اختصر رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ، الموقف الفعلي لفريق المعارضة عندما رفع السقف عالياً متجاوزاً كل الخطوط الحمر التي التزم بها على مدى السنوات الأخيرة عندما استقرّ في موقع الوسط، حيث أنه استعاد خطابه السياسي السابق، مستحضراً النبرة ذاتها التي طبعت إطلالاته خلال العام 2005 غداة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وذلك لجهة المطالبة بلجنة تحقيق دولية من أجل إعلان الحقيقة حول الإنفجار الكارثي في مرفأ بيروت.
وإزاء هذا التحوّل اللافت، يقول مصدر نيابي قريب من المختارة، أن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي، قد كرّس بالأمس وخلال مؤتمره الصحافي مشهداً سياسياً سابقاً شهدته الساحة المحلية منذ عشرات السنين عندما كانت هذه الساحة منقسمة بين فريقي 8 و14 آذار، ولكن مع استثناء أن «التيار الوطني الحر» الذي كان في فريق الرابع عشر من آذار لم يعد منخرطاً فيه، مع ما يعنيه هذا الإصطفاف من دلالات في اللحظة السياسية الراهنة البالغة الدقّة والخطورة على الأصعدة كافة، وليس فقط على الصعيد السياسي، بل على صعيد المصير بشكل عام بعد الكارثة التي ضربت لبنان كله مساء يوم الثلثاء الماضي. لكن ما ينطبق على فريق الرابع عشر من آذار ينسحب أيضاً على الثامن منه بفعل التحوّلات الأخيرة، وتحديداً منذ الإنتخابات الرئاسية، وحول هذه الزاوية يوضح المصدر النيابي، أن زعيم المختارة لا يطرح اليوم العودة إلى الإصطفافات السياسية السابقة كونه يأخذ في الإعتبار كل هذه المتغيّرات، ولكنه يقترب كثيراً في كلامه بالأمس من موقف البطريرك بشارة الراعي حول حياد لبنان، وبالتالي، فهو لا يطلق الكلام العالي النبرة من أجل المزايدة، بل يطرح الحل الملائم للوضع السياسي المحتقن حيث يبدو الافق مسدوداً والبلد يغرق بأزماته، ولا يقوم هذا الحل على تعزيز الإنقسامات السياسية، ولكن توحيد المواقف تحت عنوان الحياد عن صراعات المحاور الدولية والإقليمية، والتركيز على ترجمة الوحدة والحياد من خلال عملية إنقاذ داخلية تتضافر فيها جهود كل اللبنانيين على اختلاف طوائفهم وانتماءاتهم السياسية.
ويضيف المصدر نفسه، أن رئيس الإشتراكي، لم يقطع الجسور مع كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومع «حزب الله»، كونه لم يحيد عن ثوابته بالنسبة للإستقرار وحماية المصالحة في الجبل توازياً مع تنظيم الخلاف السياسي مع الحزب.
وفي المقابل، فإن التصعيد تركّز على الحكومة، كما أضاف المصدر النيابي، حيث أن زعيم المختارة حدّد خارطة الطريق الخاصة بمعارضته اليوم وهي العمل على التغيير الحكومي والإنطلاق من الفريق الحكومي المستقل إلى إعادة بناء ما تهدّم على المستوى الداخلي سواء بالنسبة لإعادة إعمار بيروت المنكوبة، أو بالنسبة لإعادة خطوط التواصل والحوار بين القوى السياسية كافة بعيداً عن الإنقسامات وتصفية الحسابات والكيدية.
ومن هنا، فإن المصدر النيابي نفسه، يتوقّع أن يخلط مضمون المؤتمر الصحافي لرئيس الإشتراكي الأوراق السياسية الداخلية، وأن يشكّل الخطوة الأولى في مسيرة التغيير الذي يدعو إليه الداخل كما الخارج في معرض الكلام عن أهمية إعادة تكوين السلطة.
ومما قاله جنبلاط في مؤتمره الصحافي «اننا لا نؤمن لا من قريب ولا من بعيد بلجنة تحقيق محلية ولا ثقة اصلاً بالحكومة ونطالب بلجنة تحقيق دولية ونحن نشكر الدول العربية التي اتت الى لبنان المجروح ليقولوا نحن معكم رغم كل الصعاب واشكر فرنسا». مضيفاً: «باقون في المجلس ونطالب بانتخابات مبكرة خاصة ان استقالتنا ستفتح مجالاً لمحور التيار الوطني الحر – حزب الله للسيطرة على كل مجلس النواب».
وقال جنبلاط: «السؤال هو لماذا تغيبت وزارة الشؤون الاجتماعية عن دورها الطبيعي؟ وادعو الى انشاء صندوق وطني للتعويضات يساهم فيه كل مواطن وفق مقدوره.