IMLebanon

الى حضرة القاضي فادي صوّان

 

نعرف أن حملَك ثقيل وأن المهمة التي ارتضيتها لا يُقبل عليها إلا شجاع صاحب ضمير حيّ وأخلاق عالية ومعايير علمية تميّز المجرم عن البريء.

 

لم نكن لنخاطبك لولا اننا تابعنا تصاعد الهجمة الظالمة عليك مذ صممتَ على الادعاء على رئيس الحكومة المستقيل ووزراء رأيتَ انهم أخلُّوا بواجباتهم فلم يحولوا دون انفجار 4 آب وأذيَّة الناس، وكأن مثيري الحملة الشعواء كانوا يريدونك ان تجهِّل الفاعل مثلما اعتادوا منذ زمن الوصاية، او تكتفي بحصر المسؤولية بالموظفين والأمنيين فلا يدفع اي سياسي ثمناً للجريمة النكراء.

 

سيدي القاضي،

 

كان أفضل حتماً لو توسّعتَ بالادعاءات فلم توفر اي شخص علم بالمواد المتفجرة وتقاعسَ عن القيام بواجباته بدءاً من رئيس الجمهورية. لكن، كُن على ثقة أن لا علاقة لـ”استنسابيتك” بتصدّيهم للاستدعاءات، ولا لثغرات قانونية او دستورية نبشها “دالوز” مكتب مجلسهم – في رسالتك الى المجلس النيابي. إنّهم جميعاً أبناء المنظومة نفسها التي اعتادت ان تكون أقوى من الدولة وتعلو على القانون وتُفلت من العقاب. هي التي ثار عليها الشعب في 17 تشرين، ولا عجبَ أن ترفض ادانة نفسها وأن “تفعِّل” أدواتها الدستورية والقانونية والسياسية والطائفية في الحرام.

 

سيدي القاضي،

 

تعرفهم من وجوههم ومن تاريخهم وبراعتهم في التضليل. ودَعْني أذكِّرك إن “سها” عن بالك، – حسب “لُقية” الرئيس الفرزلي في مؤتمره الصحافي الترويجي – أنهم هم انفسهم، او ما يمثلون من قوى سياسية، مسؤولون عن الانهيار. فحكوماتهم كانت برلماناً مصغراً، وهيئاتهم العامة صوتت على الموازنات، ووزراؤهم سرقوا ونهبوا، وزبانيتهم في المجالس والادارات لم يتركوا شائنة. ولا ننسى انّهم تواطأوا على السيادة والاستقلال وتآمروا لتغطية الاغتيالات ونظَّروا للتبعية والولاءات الخارجية.

 

سيدي القاضي،

 

ماذا كنت تتوقع من هؤلاء؟ رأوا بأم العين كيف أسقط الشعب اللبناني شرعيتهم في 17 تشرين فردّوا بالرصاص على عيون الشباب. والمرتكب شرطة مجلسهم الكريم، بلسان وزيرة داخلية نطقت بالكلام المباح. لم يستنكروا ولم يأبهوا، فلا غروَ أن يعلن الفرزلي امس انهم اصحاب الحل والعقد “شاء من شاء وأبى مَن أبى”. ولا مفاجأة في أن يحاولوا ضرب صدقيتك و”الارتياب” بمشروعيتك، ليس ليجنبوا وزيرين الاستجواب بل لينسفوا التحقيق من الأساس.

 

سيدي القاضي،

 

هم انفسهم، مع بعض التعديلات، رفضوا التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري بحجة انه انتهاك لسيادة لبنان ولثقتهم بإبقاء الملف فارغاً من خلال الضغط على القضاء. اليوم يريدون ملفك فارغاً منذ البداية. محركوهم لا يخافون على اشخاصهم كونهم أدوات، بل يخشون الوصول الى الحقيقة لو تطور المسار فيتأكد اللبنانيون مرة جديدة ان تحالف المافيا الحاكم دمَّر ثلث بيروت، بعدما ضيَّع الودائع ونهب المؤسسات وجعل أمنية الأكثرية المغادرة من المطار.

 

سيدي القاضي،

 

انت محقق عدلي باسم الشعب، فلا تدَعْ محترفي الارتكابات يهدّون عزمك على تبريد قلوب أهالي الضحايا بالوصول الى العدالة ويدمرون مسبقاً انجازك التاريخي الممكن بتكريس دولة القانون واستقلال القضاء. فليس اجماع السلطة ضد مسارك إلا اجتماع أهل الباطل ضد أهل الحق واللئام ضد الكرام.