Site icon IMLebanon

كُفّت يد صوّان… وبحث عن “قاضٍ فدائي”

 

لم يكن متوقعاً إصدار محكمة التمييز قرارها الجزائي بكف يد قاضي التحقيق فادي صوان عن ملف تفجير المرفأ، لكن بعد اجتماع هيئتها لثلاث ساعات دُعي المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري الى حضور «جلسة إفهام» القرار، وأبلغه هو بدوره الى صوان ووزيرة العدل ماري كلود نجم.

في توقيتٍ مفاجئ للبعض ومعلوم لدى البعض الآخر، صدر القرار النهائي بقبول دعوى الارتياب المشروع في حق صوان، وجاء مفصلاً في 25 صفحة، حيث قررت المحكمة بالاكثرية قبول نقل الدعوى شكلاً ورد كافة الدفوع المثارة، وكف يده عنها، على ان يتولى النظر فيها محقق عدلي آخر يعيّن وفقاً لأحكام الفقرة الاخيرة من المادة 360 أ.م.ج وبغضّ النظر عن التفصيل في القرار، فقد استندت المحكمة الجزائية في قرارها على نقطتين مهمتين:

 

ـ الاولى، عدم اعتراف صوان بحصانة النواب والمحامين المنصوص عنها في الدستور، علماً أنه أوضح انه لا يعترف بحصانة هؤلاء امام هول الحادثة، فكانت الاجابة انّ هولها مهم ولكن لا يمكن تخطي الحصانات المنصوص عنها في الدستور والقوانين.

 

ـ الثانية، التحقيقات التي اثبتت انّ صوان متضرر مادياً من الانفجار، وقد تلقى من الهيئة العليا للإغاثة مبلغ 13 مليون ليرة تعويضاً عن الضرر الذي لحق بشقة يملكها باسم زوجته.

 

وكانت محكمة التمييز، برئاسة القاضي جمال حجار، قد وافقت على طلب النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر بنقل ملف انفجار المرفأ من يد صوان الى قاض آخر للارتياب المشروع، رغم مخالفة عضو الهيئة القاضي فادي العريضي القرار.

 

ولكن بعد هذا القرار تُطرح اسئلة كثيرة، منها: ماذا سيكون مصير التحقيقات؟ وماذا سيكون مصير الموقوفين؟ وهل سيجرؤ قاضٍ في لبنان على قبول المهمة المستحيلة بعد السيناريو او النزاع القضائي على اختيار «القاضي الفدائي»؟ وما هو موقف وزيرة العدل من قرار عزل صوان؟ ومن هم القضاة المطروحون خلفاً له؟ وهل ستعاود وزيرة العدل طرح اسمي سامر يونس وطارق بيطار أم سيكون لدى مجلس القضاء الاعلى اسماء اخرى، ان لم نقل كلاماً آخر؟

وعن مجريات المسار القضائي بعد هذا القرار، لفتت مصادر قضائية لـ«الجمهورية» الى أن وزيرة العدل ستعيّن القاضي العدلي الجديد بعد موافقة مجلس القضاء الاعلى، إلّا أن الاشكالية الكبيرة تتمثّل في القاضي المغامر الذي سيقبل بتولّي المهمة، وسينال موافقة مجلس القضاء ووزيرة العدل؟

 

أما عن مصير الموقوفين في القضية، فأوضحت المصادر عينها «أنهم للأسف سيبقون موقوفين الى حين تعيين قاض جديد، فيقرر إخلاء سبيلهم لأنّ له وحده الحق في توقيع إخلاء السبيل، على أن يبدأ تحقيقاته من حيث انتهى صوان، وليس من الصفر كما افترضت بعض الوسائل الاعلامية».

 

وأكدت هذه المصادر أنّ «القاضي الجديد يمكنه استكمال الاستدعاءات التي بدأها صوان ما عدا تلك التي تم الاعتراض القضائي عليها لعدم الاختصاص، اذا ارتأى القاضي الجديد الرجوع عنها».

