Site icon IMLebanon

“جبال الصوّان” وحقيقة جريمة المرفأ

 

في مملكة “جبال الصوّان”، وتحت إدارة ديكتاتورها “فاتك”، ليس على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسّان دياب أن يخضع للتحقيق ويقبل بالإدّعاء عليه في قضية انفجار مرفأ بيروت.

 

ممنوع أن يثبت ذنبه لجهة تورّطه بالمعرفة، تماماً كما غيره من المسؤولين، وأن يثبت سكوته طوعاً عن معرفته هذه، أيضاً تماماً كما غيره من المسؤولين.

 

المهم أن يثبت اتضعافه واستهدافه دون غيره من المسؤولين، فقط لغايات تندرج في الكيديات والنكايات يحصد ثمارها “فاتك” الذي يستثمر في كلّ ما يحصل، ويعمل لإخفاء الحقائق المتعلّقة بالتفجير والإغتيالات وغيرها ممّا تشهده الساحة اللبنانية السائبة.

 

ولا نعرف إن كان مُجدِياً الرهان على قدرات المحقّق العدلي القاضي فادي صوّان، وعلى مساحة الحرّية المسموح له بها ليَدكّ الجبال المرفوعة بوجه التحقيق، ويدقّق ويستقصي عن الأسباب الفعلية للصمت والتجاهل، وعن المحميّات التي يتحصّن داخلها المرتكبون.

 

الّلهم إلا إذا كان دياب ومعه المحقّق العدلي وكلّ من سطّر المذكرات وكلّ من تلقاها أسرى “جبال الصوّان” ومن يتحكّم بها.

 

وواضح أنّ النصائح لا تزال تنهمر على دياب، وها هو يرفض المثول أمام صوّان، تماماً كما أحجم عشية جريمة تفجير المرفأ عن زيارة العنبر رقم 12، مُستجيباً للنصيحة التي لجمت إندفاعته لكشف المستور، وضيّعت عليه فرصة كانت ستتوّج إنجازاته وترفعه الى مقام الأبطال.

 

فالمطلوب أن يطوى الملفّ، وإلّا، لن يتوقّف القاضي صوّان عن مواصلة التحقيق مع الشخص الذي نصح، فيتقصّى أبعاد النصيحة، ومن ثمّ يتعقّب الخيوط التي تقود الى تركيبة البازل، ليحدّد المسؤولين بالأسماء وفق بطاقات الهوية، وليس مكان الإقامة المحصّن بالخطوط الحمر لأيّ كان، ويصل إلى من جلب نيترات الأمونيوم واستخدمها وحماها تحت أنظار أجهزة الدولة الأمنية والإدارية في مرفأ بيروت، وجعلها منطقة أمنية محظورة على الدولة، كما مناطق أخرى من لبنان.

 

اللهم الّا اذا كان المحقّق العدلي يعرف ضمناً أنّ الحقيقة ممنوعة يصادرها ديكتاتور مملكة “جبال الصوان”. لذا لا يملك إلا أن يقوم بهذه الإجراءات التي تحفظ الشكل على حساب المضمون.

 

لكنّ حجم الجريمة يفوق قدرة “فاتك” على طمسها حتى تاريخه. وليس الدستور لتبرير رفض الإستدعاءات في هذه المعمعة إلّا ذريعة يمكن التلطّي خلفها.

 

ولو كان تفجير المرفأ مشابهاً لتفجير “عين قانا” مثلاً، لبقيَ الدستور منسياً. كان يكفي تطويق المكان وعزله، ومنع التصوير فيه، ومنع القوى الأمنية من الدخول اليه قبل تنظيفه، ومن ثمّ الإكتفاء بالحديث عن قارورة غاز انفجرت، وجلب بعض ممثّلي الدرجة العاشرة ليجلسوا مع نراجيلهم ويؤكّدون أنّ الأحوال عال العال.

 

والأهمّ، عدم إكتفاء المطالبين بالعدالة بإتهام الدولة بشكل عام، ما يضيّع المسؤولية، ويرمي لهم كبش فداء يعمي عن المذنبين الفعليين.

 

واجبهم وواجبنا تجاه الضحايا الإصرار على محاكمة متّهمين تثبت جريمتهم، لديهم أسماء ووجوه، والا لن تتحرّر “جبال الصوان” من “فاتكها”. هم مطالَبون بعدم التواطؤ مع قاتليهم، وهم شركاء في المسؤولية التي لا تقتصر على المحقّق العدلي ومدى انصياعه أو تفضيله الإنسحاب، في اعتبار أنّ لا أمل يرجى من هؤلاء اللامسؤولين الّا عن حماية خطوطهم الحمر التي تتقاطع مهما تنابذوا.