ليس غريباً اعلان اختيار مدينة جبيل، عاصمة للسياحة العربية. هي تستحق اللقب. وتستحق ايضا ان تكون عاصمة للسياسة اللبنانية.
هل هي صدفة ان يبادر وزير السياحة ميشال فرعون الى اعلان ذلك؟ مع اعلان رئيس بلدية بيروت بلال حمد، اطلاق اسم العميد ريمون اده، على شارع اساسي في العاصمة اللبنانية، يمتد من برج الغزال والى قلب بيروت، وفي موازاة كنيسة مار مارون.
صحيح ان المناسبة سياحية، لكن الصحيح ايضا ان بيبلوس تحتضن تاريخا وامجادا سياسية، تبقى متحفا يضم برلمانيين افذاذا، تعاقبوا على تمثيلها، وفي مقدمتهم العميد ريمون اده.
منذ سنوات فاز الاستاذ زياد حواط برئاسة بلدية جبيل – بيبلوس، وراح يضفي عليها وجوها من الحضارات والحداثة، كما فعل اسلافه، ايمانا منه بأن عاصمة الحرف، التي تحتضن ايضا تمثال الكاتب والاديب والمفكر مارون عبود، هي عاصمة الحضارة الانسانية، ولا تزال.
كان زياد حواط لا يهدأ، وهو يرعى معالم التاريخ، ويرفد امجادها بكل جديد وحديث. وكان شعاره ان نعمل لجبيل، وان تكون واحدا، في رحلتها مع الامجاد الاثيلة، وكان كل مكان فيها كتاب تاريخ تقرأ فيه فصولا رائعة من ماض سحيق، وحاضر جديد.
بدماثته المعهودة هنأ زياد حواط جبيل بفوزها بلقب العاصمة السياحية العربية، معتبرا ذلك محطة استثنائية من اجل نهضة للقطاع السياحي، انطلاقاً من مشروع لبنان السياحي، ذلك ان طريق الفينيقيين اصبح في عهدة المنظمة العربية للسياحة لجمع الاغتراب اللبناني في دوحة الازدهار، ولحث المغتربين على المجيء الى لبنان.
بيبلوس عاصمة سياحية وسياسية للبنان، ومن احتضنت التاريخ، واحتضنت الرواد، وفي طليعتهم العميد ريمون اده، تبقى شعلة مضيئة بالمجد، في مدينة تمور وتزدهر بالامجاد.
ليس غريبا ان يبادر حاكم الليونز في المنطقة ٣٥١ لبنان والاردن، وهو يعلن تكريم العميد ريمون اده وتخليده، بعد اطلاق اسمه على شارع في بيروت، ان يمنح زياد حواط ابرز ميدالية ليونزية، لأن الرجل، من يوم اعتلائه رئاسة البلدية صك براءة المجد على وجه مدينة أحبته، كما وصفه الأديب جورج كريم.
كان ريمون اده رجل العطاء للبنان، وصاحب الامجاد لجبيل، وهو فعل ذلك في بيروت حينا، وفي بيبلوس احيانا، وفي باريس دائما، ساعة اختارها مكانا لهجرته المأسوية ولنهايته المفجعة.
الآن، الآن وليس غداً، يحق لزياد حواط ان يرفع رأسه عاليا في سماء جبيل، ويقول بصوت خافت اذا شاء، وبصوت عال اذا اراد، ان العاصمة المتواضعة، لن تكون متواضعة، في انتسابها الى امجاد، زاهية باسم العميد رمز الديمقراطية كما يقول المحامي جان حواط في الرجل الكبير الذي رافقه طوال حقبة دقيقة، اختلطت فيه الصداقة بالغضب.
جبيل عاصمتان في عاصمة واحدة،
وهذه اكبر نعمة، في عصر تألبت فيه الازمات والامجاد، في رقعة واحدة، اسمها الحضارة الجبيلية.