IMLebanon

جنبلاط يستشعر الخطر الآتي… ويُهادِن الجميع ويُحصّن الجبل

 

تثير مواقف رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، اهتمام المعنيين لما تنطوي عليه من إشارات سياسية تحمل أكثر من دلالة في هذه المرحلة بالذات، وحيث تكشف مصادر سياسية متابعة للأجواء الجنبلاطية، أن زعيم المختارة لديه هواجس ومخاوف كبيرة يعبّر عنها أمام زواره، وتتركّز على الإنهيار المتمادي للأوضاع الإقتصادية والمعيشية والمالية، وعلى هذه الخلفية، فهو يقوم باتصالات ولقاءات داخلية وخارجية بغية تأمين مستلزمات الصمود الإجتماعي في منطقة الجبل خوفا من الآتي، وذلك، بعدما بلغ الواقع الإجتماعي لدى أهالي الجبل، مرحلة متقدّمة من الإحتقان. وربطاً بذلك، فإن سيد المختارة، يعتبر أن هذه المسائل هي أولوية مطلقة وتتقدّم على كل الملفات السياسية والإستحقاقات المرتقبة، ولذلك، فهو يتحاشى أي انزلاقات إلى مواجهات سياسية مع أي طرف أو مكوّن سياسي، سيما مع العهد ومع حكومة تصريف الأعمال، بعدما خاض معهم في الماضي معركة سياسية شرسة، وهو الذي سبق وأن طالب رئيس الجمهورية بالإستقالة قبل أي طرف آخر.

 

أما لماذا هذه المهادنة مع العهد وغيره من الأطراف، فتنقل المصادر نفسها، أن جنبلاط يعرف حق المعرفة أن المجتمع الدولي، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية، لم يحسما بعد خيار المواجهة مع إيران، لا بل هو لا يتوقّع حصول أي صدام بينهما وحتى لواستغرقت المفاوضات النووية وقتاً طويلاً، إذ من الواضح أن ما من حرب أو عقوبات صارمة في هذا الإطار، وبالتالي، ستبقى المعادلة السياسية في لبنان على حالها. ولهذه الغاية، فإنه، أي جنبلاط، لا يريد بعد اليوم الدخول في حروب مع الآخرين، نظراً للتغيّرات المرتقبة والمتحرّكة في السياسات الإقليمية والدولية، وهذا ما حدث في محطات كثيرة من تاريخ لبنان.

 

وفي هذا الإطار، تقول المصادر نفسها، ان جنبلاط يسأل أصدقاءه من الموفدين الدوليين عن مواقف حكوماتهم التي تثير التساؤلات، وتبعث على الريبة من الملفات المطروحة في المنطقة، ومن هنا جاءت مواقفه الأخيرة المهادِنة وتركيزه فقط على تحصين الجبل أمنياً واجتماعياً، وذلك تحسّباً لأيّ اهتزازات أو إشكالات، وبالتالي، فإن لقاءه الأخير مع النائب طلال إرسلان، جاء بعيداً عن السياسية كلياً وهدف إلى تصفية ذيول حادثتي الشويفات وقبرشمون قضائياً وإلى التوافق المشترك على أن لا يكون التباين والخلاف السياسي بينهما، مدخلاً لأي توتر قد يصيب الجبل، وهو ما لا يتحمّله الناس مهما اختلفت توجّهاتهم السياسية، في ظل الأزمة الخانقة، وتردّدات جائحة كورونا التي تعاطى معها جنبلاط من خلال تحصين الجبل صحياً.

 

وفي سياق متصل، فإن المصادر ذاتها، تشير إلى أن جنبلاط ليس في صدد فتح أي جبهات مع خصومه في السياسة أو الإختلاف على أي ملف مع حلفائه، ولذلك، ترك لبكركي والأحزاب المسيحية اتخاذ ما يرونه مناسباً على خط رئاسة الجمهورية، بمعنى أن التجارب السابقة علّمته أن لا يكون وحده في الساحة الذي يطالب بتنحية هذا الرئيس أو ذاك، لأن ذلك سيُعتبر تدخلاً من طائفة ضد أخرى، وعلى هذه الخلفية أرسى تفاهماً مع بعبدا و»التيار الوطني الحر» لإبقاء الجبل مستقرّاً، كما أنه ولو اختلف مع «القوات اللبنانية» حول قانون الإنتخاب، فهو يصرّ في الوقت الحالي على التواصل والتنسيق معهم في الجبل، وهذا ما ينسحب على سائر الأحزاب والتيارات.