لوحظ أن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، بدأ في الأيام الماضية يطلق مواقف مندّدة ومنتقدة للحكومة، بعدما أعطاها فرصة، مردّداً أكثر من مرة أن الحكومة تبقى أفضل من الفراغ، ومن الضروري أن تأخذ فرصتها كي نحكم على أعمالها، وهنا تؤكد مصادر مقربة من المختارة، أن جنبلاط، ونظراً لما يحيط بالبلد من أزمات، وخصوصاً أوضاع الناس المعيشية والإجتماعية، لا يرى في مثل هذه الظروف أن التصعيد السياسي ومعارضة الحكومة يجدي نفعاً، ولكن رئيس الحكومة عاود مجدّداً انتقاد ومهاجمة البعض، متّهماً إياهم بالفساد ومحمّلاً الحكومات السابقة كل ما آلت إليه الأوضاع، في وقت لا يدرك أن من يشارك في حكومته سبق له أن شارك في كل الحكومات منذ ما بعد الطائف، بينما «التيار الوطني الحر»، ومن خلال إخفاقاته وفساده في قطاع الكهرباء أوصل الدين العام إلى حوالى المئة مليار دولار، نصفها جراء صفقات الكهرباء.
لذلك، أضافت المصادر نفسها، لا يمكن التغاضي والسكوت على مواقف رئيس الحكومة التي تجافي الحقيقة، والتي تُطلق لأهداف سياسية وهروباً إلى الأمام في تحمّل المسؤولية، إذ كان الأجدى به، كما تقول المصادر، أن يضع خطة وبرامج لحكومته بدل إطلاق المواقف العشوائية، والتي تصب في خانة الأحقاد والضغائن.
وحول ما يحكى عن تشكيل جبهة معارضة للحكومة، علم من مصادر موثوق بها، أن هناك تنسيقاً ولقاءات بين الحزب التقدمي الإشتراكي وتيار «المستقبل»، وبات جلياً أن جنبلاط يقف إلى جانب الرئيس سعد الحريري في ما يتعرّض له من حملات، على الرغم من التباينات وكل ما حصل في الفترة الماضية، ولا سيما بالنسبة للتسوية الرئاسية.
أما على خط «القوات اللبنانية»، فتقول مصادر مقربة من القوات، ان العلاقة بين معراب وكليمنصو قائمة ومستمرة، خصوصاً حول مصالحة الجبل وأمور كثيرة تجمعهما مثل ملف الكهرباء، ولكن هناك صعوبة في إعادة إنتاج صيغة تشبه تلك التي كانت قائمة بين مكوّنات 14 آذار، ويمكن القول أن هذه الصيغة غير واردة إطلاقاً، بل أن التشاور والتنسيق والتواصل بين الإشتراكي و»القوات» مستمر، لا سيما بين قيادتي الفريقين في الجبل، وتقرّ المصادر ذاتها، بصعوبة التوافق بينهما حول تنحية رئيس الجمهورية ميشال عون، إذ هناك تجربة مماثلة حصلت أيام الرئيس الأسبق إميل لحود وتتكرّر اليوم، إضافة إلى أن الحزب الإشتراكي يتفهّم موقف «القوات» وبعض الأحزاب المسيحية وظروفهم وخصوصياتهم منعاً لاستغلال «التيار الوطني الحر» أي تعرّض لمقام الرئاسة، وإن كانت التوجّهات لا تمسّ هذا الموقع، وإنما التعرّض فقط للشخص.
وفي السياق، ينقل عن بعض القوى التي كانت تنضوي في فريق 14 آذار، أن هناك لقاءات كثيرة تجري بعيداً عن الأضواء من بعض القوى المعارضة للعهد، وتهدف إلى سلسلة تحرّكات بعد تغيّر وجه البلد في حال لم يكن هناك من تحركات على مستوى هذه الأحداث، أولها تحصين اتفاق الطائف بعدما بات عرضة لاستهدافات من بعض الأطراف التي تسعى لتغيير النظام، تالياً، هناك ،حتى في الوسط المسيحي، من ينادي بضرورة تشكيل إجماع وطني من أجل تنحية رئيس الجمهورية، على الرغم من المطبّات والمصاعب التي تعتري هذه المسألة.
وفي المقابل، فإن الأجواء والمؤشّرات، وفق معلومات، تؤشّر إلى عدم إعطاء الحكومة أي فرصة أو مهادنتها بعد مواقف رئيسها ومعظم وزرائها الذين دخلوا في مرحلة تسوية الحسابات السياسية والإتهامات حول ما آلت إليه الأوضاع لفريق دون الآخر في ظل استنسابية واضحة الأهداف، ومن هنا جاءت مواقف رئيس الحزب الإشتراكي، ولا يستبعد أن تحذو «القوات اللبنانية» حذو الإشتراكي في ظل الإشتباك السياسي ما بينها وبين «التيار الوطني الحر»، بينما السؤال الأبرز اليوم، يتمحور حول المدة التي ستستغرقها مهادنة وتحييد جعجع للعهد، خصوصاً أنه بات في مرمى الكثيرين، ولم يقتصر استهدافه على فريق سياسي من طائفة معينة، وإنما من مختلف الطوائف والمذاهب في ظل إخفاقات العهد بعدما مضى أكثر من نصف الولاية دون تحقيق أي إنجازات يمكن البناء عليها.