Site icon IMLebanon

الشرطة القضائية» جهاز يعمل.. من تحت الأرض!

بدا النائب وليد جنبلاط في مقابلته التلفزيونية مع الزميل مرسيل غانم، أمس الأول، كمنّ يقول «عليّ وعلى أعدائي». من تخيّل أنه «سيدافع» عن قائد الشرطة القضائية العميد ناجي المصري بوصفه «وديعته» الشخصية في قوى الامن الداخلي التي «تُشنّ عليها حرب في وزارة الداخلية»، كما قال، وجد أن الزعيم الدرزي وضع الجميع في قفص الاتهام بمن فيهم المصري نفسه: «قد يكون صالحا او فاسدا. حاسبوه للزلمي وليحقّق معه، لكن لتحاسبه سلطة شفّافة وليس «بقايا ضباط» همّ أصحاب نهاد المشنوق»، مؤكّدا أننا «لن نسمح لبعض المستشارين السيئي الذكر ان يخرّبوا سمعته».

اقترح جنبلاط حلّا لأصل المشكلة. نشوء «فرع المعلومات» بوظيفة الامن العسكري بداية ثم تحوّله لاحقا الى «حوت» ابتلع صلاحيات «الشرطة»، لذلك طالب «البيك» بـ «الطلاق الحبّي» بين هذين الجهازين. الإرهاب لـ «المعلومات» وباقي الصلاحيات لـ «الشرطة».

الاقتراح الجنبلاطي يبدو عمليا خارج الزمان والمكان، طالما ان «الشعبة» صارت «امبراطورية» يستحيل تحجيمها، وباتت تستحوذ على «شعبية» بوصفها «غراندايزر» الاجهزة الامنية، في وقت تشحذ فيه «الشرطة القضائية» الامكانات والتجهيزات والعديد والعتاد.

ينقل عن قائد الشرطة القضائية قوله لضباطه: «لا أريد تسليم الجهاز لمن سيأتي بعدي منهكا لا حول له ولا قوة. نحن لا زلنا في مجال التحقيقات تحت الارض».

تمتد صلاحيات الشرطة القضائية لتشمل تقريبا كل شيء. قسم المباحث الاقليمية (12 مفرزة قضائية)، قسم المباحث الجنائية (الجرائم المالية، السرقات الدولية، جرائم وحماية الملكية الفكرية والمعلوماتية)، قسم المباحث العامة (مكتب المخدرات المركزي موزّعة مراكزه على البقاع والجنوب والشمال، مكتب القمار، مكتب الآداب والاتجار بالبشر)، قسم المباحث المركزية تابع للنيابة العامة التمييزية، قسم الارهاب (مكاتب بيروت والشمال والبقاع)، قسم السياحة، قسم المحفوظات الجنائية، قسم المباحث العلمية (مكتب التحقق من الهوية، الادلة الجنائية، المختبرات).

صلاحيات شاملة بإمكانيات أقل من متواضعة. واقع يعترف به ضباط الجهاز وعناصره. مع ذلك اصحاب الاحصاء في «الشرطة القضائية» يقولون أنه في العام الماضي فقط، بلغ عدد المحاضر التي حقّق فيها 58200 محضر بكل القطعات، ونحو 3700 موقوف مباشر، و5700 موقوف محال الى قطعات الشرطة القضائية، و9 آلاف موقوف في جرائم مختلفة.

تنازع الصلاحيات بين «المعلومات» و «القضائية» أمر قائم منذ سنوات، والشكاوى المضادة بين الطرفين غالبا ما تخرج من أروقة المديرية الى حدّ نشر الغسيل المتبادل. جديده فقط اختيار جنبلاط هذه اللحظة السياسية بالذات ليقود حملة دفاعية عن «الجهاز» المحسوب عليه سياسيا. تحدّث جنبلاط عن تداخل الصلاحيات: «لذلك كل واحد يشتغل شغلتو، وعندها نستطيع محاسبة ناجي المصري».

