IMLebanon

صرخة القضاء: انتفاضة الوطن

 

 

أمس نسينا، ولا أقول تناسينا الهَنات الهيّنات وحتى الخطيئات الجسيمات ونظرنا إلى القضاء اللبناني كما يجب أن تكون النظرة: الاحترام والتقدير والإجلال.

 

توقّفنا مليّاً أمام صرخة القضاة التي عبّروا من خلالها عن آلام وطن جريح وعن شعب منكوب يُعاني سكرات موتٍ لا يستحقّه. لقد انتفضت كوكبةٌ من القضاة وأصدرت بياناً نودّ أن نعتبره منعطفاً مفصلياً في تاريخنا عندما دعت، ومعها مساعدون قضائيون، إلى جمعية عمومية يُشارك فيها مجلس القضاء الأعلى ومجلس شورى الدولة وديوان المحاسبة، طبعاً والجسم القضائي كله، إلى الاعتكاف أسبوعاً كاملاً ابتداءً من يوم الاثنين المقبل. وعلى أهمية كل كلمة وعبارة في هذا البيان، أود أن أتوقّف عند المقطع المهم الذي أقتبسُ منه حرفياً:

 

«في ظلّ عجز الغالبية الساحقة من المواطنين عن تأمين قوتهم اليومي قرّرنا دعوة الشعب اللبناني إلى مطالبة الزعماء السياسيين كافةً الذين توالوا على الحكم عقوداً من الزمن إلى دعم الخزينة العامة (…) المفلسة والمنهوبة من أموالهم الخاصة (…). لا يمكن الاستفادة من ترف السلطة وغسل الأيادي عند جوع المواطن…».

 

ووصف البيان ما آلت إليه أوضاع البلاد والعباد بأنه «جريمة إبادية جماعية».

 

مُتابعو هذه الزاوية من القرّاء الأوفياء يذكرون من دون أدنى شكّ أننا كتبنا ها هنا، غير مرّة، أنّ إصلاح الحال في لبنان لن يتحقق إلا بالقضاء، ذي «الكفّ الأبيض»، لأن لا أمل يُرتجى من الجماعة السياسية التي هي، في معظمها، ولا نُعمّم، مجموعة من الميليشيويين الفاسدين والمارقين وسارقي أموال الناس والمتاجرين بلقمتهم وكرامتهم أيضاً.

 

إننا نرحّب بقوّة وبحماسة بهذه الانتفاضة القضائية ونأمل من قضاة لبنان، وفيهم العلماء والفقهاء والأعلام وذوو الضمائر الحيّة، أن يكون اعتكاف يوم الاثنين المقبل الشرارة التي ينبثق منها نور فجر جديد يكون مدخلاً إلى قيامة لبنان واستعادة الشعب اللبناني حقّه في كرامته المُستلَبة وأمواله المسروقة وعزّته المُمتهَنة، ومن أسفٍ أن نقول، ولقمة عيشه التي أذلّوه من دون الحصول عليها.

 

وإنها لفرصةٌ سانحةٌ لهذا الشعب الصابر الصامد أن يكون الظهير الحقيقي والفاعل لهذه الانتفاضة المُشرّفة، فلا يقف لامبالياً وكأنه غير معني بها.