Site icon IMLebanon

ما الهدف وراء تصعيد جـنـبلاط وحلفائه ضدّ العهد؟

 

كانت معارضة جنبلاط واضحة عند ترؤس قائد الجيش عام 1988 العماد ميشال عون الحكومة العسكرية، بحيث عدّ ذلك كإعلان حرب، وإذا كانت في بعض الأحيان تتقارب مواقف الطرفين خلال وجود عون في فرنسا، فكان جنبلاط أوّل من أطلق إشارة تحذيرية ضدّ عودته إلى بيروت عام 2005 واصفاً إياها بـ«التسونامي»، لتعود بعدها وتهدأ الجبهات حيناً وتشتعل أحياناً كثيرة، تخللتها محاولات للمصالحة وعقد بعض اللقاءات بين جنبلاط وعون لكنّ مفاعيلها لا تدوم طويلاً.

 

وفيما يمكن تعداد اللقاءات بين الرجلين قليلة للغاية وفق خلفيات متعددة ، وفي مقدمها نتائج الانتخايات النيابية الاخيرة، حيث تراجعت حصة جنبلاط النيابية وتمركز التيار الوطني الحر وحليفه النائب طلال ارسلان في الشوف وعاليه مكان المفترضين من نواب جنبلاط والذين لم يحالفهم حظ الفوز، وتقول أوساط مراقبة لحركة الطرفين أي عون وجنبلاط منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ان الكيمياء بينهما مفقودة الى حد كبير ، وحتى «التفكير» السياسي متباعد بينهما، كل في واد .

 

هذه العلاقة قد تتشابه مع علاقات أخرى بين عهد عون وأحزاب لبنانية، لكنها تتميز أو تختلف دائماً في طريقة المواجهة التي اختارها جنبلاط والتي وصلت أخيراً إلى المطالبة بإسقاط عون قبل أن يتراجع ليس لأسباب سياسية أو مبدئية إنما واقعية تنطلق من النظام اللبناني الطائفي ومن الحلف القائم بين حزب الله ورئيس الجمهورية.

 

وتشير هذه الاوساط الى انه وفي كل مرة كان يلتقي فيها الرجلان كانا يتحدثان عن مصالحة ومصارحة وتهدئة، لتعود وتتجدد المواجهات ونبش قبور الحرب الأهلية عند كل مفترق طريق سياسي، ما يؤكد مرة جديدة إنعدام الكيمياء بينهما وعدم إمكان الانتقال فعلياً إلى «المصالحة» الحقيقية، والآن بعد مرور أكثر من اربع سنوات على إنتخاب العماد عون رئيساً أصبح من المستحيل تضييق الصدع القائم بينهما ليذهب جنبلاط نحو التهيئة لخيار رئيس جديد للجمهورية.

 

وتستعرض هذه الاوساط سبباً من الاسباب الرئيسية في مسألة الخلاف وفي مقاربة كلا الطرفين لهذه العلاقة، فإن لكل منهما وجهة نظره التي لا تخرج عن تبادل الاتهامات بالفساد، ففي حين يرى الاشتراكي أن فشل العهد وسياساته التي أوصلت لبنان إلى هذا الحد من الانهيار هي التي تفرض مواجهته لإنقاذ البلاد قبل فوات الأوان، يرى «التيار الوطني الحر» أن هجوم جنبلاط سببه المأزق والأزمة السياسية التي بات يعاني منها نتيجة خروجه من السلطة وعدم امتلاكه الكلمة الفصل كما في السابق.

 

ويلفت التيار الوطني الحر الى أن الهجوم الاشتراكي سببه الأزمة السياسية التي يعاني منها رئيسه وليد جنبلاط، رافضاً اتهام العهد بالفساد، وداعياً إلى المواجهة في القضاء. كل مرة هم الذين يعتدون علينا كلامياً ولفظياً عبر الكذب والتجنّي كما يقول أحد نواب تكتل لبنان القوي، وذلك لأسباب مرتبطة بوضع (الاشتراكي) السياسي الحالي بعدما فقد رئيسُه ما كان يمتلكه في السنوات الماضية من موقع مؤثر في الواقع اللبناني بعدما أعادته الانتخابات النيابية إلى حجمه الطبيعي إضافةً إلى خوفه من المحاسبة وكشف ملفاته.

 

أما مصادر الحزب الاشتراكي فتقول انهم يدّعون الاصلاح، متهِمين الجميع بالفساد، بينما هم الفاسدون الأوائل، والمشكلة تكمن في سياسة الكيدية التي يمارسونها، كما أنهم يقولون شيئاً ويفعلون شيئاً آخر، وهو الأمر الذي حال دون نجاح كل محاولات المصالحات والتقارب التي عُقدت بيننا وبينهم ولا سيما بعدما شككوا في مصالحة الجبل، لنصل إلى هذا الواقع من السقوط على مختلف الصعد.

 

في خلاصة العلاقة بين الطرفين كانت مستحيلة منذ ثلاثين عاما وأصبحت أكثر إستحالة لتغمز هذه الاوساط من قناة التركيز الاشتراكي الحالي على عملية إعادة «التوازن» الى الجبل وفق المفهوم الاشتراكي، لكن لن تسنح الفرصة في القريب العاجل لجنبلاط بالتقدم أكثر نحو بعبدا ، بفعل معرفته أن ما كان ممكناً في أوائل التسعينات أصبح مستحيلاً الآن بفعل الخيارات السياسية المتاحة امام الطرفين، مع وعي حزب الله التام لمحاولات إستفراد رئيس الجمهورية ليس من الاشتراكي فحسب إنما من مجموعة احزاب وتيارات تريد «رأس» الرئيس … حتى من خلال تشكيل الحكومة الحالية!!