القاضي طنوس مشلب عَلَمٌ من أعلام القضاء، فهو قاضٍ نزيه لا غبار على مسيرته القضائية… في كل موقع شَغَلَهْ ترك بصمات من الصدق والأمانة والاستقامة في الرأي.
السياسة لا تعني له شيئاً لا من قريب ولا من بعيد، التبعية السياسية غير موجودة في قاموسه القضائي، الحق والحقيقة يعلوان ولا يعلو أي شيء فوقهما.
لا أعدّد صفاته هذه لمصلحة ما، لأنّ لا علاقة بيني وبينه، حتى عندما عُيّـن رئيساً لمجلس القضاء الأعلى اتصلت به مهنئاً ولكن للأسف، حتى اليوم لم أقم بواجب التهنئة خاصة وأنّ «طبعه» يختلف عن طباع كثير من الناس، لأنه إنسان متواضع محترم دقيق في علاقاته ويحب الصدق.
طالما إني أتحدث عنه رأيت أنْ لا بد من أن أَذْكُرَ حادثة حدثت معي وهي:
جاءني رئيس تحرير إحدى المجلات السياسية المميّزة بحالة مزرية، وقال لي: يا حضرة النقيب هناك أحكام صدرت بحقي، بأكثر من 100 مليون ليرة لبنانية، وأنت تعرف وضع الصحافة، وأنا لا أملك المال لأسدّده نتيجة الأحكام الصادرة بحقي… لذلك فأنا لا أستطيع السفر، أو التحرّك من بيتي… فما هو العمل؟ قلت له: فلنكتب كتاب استرحام، ونقدّمه الى رئيس المحاكم القاضي طنوس مشلب، الذي هو رئيس محكمة الاسترحام يومذاك، ونذكر فيه الطلب من فخامة الرئيس «الرحمة».
ذهبنا الى العدلية، وقصدنا مكتب القاضي مشلب، وشرحنا له قضيتنا فقال: عندي حلٌّ، فأعطى أمراً بتوقيف التنفيذ حتى انتخاب رئيس للجمهورية وبعدها نعرض الموضوع على فخامته.
وهكذا حصل..
وخلال العودة من العدلية الى النقابة.. تغيّر وجه صديقي الإعلامي الكبير، وصارت ضحكته «غير شكل»، وكأنه كان يحمل ثقلاً كبيراً و»نزل عنه».
القرار الذي صدر عن المجلس الدستوري، كان طبيعياً، إذ لم يستطع المجلس أن يجمع 7 أعضاء حول قرار معيّـن، أما الحديث الصحافي الذي أعلن فيه القاضي طنوس مشلب ان الذي حدث طبيعي، وأنّ القضاة اتخذوا ما يرونه مناسباً وعلينا أن نحترم إرادتهم فكان واضحاً وصادقاً وصريحاً.. والأمر لا يحتاج لعملية استغراب وأنّ كل هذه الضجة التي أثيرت حول القرار لا مبرّر لها.
المشكلة الحقيقية ان الصهر العزيز الذي يعيش حالاً من الغرور الشديد، يعتبر ان أي موضوع يتدخل فيه، وأية وزارة يريدها سواء كانت وزارة الاتصالات أم وزارة الطاقة أم وزارة الخارجية لا بد من الحصول عليها، وكل الأعمال التي قام بها لا يسمح لأحد أن يقول له ماذا تفعل.
المصيبة الكبرى أنه اعتاد على استغلال موقع عمّه ليتصرّف وكأنّ عمّه غير موجود… المهم ان ما يقوله الصهر يجب أن ينفّذ في أي مكان يختاره هو، حتى أنّ هناك رواية تقول بأنّه منع شقيقات زوجته من الغداء الأسبوعي الذي يقيمه فخامته مع عائلته يوم الأحد… حتى وصلت الأمور الى القول: إنّ جبران اتصل بالحرس ووضع أسماء المسموح لهم بالدخول الى القصر.
اليوم… يعيش الصهر في أصعب أيامه وفي أواخرها.. إذ إنّ جميع المخططات التي وضعها سقطت وفشلت ولم يتبقّ له إلاّ الفشل… ومن الطبيعي أنّ الدكتور جعجع ينتظره على «الكوع».