ربما يكون ملف الدعارة النقطة التي أخرجت المختارة عن طورها. بدا لافتا للانتباه دفاع جنبلاط عن «أمن حزب الله» الذي له طريقته في العمل، فارتأى احالة ملف شبكة «شي موريس» الى الاستقصاء وليس المفارز القضائية، فيما صرخة «البيك» قامت أساسا على «تشليح» العميد المصري ملفا هو في أساس صلاحياته، مصوّبا هجومه على «الهرمية غير النظيفة» في الداخلية.

يمكن لضبّاط «الشرطة القضائية» ان يسردوا مطوّلات عن الغبن الذي يجعلهم يعملون بأقلّ من الحد الادنى من الصلاحيات، «تُصرف عشرات ملايين الدولارات على «المعلومات» الذي قام أساسا كجهاز للامن العسكري ويعمل اليوم بصلاحيات «الشعبة» (وليس الفرع) خلافا للقانون، وتؤمّن له التجهيزات وعناصر بشرية من النخبة (يقرّر فصلها وتوزيعها المدير العام كذلك اختيار الضباط للدورات في الخارج) وعتاد وإمكانات و«داتا اتصالات» لا تقارن حتى بما تحصل عليه «القضائية»..

في مكتب الآداب التابع للمصري، ضابط واحد، وفي مكتب القمار ضابط واحد، وفي البقاع معقل المخدرات ضابط واحد، في الجرائم المالية ضابطان. آلاف الخطوط الرباعية وشبكة مقفلة تحت تصرّف «المعلومات» فيما يرمى لنا الفتات، سيارات للمداهمة لم تشغّل بعد لدى «المعلومات» ونحن نشحذها، ومخصّصات سرّية لـ«المعلومات» عشرات اضعاف تلك التي تحوّل الى «الشرطة القضائية».

ولـ«مجموعة النخبة» التي تمّ إنشاؤها حديثا في «الشرطة القضائية» رواية خاصة. فقد ساهم الاوروبيون بولادة مجموعة الـ BRI، وقد أخذت وقت طويلا كي تكتمل معالم هيكليتها، ومنذ أشهر قليلة وصلت التجهيزات لكنها، بحسب ضباط «الشرطة»، ليست حديثة وتحتاج بدورها الى تحديث، والى مكمّلات اخرى كي تصبح في الخدمة، طلبناها من المديرية ولم يُلَبَّّ طلبنا بعد، مع العلم ان «المعلومات» تحظى اليوم بالمجموعة نفسها وقد حصلت على التدريبات والتجهيزات المطلوبة».

ثمّة تحقيقان مفتوحان بالتزامن داخل «الشرطة القضائية» والمفتشية العامة بقيادة العميد جوزف كلاس حول التقصير الذي واكب عملية الكشف عن شبكة الدعارة والاتجار بالبشر في «شيه موريس». النتائج لم تظهر بعد، فيما تبدي «الشرطة القضائية» كل تعاون لكشف المقصّرين ومحاسبتهم.

وفيما وجّهت أصابع الاتهام الى مكتب الآداب الذي قام بتوقيف صاحب الفندق موريس جعجع منذ اشهر فيما بقي «الشغل ماشي» في وكر الدعارة والتعنيف، ما برّر لاحقا تجيير الملف الى الاستقصاء، فإن المتابعين للملف في «الشرطة القضائية» يقولون إنه في العام الماضي تمّ توقيف نحو 700 شخص بين دعارة وتسهيل دعارة، وفي فترات سابقة، فإن عشرا من الفتيات اللواتي عملن في الفندق تمّ التحقيق معهنّ سابقا ولم يذكرن بأي لحظة أنهن تعرّضن للتعنيف، وكان مكتب الآداب يزمع تحضير كمين للعصابة التي تقف وراء شبكة «شيه موريس» بالتنسيق مع محطة تلفزيونية لتصوير عملية المداهمة وقد تمّ فعلا أخذ الاذن بالتصوير، وقد كانت الشبكة تحت الرصد، لكن لو قام الاستقصاء بالتنسيق معنا لتمّ القبض فعلا على العصابة وليس فقط تحرير الفتيات، مع العلم ان القانون يمنع «الاستقصاء» من إجراء التحقيق فيما مهمّته تنحصر بكتابة التقارير ومحاضر المعلومات وتسليمها الى اصحاب الاختصاص للتوسّع في للتحقيق».