يسعى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، إلى تدوير الزوايا والحفاظ على أمن واستقرار الجبل، بحيث ينقل عن محيطين به قلقه ومخاوفه من استمرار التدهور الحاصل على المستويات الإقتصادية والمعيشية، ولهذه الغاية، يستنفر قيادة حزبه ويتواصل بشكل يومي مع وكلاء داخلية المناطق في الشوف وعاليه والمتن، وصولاً إلى راشيا وحاصبيا، حيث بات هناك مستودعات لأنواع من القمح وغيرها من الحبوب والدواجن، وذلك يعود إلى خشية زعيم المختارة من أي تطورات دراماتيكية قد تحصل معيشياً، وهذا ما قد يؤدي إلى نقص في هذه المواد الإستهلاكية، ولهذه الغاية، فإنه مستمر في تحصين الجبل تموينياً وغذائياً، إلى متابعته للمسائل الصحية، وبمعنى أوضح، أن هذه المسائل تأخذ الحيّز الأبرز في السياسة الجنبلاطية في المرحلة الراهنة.
أما في الشأن السياسي، تشير معلومات المحيطين بجنبلاط، إلى أن سيد المختارة ونظراً لما لديه من مؤشرات ومعطيات تبعث على القلق، فهو قام بخطوات لافتة انطلاقاً من المصالحة الدرزية ـ الدرزية، وصولاً إلى تنظيم الخلاف مع رئيس الجمهورية ميشال عون، وحيث ينقل وفق هؤلاء، أن المؤشّرات والأجواء تشير الى التهدئة، وهذا ما أراده جنبلاط من خلال التوصل إلى تنظيم الخلاف مع بعبدا، في حين أن لا تواصل أو اتصالات مع الحكومة، بل أنه يعتبرها جنبلاط «غير موجودة»، في حين كان بالأمس لعضو «اللقاء الديموقراطي» النائب مروان حمادة موقف واضح، عندما قال «ان الحكومة لا شيء» وبالتالي، أن تلقّف جنبلاط بإيجابية عظتي البطريرك بشارة الراعي عاد بالأمس النائب حمادة ليؤكد على أهميتها، ويقول لـ«الديار» ان «لبنان وعندما خرج عن الحياد انهارت مؤسّساته الدستورية وما الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية المأزومة إلا دليل على هذا المعطى وخروجنا عن الحياد».
من هذا المنطلق، فإن جنبلاط في صدد مواصلة هذه السياسات الإنفتاحية والتصالحية على كافة القوى السياسية والحزبية، وتنفي الأوساط المحيطة بالمختارة، وجود أي «فيتو» أو منع لأي حزب أو لتيار سياسي من ممارسة حقه في العمل السياسي والتعبير وإبداء الرأي في الجبل، وما ينقل عن بعض المواقع الإلكترونية إنما معروف الأهداف والغايات، حتى أن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي يرفع الغطاء عن أي حزبي أو مناصر أو أيِ كان في حال تسبّب بأي إشكال في الجبل.
ويبقى، وفي سياق تعزيز أجواء مصالحة الجبل، والعلاقة بين المسيحيين والدروز، وعلى المستوى الوطني بشكل عام، فإن حدثاً بارزاً ستشهده بلدة بعقلين من خلال تدشين كنيسة مار الياس التي كان أعاد ترميمها النائب نعمة طعمه، وحيث ستشهد هذه البلدة حضوراً بارزاً من المطارنة والمشايخ ونواب ووزراء «اللقاء الديموقراطي»، وسيليها لقاء في قاعة آل حمادة، وعشاء جامع في المختارة، ما يحمل دلالات كثيرة في سياق تعزيز العيش الواحد والإستقرار في الجبل، وهذا ما يشدّد عليه الزعيم الجنبلاطي، ولا سيما أن بلدة بعقلين معروفة بقيمها الروحية والأدبية والثقافية والتعايشية، ويأتي هذا الإحتفال في ظروف بالغة الأهمية مما يحصّن الجبل، الأمر الذي سيترك أثراً لدى المسيحيين أيضاً من خلال الذبيحة الإلهية التي سيترأسها المطران مارون العمّار، خلال هذه المناسبة الروحية والوطنية.