IMLebanon

مسمار جحا  

 

غريب أمر السلاح الكيميائي السوري… يغيب «عن السمع» أشهراً ثم يظهر فجأة… في وقت تحوطه أسرار الآلهة، فلا يُعرف متى يظهر الى العلن ولماذا؟!. ولا يُعرف كذلك، متى يختفي ولماذا؟!.

 

اليوم تتجه منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الى إرسال فريق بعثة لتقصّي الحقائق الى سوريا، وذلك بالتزامن مع طلب من سوريا وروسيا بالتحقيق في مزاعم استخدام الاسلحة.

وقالت المنظمة في بيان «منذ صدور التقارير الأولى عن الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية، قامت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بجمع المعلومات من جميع المصادر المتاحة وتحليلها، وفي الوقت نفسه، طلب المدير العام للمنظمة، النظر في إرسال فريق بعثة تقصّي الحقائق لإثبات الحقائق المحيطة بهذه الادعاءات».

وهذا بات تقليداً تدرج عليه المنظمة الدولية لحظر الاسلحة الكيميائية تارة بمبادرة ذاتية وطوراً بتحريك من المنظمة الأممية.

ولقد دخل السلاح الكيميائي عنصراً بارزاً في الحرب المزمع أن يشنها النظام السوري مدعوماً من روسيا ضدّ إدلب التي باتت أكبر تجمع للمقاتلين من تنظيمي داعش والنصرة المصنّفين عربياً ودولياً بأنهما إرهابيان.

وحسب ما يقول الموفد الأممي دي ميستورا فإنّ عدد مسلحي التنظيمين الموجودين في إدلب يبلغ عشرة آلاف مقاتل.

الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا تعترض على استخدام النظام السلاح الكيميائي في هذه الحرب المتوقعة، وتعرب الدول الكبرى الثلاث عن استعدادها لتوجيه ضربة قوية الى سوريا (يقصد بها قوات النظام ومواقعه الاستراتيجية) إذا استخدم الأسلحة الكيميائية، زعماء ومسؤولو واشنطن وباريس ولندن قالوا بالفم المليان إنهم سيوجعون سوريا في ردّهم على استخدامها المفترض للسلاح الكيميائي.

روسيا تدّعي انها تملك وثائق ثبوتية على أنّ الدول الثلاث (وأميركا تحديداً) قرّرت توجيه ضربة كيميائية «محدودة» الى منطقة ما في إدلب ثم اتهام النظام بأنّه وراء الضربة.

يدور هذا الصراع على الكيميائي وكأننا في المراحل الأولى لاستخدامه من قِبَل النظام، يومها كانت أميركا برئاسة باراك أوباما الذي هدّد بتوجيه «ضربة قاضية» للنظام السوري… وأرسل بوارجه الحربية الى البحر المتوسط قبالة الشواطئ السورية، فتدخلت روسيا واتفق «الكبيران» على إلغاء الضربة الاميركية مقابل أن تنقل روسيا الأسلحة الكيميائية من النظام الى خارج سوريا.

وفي السنوات الأربع التي تلت هذه «الواقعة» بقي الحديث يدور حول السلاح الكيميائي سلباً وإيجاباً، ليظهر فيختفي وليظهر مجدداً الخ…

ويبدو أنّ إثارة المسألة الكيميائية ذات مردود وأرباح على حد ما كتب بعضهم عن خصوصية هذه الحال التي تتيح لأي دولة، حتى تلك التي ينبغي، نظرياً، أن يقع فيها ضحايا، الحصول على بعض المزايا أو المكاسب من الاستفزاز بالأسلحة الكيميائية، فيما تتحمّل المخاطر جميع الجهات الفاعلة، حتى أولئك الذين يقفون وراء تنظيم «الاستعراض الكيميائي».

وكما يقول البعض فإنّه يمكن لموسكو وطهران أيضاً أن تستخلصا مكاسب معيّنة من الاستفزاز الكيميائي، فيما لو خسرت الولايات المتحدة اللعبة في البوكر الديبلوماسي، فتراجع ترامب أو حتى موافقته على «ضربة إستعراضية» أخرى، سوف ينفّر آخر حلفاء واشنطن الذين ما زالوا يؤمنون بالضمانات الاميركية.

وبينما يقرع النظام السوري طبول الحرب على إدلب، يزداد «الإئتلاف الثلاثي المستجد» حضوراً من خلال القمة المرتقبة في السابع من شهر أيلول الجاري بين بوتين وأردوغان وروحاني لبحث المسألة السورية عموماً والحرب على إدلب خصوصاً و»قضية» السلاح الكيميائي تحديداً.

هذا السلاح الذي يبدو كمسمار جحا باقياً في الحائط كذريعة للدخول والخروج في كل حين!..

وكان الله في عون الشعب السوري.

عوني الكعكي