IMLebanon

مرقص يذكّر بسابقة فرنسية في التمديد لكنّه يستبعدها

 

مصير مجلس القضاء الأعلى على المحكّ فهل تُشلّ أعماله؟

 

 

هل يصبح مصير مجلس القضاء الاعلى المؤلف من عشرة قضاة على المحك، وتشلّ أعماله مع بدء العدّ العكسي لانتهاء ولاية اعضائه غير الحكميين السبعة وهم القضاة: روكز رزق وهيلانة اسكندر وسهير الحركة وماهر شعيتو وإليان صابر، بعدما كان استقال منذر ذبيان على اثر ملاحقته التأديبية وأُحيل كلود كرم لبلوغه السنّ القانونية؟

 

السؤال يطرح نفسه بقوة مع غياب اي نص يبرّر للمجلس، في حال عدم التعيين، الاستمرار بتصريف الاعمال، وسط تفاقم الصراع السياسي واشتداد شدّ الحبال السياسي ـ القضائي الذي سيحول دون التعيين، كما يحول اليوم دون إنجاز اي توافق على تشكيل الحكومة. فمجلس القضاء الاعلى يعكس بتعييناته التوازنات السياسية، كون آلية التعيين لغالبية الاعضاء تستند الى مراسيم بناء لاقتراح وزير العدل.

 

واذا كانت ولاية رئيسه سهيل عبود ونائب الرئيس القاضي غسان عويدات ( النائب العام التمييزي) وبركان سعد (رئيس هيئة التفتيش القضائي) مستمرة طوال مدّة تولية المهمة، كون الثلاثة أعضاء حكميين معيّنين بمرسوم بعد موافقة مجلس الوزراء، فإن استكمال تعيين الاعضاء الباقين الذين لا يحتاجون الى جلسة لمجلس الوزراء، بل الى اقتراح من وزير العدل وتوقيع رئيسي الحكومة والجمهورية يبقى مرهوناً بحصول التوافق، البعيد حالياً عن الحقيقة.

 

سابقة فرنسية

 

ويوضح المرجع القانوني ورئيس مؤسسة JUSTICIA الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص لـ”نداء الوطن” ان النظام القضائي اللبناني مستوحى بشكل كبير من القانون الفرنسي، وعادةً ما يلجأ الفقه والاجتهاد اللبناني الى النظام الفرنسي في سبيل حلّ معضلات لم تنصّ عليه القوانين اللبنانية. ويقول:”إذاً، وفي ما يتعلق بانتهاء ولاية مجلس القضاء الأعلى في غضون اسابيع وإمكانية تمديد هذه الولاية، والتي لم يتناولها التنظيم القضائي في لبنان، نشير إلى أنه مع وصول ولاية مجلس القضاء الأعلى الفرنسي الى نهايتها، تبنّى مجلس النواب الفرنسي المرسوم رقم 199-94، الذي تم بموجبه تمديد ولاية مجلس القضاء الأعلى الفرنسي لفترة محدودة واستثنائية، وذلك بالاستناد الى ما توصّل اليه الاجتهاد القضائي للمجلس الدستوري والذي نصّ على أن هذا التمديد “يجب أن يكون محدوداً وأن يكون ذا طبيعة استثنائية وعابرة”، وأتى هذا التمديد نتيجة دراسة مجلس النواب الفرنسي لتعديل المادة 65 من الدستور الفرنسي (المتعلقة بتنظيم مجلس القضاء الأعلى)، وبحسب القوانين الفرنسية لا يمكن تعيين أعضاء جدد في مجلس القضاء الأعلى الا بعد تعديل هذه المادة والتي تحتاج الى وقت لإقرار التعديل كونها سوف تمرّ بالمجلس الدستوري أولاً.

 

إذاً، في هذه الحالة تم استيفاء شروط الطبيعة الاستثنائية والعابرة التي أشار إليها اجتهاد المجلس الدستوري في هذه الحالة، بالإضافة الى ما نصّ عليه مشروع القانون الأساسي “على أن تمديد ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى لا يمكن أن يمتد إلى ما بعد 31 كانون الثاني 2011. وبالتالي، سيتم تمديد ولاية أعضاء مجلس القضاء الأعلى إلى ثمانية أشهر كحدّ أقصى.

