استرعت المواقف الأخيرة لرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط باهتمام بارز، وتحديداً حول دعوته لتعويم حكومة الرئيس حسان دياب من خلال انكبابها على معالجة شؤون الناس وأوضاعهم المزرية، مما يشير وفق المعلومات المستقاة من جهات مقربة من الزعيم الجنبلاطي، إلى أنه يدرك أن لا حكومة في المدى المنظور بناء على معطيات داخلية وخارجية، في حين يلاحظ أن هناك غيابا عن اللقاءات بين كليمنصو وبيت الوسط، على الرغم من غياب المواقف التصعيدية أو الغمز تجاه رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، وهنا ينقل أيضاً من المحيطين برئيس الحزب الإشتراكي، أنه غير مرتاح لحركة الرئيس الحريري على خلفية تجاهله لبعض المرجعيات السياسية والحزبية، إنما لا يريد جنبلاط الدخول في أي مهاترات أو خلافات، في هذه المرحلة لجملة اعتبارات سياسية ومناطقية، ونظراً لحالة البلد الإقتصادية والإجتماعية، إذ أنه لا يودّ الغرق في الخلافات مع أي طرف سياسي بما فيهم رئيس تيار «المستقبل»، إذ يلاحظ أنه لم يلتقيه منذ تكليفه، واقتصر الأمر على المكالمات الهاتفية والتواصل من خلال معاونه السياسي النائب وائل أبو فاعور مع بيت الوسط.
من هذا المنطلق، فإن جنبلاط، القلق إلى حدّ كبير على الوضع الداخلي، وتحديداً الإقتصادي، كان لافتاً مطالبته بأن تتولى حكومة تصريف الأعمال زمام الأمور ولا سيما تلك المرتبطة والمتعلقة بالشؤون الإقتصادية والمعيشية والصحية، ما يستشف من خلال هذه المطالبة أنه لا حكومة في المدى القريب، وكذلك، لا اعتذار للحريري أيضاً لأكثر من خلفية سياسية، وقد يكون ذلك متناغماً ما بين بيت الوسط والإيليزيه، وهذا بحسب العارفين ببواطن الأمور، إنما هو عملية قطع الطريق على رئيس الجمهورية ميشال عون و«التيار الوطني الحر» للتوصل إلى مخارج دستورية كي تعود الحكومة عن استقالتها، على اعتبار أن رئيس الجمهورية و«التيار الوطني» وسواهم، يدركون جيداً صعوبة تكليف أي شخصية سنّية غير الحريري، كونهم يعلمون أن ذلك غير متاح ويلقى رفضاً من نادي رؤساء الحكومات السابقين، وكذلك من دار الفتوى.
وفي غضون ذلك، فإن ما طالب به جنبلاط، إنما هو نابع من قلقه وهواجسه من حصول إنهيار إقتصادي واجتماعي يتخطى الواقع الحالي، وصعوبة تلقي لبنان أي دعم خارجي، وتحديداً من الدول المانحة ودول الخليج، وبناء عليه، فإنه أخذ هذا الموقف، وهو الذي يتواصل وينسّق ويتناغم ويتوافق مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، حيث يلتقيان على كل العناوين السياسية العريضة، ومن الطبيعي فهما على الموجة ذاتها في هذه المرحلة، كما في سائر المحطات السابقة.
وأخيراً، وإزاء هذه الأجواء الضبابية بين من يرى أنه لا مناص من تأليف حكومة كي يحظى لبنان بالدعم الدولي وانعقاد المؤتمر للدول المانحة في الشهر المقبل في حال تم تشكيل الحكومة العتيدة، وبين المطالبين بإعادة إحياء حكومة الرئيس حسان دياب، ثمة ترقّب للأيام القادمة التي قد تكون صعبة وقاسية، مع ارتفاع معدل الأزمات الإقتصادية والمعيشية، في حين يسأل البعض عما ستقوم به فرنسا، بعدما وضع الموفد الفرنسي باتريك دوريل الرئيس إيمانويل ماكرون في أجواء لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، وحيث لم تحرّك لقاءات دوريل المياه الراكدة على خط التأليف، بل بقي الجمود على حاله بانتظار ما ستقدم عليه باريس في الأيام المقبلة.