ما نقاط التقارب ونقاط التشابه بين حزب وميليشيا؟ أو بين ميليشيا ومافيا؟ أو بين زعيم متموّل وجماعة منتفعة منه؟ أو بين وارث “بيت سياسي” يتحول الى أمين عام حزب جديد؟
هذه أسئلة لازمة، واجبة الطرح، في دروس الاجتماع السياسي، فيما يتم إغفالها في شؤون السياسة اليومية، ويجري التعامل مع هذه التشكيلات المادون حزبية على أساس أنها وطنية وتمثيلية وغيرها، فيما لا يلحظ قانون إنشاء الاحزاب أي شائبة في قيامها…
لو أراد المتابع اختيار صورة سياسية، او لحظة وطنية، تدل على جانب كبير من عمل هذه القوى في لبنان، لوجدها في تعرضها، بلسان قادتها، للمحقق العدلي في انفجار المرفأ.
وعندما نتحدث عن قوى سياسية، نغفل واقعاً أنها ميليشيات في غالبها، وأن ما اعتادت عليه في أيام الحرب نقلته معها إلى ايام السلم… الافتراضي.
في الحرب، “القائد” يتصرف بالأرزاق والأعناق، أما اليوم فهو لا يحتاج إلى محقق، ولا إلى تحقيق، او محاكمة، لأنه يُصرّح ويتصرف على اساس أنه يعرف مسار التحقيق سلفاً، فيُنهي ويأمر ويَمنع ويُوقف وغيرها. هكذا يجري اتهام المحقق بالتحيز، بل بالتآمر الخياني، من دون ان يتفوّه هذا بأي كلمة، ومن دون ان يُصدر بعدُ قراره الظني…
أيعقل ان تَنشط قوى سياسية (هي عماد الحكومة الحالية المؤلفة من “اختصاصيين”، حسب زعمها) ضد محقق عدلي بهذه الشراسة، إلى حدود التهديد العلني بإزاحته بما يقترب من اقتلاعه المادي!؟
ألنا أن نُصدّق أنها “ترتاب” من محقق، فيما هي صاحبة القوة والقرار؟
ألنا أن نُصدّق هذا الكلام، على أساس ان “القائد” عارفٌ بكل شيء، بما فيه تحقيقات قصر العدل وبنود الدستور والقوانين؟
أللشعب اللبناني أن يرضى بعدالةِ من امتهنوا الحروب وعمليات الإخضاع والتسلط؟
أله أن يُصدّق خطاب زعيم ميليشيا (مهما كانت تسمياتها) بدل قرائن التحقيق وجلسات المحاكمة؟
هكذا يتصرفون بالله، بالدولة، بالقانون، بالتحقيق، فيَحكمون بالسيف، بدل ان يتركوا القاضي يحكم، مع المحكمة، وفق ميزان العدالة.