه على «المعلومات» التي تُنشر في مقالات عديدة لزملاء لبنانيين، أو أنهم يدلون بها في مقابلات متلفزة وأيضاً في مختلف وسائط إعلام هذا الفضاء الإلكتروني الرحب.

 

ومن ملاحظاته، في هذا الشأن، على ما اطّلع عليه أو عاينه أو قرأه، «الجرأة الغريبة» لدى كتّاب ومحلّلين و «مفكرين» من معلومات يوردونها على أنها «حقائق» تلقوها عن مضمون اجتماع عُقد بين رئيسَي دولتين عظمَيين، حتى من قبل أن ينتهي هذا الاجتماع! وضرب غير مثال قبل أن يضيف قائلاً: هل، يا ترى، كان زميلكم (فلان الفلاني) حاضراً معهما؟ واستعان الصحافي الزائر بهاتفه النقال ليقرأ على مسامعي ما نشرته صحيفتا «الغارديان» البريطانية و «لو موند» الفرنسية عن الاجتماع ذاته وقد أوردت كل منهما، على لسان مندوبها إلى حيث عُقد الاجتماع المشار إليه، عبارة متقاربة في المعنى مع الأخرى، وهي: «من المبكر التكهن بسائر تفاصيل هذا اللقاء المهم بسبب التكتم الذي حرص عليه الجانبان». وأضاف وعلى ثغره ارتسمت بسمة أترك للقارئ أن يفسّرها: لعل زميلكم تلقى، وهو في منزله، اتصالًا من أحد القطبين، إن لم يكن من كليهما وقد أبلغا إليه محضر لقائهما بالغ الأهمية.

 

فعلاً، شعرت بالتحرج، ولم يكن لديّ ما أعقّب به على ملاحظته بالغة القسوة.