IMLebanon

هل بات “الثنائي” في حرج من أمره؟

 

 

رغم صيغ الحل المتعددة للخروج من المأزق الحكومي الا ان أياً منها لم ينضج بعد. محرج الثنائي الشيعي فلا هو قادر على التراجع خطوة الى الخلف ولا التقدم الى الامام. أدخله المحقق العدلي طارق البيطار في نفق يصعب الخروج منه. إحراجه متشعب على ابواب الانتخابات النيابية. عين على تحقيقات المرفأ ومصير المحقق العدلي وعين على الانتخابات. حتى الساعة لم تنضج اي من الافكار التي يجرى تسويقها على سبيل الحل.

 

شكّل قرار الهيئة العامة لمحكمة التمييز، في أن الغرفة الأولى لدى محكمة التمييز التي يرأسها القاضي ناجي عيد هي المرجع الصالح للنظر بدعاوى الرد التي تقدم ضد المحقق العدلي طارق البيطار، ارتياحاً لدى البعض أقله لناحية تحديد صاحب الصلاحية بعد اللغط الذي شهده القضاء حول هذه النقطة تحديداً، ورأى فيها مؤشراً ايجابياً يمكن ان يمهد لخطوة ثانية تشكّل مخرجاً من الدوامة القضائية. الفكرة الثانية التي طرحت تمحورت حول عملية مقايضة سياسية بين حركة “امل” و”التيار الوطني الحر” والربط بين تشكيل هيئة محاسبة النواب والوزراء وبين انتخاب المغتربين لستة نواب. نُمي الى الثنائي ان تشكيل الهيئة الخاصة لمحاكمة الوزراء والنواب قد تدفع بالمحقق العدلي الى الاستقالة احتجاجاً على الالتفاف على عمله، فكرة ثانية قالت على العكس ان البيطار يستدرج معارضيه الى مثل هذه الخطوة لاتخاذ خطوات أكبر. هذا فضلاً عن وجود اصوات معارضة لمخرج يجد حلاً للوزراء والنواب فيما يبقى الآخرون رهينة البيطار وتحقيقاته.

 

وتمحور المخرج الثالث حول تعديل حكومي يطاول وزراء العدل والاعلام والثقافة. يتيح استبدال وزير العدل هنري خوري الخروج من ورطة البيطار، فيما تؤمن اقالة وزير الاعلام جورج قرداحي هدنة مع دول الخليج، اما وزير الثقافة محمد مرتضى فقد صار حضوره يمثل تحدياً لرئيس الجمهورية ميشال عون بعد المطالعة التي قدمها بصوت عالٍ في مجلس الوزراء، وبلهجة لم تخلُ من التهديد والتي دفعت عون الى رفع الجلسة. اسلوب مرتضى وتصعيد موقفه جعلا زميله وزير الاشغال علي حميه يتدخل في محاولة لاحتواء الموقف. كان حضور مرتضى سيكون استفزازاً لعون الذي ولو سارت الامور بمنحى مغاير لَما كان سيرضى بأقل من اعتذار من الوزير قبل عودته الى طاولة اجتماعات الحكومة. في اوساط الثنائي من يحمّل مسؤولية التصعيد للوزير مرتضى الذي رفع السقف الى حد بات التراجع مستحيلاً، وان “حزب الله” لم يكن في وارد ربط جلسات الحكومة بقضية البيطار لكن تراجعه بات صعباً. ويغمز البعض من قناة التباين بين موقفي بري الذي يؤكد على مسألة الصلاحيات الدستورية من دون مقاربة مصير البيطار، وبين امين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله المصرّ على تنحية المحقق العدلي. قد يكون التباين مرتبطاً بفشل المساعي للحل وتوالي الانهيارات المتتالية المالية والسياسية والقضائية.

 

وأكثر ما يحرج الثنائي، و”حزب الله” بالتحديد، حليفه المسيحي اي “التيار الوطني الحر”. إقالة البيطار ولو بالالتفاف عليه من خلال تغيير مجلس القضاء او وزير العدل سيصيب بشظاياه عون ورئيس “التيار الوطني” جبران باسيل وسيحرجهما مسيحياً على مسافة اشهر من الانتخابات. أصلاً تركيبة القضاء بمجملها ليست بعيدة عن عون و”التيار الوطني”، فعراب العهد القضائي كان الوزير السابق سليم جريصاتي وبدعم عون عيّن القاضي سهيل عبود. سلسلة متشابكة ليس من السهل حلّها، وضعت الثنائي في مأزق حقيقي. فـ”حزب الله” المطالِب بتنحية البيطار يدرك استحالة ذلك طالما ان المحقق العدلي يرفض التنحي، وبعد البيطار صار رئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود في دائرة الاتهام لعدم سعيه الى تقديم اي طرح من جانبه، وانه ضمناً يدير اللعبة ويريد لها ان تستكمل فصولاً. اذا، هي نيران قضائية صديقة اصابت “حزب الله” او الثنائي فوضعته في مأزق، في وقت يملك “التيار” مقاربة مختلفة تماماً وبعيدة عن مقاربة حليفه لقضية البيطار. بالمناسبة فان “التيار” غير مقتنع ان هدف البيطار النيل من “حزب الله” بقدر ما يحلو له التصويب قضائياً على بري ونوابه. واقع مريب، مربك، لا يلتقي معه طرفان على مقاربة واحدة ما يؤشر الى ان كل ابواب الحلول اقفلت. ليس من المتعارف عليه ان يخرج بري الى الاعلام مسلّماً ان لا جديد يسجل والمعروف عنه حراكه الذي لا يهدأ واقتراحاته وحلوله التي لا تنضب. وكأن الجميع سلم بالامر الواقع وتآلف معه من رئيس الحكومة الى الوزراء. حتى الانتخابات لم يعد حصولها مضموناً، واسباب تأجيلها قد تكون على خلفية انتشار كورونا، او بسبب الازمة الاقتصادية او لأي سبب وسبب ونحن نعيش مخاضاً اقليمياً لا يبعث على التفاؤل. هل ينجح الثنائي في مسعاه بالتعاون مع “التيار الوطني الحر”، وعلى حساب من ستكون التسوية في نهاية المطاف؟