 

اما عن الاسماء المطروحة لخلافة صوّان، فكشفت المصادر انّه «بدأ التداول بأسماء عدد من القضاة، منهم: جوني القزي، سامر يونس، طارق بيطار، لكنّ العبرة والإشكالية تبقى، بحسب المصادر، في موافقة مجلس القضاء على هذه الاسماء في حال طرحها».

 

في الوقائع يبدو ان ملف انفجار مرفأ بيروت عاد الى نقطة الصفر بعد صدور هذا القرار، والتساؤل كبير والشكوك كثيرة والافتراضات متنوعة في ان يكون هذا القرار معلوماً، وآخر يقول انه كان متوقعاً بعد اعتبارات عدة أحاطت عملية ادارة التحقيقات.

 

المصادر القضائية المطلعة اكدت ان «الامر ليس له علاقة بالتدخلات السياسية بمقدار ما له علاقة بحقيقة خرق صوان للقانون، لكنّ التطور الجديد الذي ساعد في قبول دعوى الارتياب المشروع كان الواقعة التي تتحدث عن الضرر الشخصي للقاضي صوان من انفجار المرفأ، وهي من الاسباب الاخرى التي ساعدت في قبول الدعوى، وربما من ابرزها، إن لم نقل جديدها، بحيث انّ تَضَرّر صوان شخصياً من الانفجار يخرق القواعد الاساسية الجوهرية في اي محاكمة لا تختلف مع واقع ان يحكم قاض في جرم هو متضرر شخصياً منه مباشرة. وحيث ان المحكمة الجزائية قدّرت انّ لهذا الواقع تأثيراً نفسياً في القاضي بحُكم الطبيعة البشرية، توفر ما يبرر اعتقاد المستدعيين انّ هذا الوضع سيُصَعّب على المحقق العدلي اتخاذ القرارات في الدعوى التي يحقق فيها مع المحافظة على تجرده من اي ميل، مما يجعل ارتياب المدعى عليهما في حياد المحقق العدلي مشروعاً، وحيث يقتضي مع كل ما تقدم قبول المراجعة الراهنة، لهذا السبب ايضاً أعطي القرار بنقل الدعوى من يد صوان. وهذا ما أقرّ به صوان شخصياً بالقول إنه كان متضرراً من هذا الانفجار، إلا ان الاضرار اقتصرت على الماديات، وانه قام بإصلاحها، وتابع عمله كمحقق عدلي في الدعوى الراهنة بصورة طبيعية من دون اي انحياز. لكنّ المحكمة الجزائية اعتبرت ان هذه الواقعة هي بمثابة إقرار من المحقق العدلي».

 

نجم: سأتّخذ القرار المناسب

أما بالنسبة الى وزيرة العدل، فقد أوضحت مصادرها لـ«الجمهورية» أنها تبلغت قرار المحكمة ظهر امس ولم تكن على علم به كما ذكرت بعض وسائل الاعلام، نافية «ما أشيع عن أنّ لقاءها ورئيس الجمهورية له علاقة بهذا الملف».

 

واكدت المصادر نفسها انّ «اللقاء مع عون جاء بناء على موعد مسبق، وتناول موضوع التدقيق الجنائي»، مشيرة الى أنّ «ما يُحكى عن اجتماعات رباعية وثلاثية في بعبدا هو من نسج الخيال».

 

ونفت «ما يُشاع من تسريب أسماء قضاة لتولي مهمة ملف تحقيق المرفأ»، مؤكدة انها «كلها من نسج الخيال».

 

وفي تعليق مقتضب على القرار، قالت نجم لـ «الجمهورية»: «ليس لوزيرة العدل سوى ان تحترم قرار المحكمة الجزائية»، داعية المعنيين الى إنجاز عملهم، ومؤكدة أنها «ستتخذ القرار المناسب بالاتفاق مع مجلس القضاء الأعلى».