 

وهكذا، يبدو أن الخيار المعتمد هو الأنسب لضمان بدء نفاذ الصياغة الجديدة للمادة 65 من الدستور في ظل أفضل الظروف الممكنة”.

 

كما وأشار نصّ المرسوم الى أنه من أجل الصالح العام يجب تمديد الولاية الحالية عوض الفراغ في عضوية مجلس القضاء الأعلى لبضعة أشهر. إذاً، وبما أنّ المبدأ الذي اتّجه اليه الاجتهاد الفرنسي هو أن يكون تمديد الولاية “محدوداً وذات طبيعة استثنائية وعابرة” بالإضافة الى عنصر “المصلحة العامة”، يسأل مرقص هل يكون تمديد ولاية مجلس القضاء الأعلى في لبنان ممكناً إذا ما كانت الظروف تقابل هذه العناصر؟ ويجيب “ان ذلك من السيئات التي يجب الابتعاد عنها لأنها لا تأتلف مع طبيعة وسير العمل القضائي في لبنان، وتقدّم حجّة لمريدي البقاء في السلطة وتبريراً للتقاعس عن تشكيل الحكومة الجديدة”.

 

ولاية النائب العام التمييزي

 

وعن مدة ولاية النائب العام التمييزي يشير مرقص “الى أن المادة 13 من قانون أصول المحاكمات الجزائية نصّت على أنه “يرأس النيابة العامة لدى محكمة التمييز نائب عام يعين بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل. يعاونه محامون عامون” كما وقد نصّت المادة 2 من قانون القضاء العدلي على أنه “يتألف مجلس القضاء الأعلى من عشرة اعضاء منهم اعضاء حكميون هم الرئيس الأول لمحكمة التمييز رئيساً، النائب العام لدى محكمة التمييز نائباً للرئيس، رئيس هيئة التفتيش القضائي عضواً، و”تستمر ولايتهم طيلة مدة توليهم لمهامهم”.

 

ويضيف بتحفّظ:”مؤدّى هذه المواد أن النائب العام التمييزي يستمرّ على رأس أعماله طيلة فترة توليه مهامه، مع الإشارة الى انه وفي عام 2012 عندما وقع رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان مرسوم رقم 8265 القاضي بتعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى، فقد استمرّ في المجلس الجديد النائب العام التمييزي آنذاك القاضي سعيد ميرزا في منصبه، وقد أشير الى أنه سوف يبقى في منصبه هذا حتى تاريخ احالته الى التقاعد”.

 

المراحل القانونية لملفّ عون

 

