IMLebanon

هل من إنقلاب على الدستور والقانون؟

 

ترى مصادر قضائية مطلعة، انّ من اخطر ما يقوّض دولة لبنان اليوم هو زعزعة نظامه القضائي بعد زعزعة نظامه المالي. وتخشى ان يكون نسف هياكل السلطة القضائية الفصل الأخير من مسلسل القضاء على لبنان كدولة ونظام، بعدما وصل الامر الى ان تتقاذف الوزارات والسلطات التنفيذية والقضائية الادّعاءات واحدة تلو الآخرى بعضها على بعض، غير آبهة بتقويض هيبة الدولة اللبنانية داخلياً وخارجيّاً. وتتخوف هذه المصادر من أن يحمل الفصل القضائي الأخير من مسلسل الاستدعاءات في طياته، محاولات جدّية للانقلاب على الدستور والقانون.

أما عن «الارتياب بالقاضي»، والذي هو من صلاحية احدى غرف محكمة التمييز، ويُسمّى في القانون «طلب نقل الدعوى للارتياب المشروع»، فهو حق عائد للمدّعى عليه لتقديم شكوى مضادة، طالباً نقل الدعوى للارتياب المشروع بالقاضي، بحيث يتبلغ القاضي المعني الطلب، وله ان يقدّم جوابه خلال عشرة ايام، كما باقي الأفرقاء، ومنهم النيابة العامة التمييزية. وهذا ما حصل مع القاضي فادي صوان، الذي ينتظر حالياً قرار محكمة التمييز، بعد ان يقدّم جوابه، والذي من المفترض ان تبتّ به بعد انقضاء العشرة ايام المذكورة، وفي حال وافقت محكمة التمييز على استبدال صوان، فهي ستطلب تعيين قاضٍ بديل؟

 

هذا في الامور العادية، اما بالنسبة الى المحقق العدلي، فيتمّ تعيينه من قِبل وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى. ولفتت المصادر، الى انّ سابقة مشابهة حصلت في دعوى قُدّمت ضد القاضي الياس عيد، في قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وحينها طلب «ردّ القاضي» فوافقت محكمة التمييز عليه واستُبدل بالقاضي صقر صقر، علماً أنّ هناك نوعين من دعاوى الاعتراض على القاضي: «دعوى ردّ القاضي» و «دعوى الإرتياب المشروع». فيما انّ الوزيرين غازي زعيتر وعلي حسن خليل اختارا طلب نقل الدعوى للارتياب المشروع.

 

ومن هنا، اشارت مصادر قضائية مطلعة، الى انّ هناك اسباباً يحدّدها القانون لنقل الدعوى، وأحد هذه الاسباب، هو «الارتياب المشروع»، أي اذا كان احد الفرقاء لديه خشية بأن لا يكون القاضي متجرداً أي NEUTRE، أما النظر بالبت بالطلب فهو من صلاحية غرفة في محكمة التمييز.

 

وهنا، اذا قبلت بنقل الملف من قاضٍ الى آخر فتحيله الى المرجع الصالح الذي هو الرئيس الأول التمييزي أو الرئيس الأول الإستئنافي. أما في حالة المحقق العدلي، وبعد صدور قرار محكمة التمييز بنقل الدعوى للارتياب المشروع، فتبادر وزيرة العدل الى تسمية محقق عدلي جديد بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى.

 

وفي الوقائع، يبدو انّ محكمة التمييز تنتظر انقضاء مهلة العشرة ايام ليقدّم المحقق العدلي جوابه على طلب نقله، فيما يحق للمحامي العام التمييزي القاضي غسان خوري، المكلّف الدعوى في النيابة العامة التمييزية، ان يقدّم جوابه خلال تلك المهلة ايضاً.

 

وتلفت اوساط قضائية مطلعة، الى انّ هناك احتمالاً كبيراً بقبول محكمة التمييز طلب الارتياب، وذلك لأسباب عدة مشروعة، مشيرة الى انّها ليست المرة الأولى التي تقرّر فيها محكمة التمييز نقل الدعوى للارتياب المشروع بأي قاض يفصل في دعوى، مهما كان، وهذا في رأي الاوساط نفسها يُغني العمل القضائي ويعززه ولا يضعفه بحسب ما يفترض البعض.

 

كذلك تشير الأوساط نفسها، الى انّ قبول محكمة التمييز الدعوى التي قدّمها الوزيران المعترضان، جائز ايضاً، نظراً لطريقة الاستدعاء المخالفة للأصول، وهي غير دستورية وتخبئ في الشكل انقلاباً على الدستور والقانون، لأنّه لا يجوز الملاحقة اثناء الدورة النيابية العادية، بسبب الحصانة النيابية التي تحميها المادة 40 من الدستور.

 

وتلفت الاوساط نفسها، إلى مخالفة قانونية اضافية ارتكبها المحقق العدلي، باستدعائه ثلاثة محامين، مخالفاً بذلك قانون تنظيم مهنة المحاماة، والذي يبدو انّ نقيب المحامين وافق بدوره على المخالفة، ضارباً بعرض الحائط هذا القانون وموقف المحامين من حصانتهم المكرّسة في القانون.

 

وتعلّق الاوساط نفسها على الرسالة الموجّهة الى مجلس النواب بالقول: «من المعيب على قضاة أكفياء ان يُلقنّهم الرئيس نبيه بري درساً». وذلك في اشارة الى تعليق بري على الاستدعاءات بالقول: «الا تقرأون القانون؟». وتوضح تلك الاوساط، «انّ ملاحقة رئيس الحكومة ليست من صلاحية القاضي صوان وكذلك الوزراء، بل هي من صلاحية المجلس الاعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء».

 

العدلية والكواليس

وتخشى الأوساط القضائية من ان يكون هناك انقلاب على الدستور وعلى القانون في «زواريب العدلية»، لافتة الى «أّن الادّعاء جزائياً على هيئة ادارة استثمار المرفأ غير جائز قانوناً، لكونه لا يمكن الادّعاء على الدولة اللبنانية والمؤسسات العامة التابعة لها، اي انّه لا يجوز قانوناً التنفيذ على اموال الدولة». وعليه تشبّه الاوساط صوان بـ»قاضي ثورة»، اذ انّه، في رأيها، «لم يعد قاضياً عدلياً».

 

اما في حالة عدم قبول محكمة التمييز ردّ الدعوى، فترجح المصادر القضائية نفسها، أنّ القاضي صوان سيكمل وسيسطّر مذكرات توقيف، مؤكّدة أنّ الامر اذا حصل فعلاً، فسيثبت الحالة الإنقلابية الفعلية في العدلية. وتكشف المصادر انّ اللعبة تكمن في قرار تأجيل الدعوى الى ما بعد 4 كانون الثاني المقبل، وهذا، في رأيها، لكي تنتهي الدورة العادية لمجلس النواب وسقوط الحصانة عن زعيتر وخليل.

 

وتختم المصادر القضائية سائلة عن مذكرات التوقيف، وما اذا كانت النيابة العامة التمييزية ستحوّل تلك المذكرات الى التنفيذ، ومن سينفذ، واي جهاز امني، في وقت يأتمر الجميع بمجلس الوزراء؟ فهل سيتمّ التنفيذ على رئيس مجلس الوزراء والوزراء؟