IMLebanon

المنخار ومقياس ريختر

 

 

 

لا شيء تغيّر. والظاهر أن لا شيء يدعو للتغيير ما دامت الرسائل تفعل فعلها بشكل أو بآخر. فمن يتمّ تهديده إمّا يرحل أو ينتظر تنفيذ التهديد. تلك هي المعادلة.

 

هل يهمّ فعلاً التحقق من صحة الرسالة؟ بالطبع لا. فما قيل قد قيل. والنفي أو عدمه لزوم ما لا يلزم. تكفي العودة إلى السوابق وهي بحمد الله وفيرة ومتوفرة، وغالبيتها تنتهي من دون جهد حتى لتقييدها ضد مجهول. وفي الغالب لن تستحقّ أكثر من ورقة تكاد تكون فارغة من المضمون ترمى في ملف النسيان بلا تحقيق أو متابعة.

 

المهم التركيز على هذه المرحلة البالغة الدقة، وخصوصاً عندما تصل القدرة على الصبر إلى المنخار. بعد ذلك لن ينفع الندم. ولن تنقضي المسألة بهرّة مذبوحة ومرمية على العتبة.

 

لكنها ستنقضي بشكل أو بآخر. وبما أن التخلّص من الشهود يبدو مستحيلاً في هذه القضية، لا بد من إتباع الوسائل البديلة. وعندما تصدر الأوامر بالتنفيذ، ستُطَبَّق كما يجب. ومن ثم ستطوى الصفحة ليواصل الحاكم بأمره عمله السياسي بـ”شكل طبيعي”.

 

فالجملة المقتضبة القائمة على “القبع” التي نطق بها ناقل الرسالة، حملت خطة عمل لا تزال سائدة في لبنان، وعلينا تقبلها بـ”شكل طبيعي”.

 

والمنخار الأدق من مقياس ريختر للزلازل يثبت حبكة السيناريو الدائرة فصوله منذ إنطلاقة مشروع المحور للإستثمار في الساحة اللبنانية تمهيداً للإستئثار بها، كما هو الواقع الحالي…

 

ومشكور سعي من يتبرع للقيام بالواجب الذي لا يستوجب سوى فولكلور لا يستلزم إلا شبه إجراءات تكاد تكون صورية على رغم الأدلة الثابتة. ذلك أن لا شيء يعطِّل مسيرة الأحداث الناجمة عن سلوكيات أينعت مزيداً من الغرق في الجحيم، وزجت لبنان أكثر فأكثر في خضم المعادلة الاقليمية مباشرة، لتساهم الورقة اللبنانية في تحسين اوراق المحور فيوسّع نفوذه ويحسّن شروطه ويحصل على مكتسبات جديدة تدعم وضعه.

 

الورشة ناشطة على النار وبالنار. والسياسة في هذا المقام مجرد فاكهة EXOTIQUE.

 

هكذا هو العمل وهكذا هي متطلباته. والجاهل هو من يتجاهل الموجات الساخنة من الاستقواء بالتحولات الظرفية التي يجب أن تصبَّ في مصلحة المحور وذراعه ودرّة تاجه.

 

المهم أن تصل الرسالة إلى المعني مع الوصول إلى عنق الزجاجة بفعل الإجراءات المتسارعة بحق مسؤولين سياسيين وأمنيين. والجهود منصبة على عدم وصول أي منهم إلى كرسي الإعتراف حتى لا “يزلق لسانه” فيتورط أكثر مما هو مورَّط، ويورِّط من لا يريد جلبة تعيق مواصلة السطوة ومصادرة السيادة.

 

لذا نشطت حملات الهجوم الوقائي لردع المتمرد على السياق مع تجهيز الإتهامات بالتسييس والعمالة والإنصياع إلى الأوامر الأميركية، على ما أعلن أحد أبواق الممانعة، مع أن الأميركيين ومعهم مخابرات العالم تمنعوا عن تزويد القضاء اللبناني بصور الأقمار الصناعية التي قد تساهم في كشف حقيقة مرتكبي جريمة القرن. ولم يجد صاحب الرسالة في الأمر ما يستوجب الإستنكار والتشهير بالشيطان الأكبر.

 

ربما يحول تقاطع المصالح دون مثل هذه التفاصيل. الأولوية للشغل مع المتمرد المصرّ على السباحة في بحر العدالة بعكس التيار، فهو يستوجب أكبر تفاعل مع رسالة التهديد بفضل جيوش الكترونية تساهم في تثبيت الرسالة التي لم يتم نفيها، لتؤدي مرادها.

 

بعد ذلك للمتمرد أن يراجع حساباته. وإذا أخطأ يكون قد جنى على نفسه. وإذا حسبها بمقياس ريختر تكتب له النجاة.