وعن المراحل القانونية التي سيمرّ بها ملفّ القاضية غادة عون بعدما أحاله مجلس القضاء الاعلى الى هيئة التفتيش القضائية، يشير مرقص بداية الى ما نصّ عليه اجتهاد مجلس شورى الدولة – بيروت رقم 17 تاريخ 2/2/1999 “إن مجلس القضاء الاعلى هو هيئة ادارية ذات صفة قضائية يخضع لمراجعة النقض امام مجلس شورى الدولة. ان قرارات المجلس التأديبي للقضاة العدليين نافذة بذاتها. يمكن في حالة خاصة الطعن في التدبير او الاعمال التمهيدية لصدور القرار إذا كانت مشوبة بعيب كصدورها من سلطة غير صالحة. كل ملاحقة تأديبية من سلطة غير صالحة تكون مشوبة بعيب جوهري يجعل اجراءات التحقيق والتفتيش وإنزال العقوبة باطلة. إذا جاء قرار الإحالة على المجلس التأديبي مشوباً بعيب جوهري ومخالفاً للإحكام العامة فإن هذه المخالفة تعيب الاجراءات التأديبية والقرار الذي يصدر بنتيجتها”. اما المادة 64 من نظام مجلس شورى الدولة فتقول: “لا تخضع القرارات التأديبية الصادرة عن مجلس القضاء الاعلى للمراجعة بما في ذلك مراجعة النقض”، و المادة 5 من قانون القضاء العدلي: “بالإضافة الى المقررات التي يتخذها مجلس القضاء الاعلى والآراء التي يبديها في الحالات المنصوص عليها في القانون والانظمة تناط به الصلاحيات التالية: تأليف المجلس التأديبي للقضاة، ودرس ملف اي قاض والطلب الى هيئة التفتيش القضائي اجراء التحقيقات اللازمة واتخاذ التدابير والقرارات المناسبة. وتذكر المادة 85 من قانون القضاء العدلي “يتألف المجلس التأديبي للقضاة من رئيس غرفة لدى محكمة التمييز رئيساً وعضوية رئيسي غرفة لدى محكمة الإستئناف، يعينهم رئيس مجلس القضاء الأعلى في بدء كل سنة قضائية، كما له ان يعين بديلاً لأي منهم عند الغياب او التعذّر. يقوم رئيس هيئة التفتيش القضائي او من يفوضه من اعضاء الهيئة بوظيفة مفوض الحكومة لدى المجلس. ينظر المجلس في تأديب القضاة بناء على إحالة مجلس هيئة التفتيش القضائي”.

 

تطبق على رئيس وأعضاء المجلس أسباب الردّ والتنحي المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات المدنية. ينظر مجلس القضاء الأعلى في طلب التنحي بمهلة ثلاثة ايام على الأكثر.

 

وتنص المادة 86 من قانون القضاء العدلي على:”يضع الرئيس تقريراً أو يكلف أحد عضوي المجلس بذلك، يجري المقرّر التحقيقات اللازمة ويستمع الى صاحب العلاقة ويتلقّى إفادات الشهود بعد اليمين ويرفع تقريره الى المجلس بلا إبطاء”.

 

والمادة 87 من قانون القضاء العدلي:”يقبل قرار المجلس (المجلس التأديبي للقضاة) الطعن من قبل القاضي المعني او من قبل رئيس هيئة التفتيش القضائي بمهلة خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره امام الهيئة القضائية العليا”.

 

تتألف الهيئة القضائية العليا للتأديب من رئيس مجلس القضاء الأعلى او نائبه رئيساً ومن اربعة أعضاء يعينون من قبل المجلس في بداية كل سنة قضائية، كما يعين المجلس بديلاً لأي منهم عند الغياب او التعذّر. تُتبع لدى الهيئة القضائية العليا للتأديب إجراءات المحاكمة المعمول بها امام المجلس التأديبي.

 

لا يقبل قرار الهيئة القضائية العليا للتأديب أي طريق من طرق المراجعة بما فيها التمييز ويكون نافذاً بحد ذاته بمجرد إبلاغه الى صاحب العلاقة بالصورة الإدارية.

 

واضاف مرقص:”إذاً، وبالاستناد الى كل ما ورد يمكن تلخيص الخطوات بالتالية:

 

١ـ يحيل مجلس القضاء الاعلى القاضي المعني الى هيئة التفتيش المركزي (المادة 5 “ج” قانون قضاء عدلي).

 

٢ـ هيئة التفتيش المركزي تحقّق بجميع الوسائل بقضية القاضي وبعدها تحيل توصياتها الى مجلس القضاء الاعلى الذي يقوم بتأليف المجلس التأديبي للقضاة (المادة 106 تنظيم التفتيش القضائي) (المادة 85 قضاء عدلي).

 

٣ـ يصدر المجلس التأديبي للقضاة قراره بملف القاضي المعني (86 قانون قضاء عدلي).

 

٤ـ إذا كان القرار مخالفاً لتوصيات هيئة التفتيش القضائية او كان لغير صالح القاضي المعني يمكن لكليهما الطعن بهذا القرار في غضون 15 يوماً من تاريخ صدوره امام الهيئة القضائية العليا (87 قانون قضاء عدلي).