هل كان منتَظَراً تأليف حكومة «مثالية»؟ وهل كان مَنْ سارع الى انتقاد الحكومة فور إصدار مرسوم تشكيلها ينتظر نوعية حكومية «غير شكل» في ظل الواقع القائم وسط الأجواء المشحونة إقليمياً وداخلياً (ناهيك بالأجواء الدولية)؟ وفي دوّامة التجاذب (بل والتصارع) الذي يهيمن على الساحة اللبنانية مع لغة تخاطب لحمتها التخوين وسداها الاتهامات وحتى… الشتائم؟!
من السهل أن نلجأ، معشر الصحافيين والإعلاميين، إلى تحميل هذا الطرف أو ذاك الفريق أو ذلك الحزب المسؤولية إنْ في تأخير التأليف أو نوعية الحكومة… ولكن هذا لا يبدّل شيئاً في أننا أمام واقع بات تشكيل الحكومة «في حدّ ذاته» مدعاة للفرح وربّـما للابتهاج كما حدث ليل الخميس إثر الإعلان عن إصدار المراسيم!
ونود أن نعرب عن ارتياح، مشوب بالحذر، كوننا خرجنا من نفق تصريف الأعمال الى رحاب حكومة طبيعية ستكتمل أوصافها القانونية الدستورية بنيل الثقة بعد بيان وزاري نعتقد بأن اللبنانيين جميعاً يريدونه سريعاً لأن الإطالة والمماطلة في إنجازه لم تعودا مقبولتين في أي حال.
نرتاح ليس لأننا في حضرة عباقرة جرى حشدهم في حكومة الثلاثين وزيراً، إنما لإعتبارات منها أننا نرحّب بتعيين أربع سيدات محترمات في صفوف الوزراء. ونحن من القائلين بالمناصفة بين الرجل والمرأة على الأقل.
ونرتاح لأنّ المؤشرات تتقاطع عند رغبة رئيس الجمهورية ميشال عون ورغبة رئيس الحكومة سعد الحريري في أخذ العبرة من التجربة المرة في فشل الحكومات المتعاقبة وعجزها عن الأخذ بلبنان الى ريادة العصر. على أمل أن يكون الدرس القاسي كافياً للدفع نحو نمط حضاري في الحكم. إذ لم يعد مقبولاً، بأي شكل من الأشكال، ألاّ تهب رياح إصلاح حقيقي وتغيير حقيقي على العمل الحكومي، أقلّه انطلاقاً من أنّ العالم حولنا يتغير ويتطور ويتقدم، ونحن لا يجوز أن نبقى في ذيل القافلة.
ونرتاح لما استمعنا إليه من بضعة وزراء (ذكوراً وإناثاً) إثر إعلان تعيينهم في التشكيلة الحكومية، مؤكدين على أنهم لن يكونوا مجرّد وزراء تقليديين في عالم يتجه الى أن يُسلس قيادته الى «الروبوت» بعدما أوكل إليه المهام بالغة التعقيد…. فهل يجوز أن نبقى نحن نعيش في عقلية الماضي مكتفين من الحكم بلقب صاحب المعالي؟
ونرتاح لأننا نعرف أن في أدراج الرئيس ميشال عون مجموعة من الدراسات والملفات العديدة التي من شأنها، في حال نقلها الى حيّز التنفيذ القانوني، أن تكون ذات فائدة عميمة، خصوصاً في مجال مكافحة الفساد الذي لا يحتاج، فعلاً الى وزارة بإسمه، إنما الى روح حرة نزيهة في الحقائب الوزارية كلّها، ومن دون أي استثناء (…)
وسنظل نعرب عن ارتياحنا الى أن تمرّ المئة يوم الأولى على التأليف، مع كبير الأمل بأن تنطلق ورشة العمل سريعاً في مختلف أعمال السلطة التنفيذية. علماً أننا من الذين يأملون أن تبدأ فور التسليم والتسلم في الوزارات كلها.