Site icon IMLebanon

جنبلاط وأرسلان يشتريان الوقت.. بأقل الخسائر

 

يُدرك الزعيمان الدرزيان وليد جنبلاط وطلال أرسلان دقة المرحلة الحالية التي تمر فيها البلاد والتي لا تستثني أحداً وتُنذر بكوارث إقتصادية وإجتماعية قد تؤدي بدورها الى أخطار هائلة.

 

لا ينقص كلا الرجلين الحنكة والمقدرة على قراءة واقع الحال، وكانا في حاجة الى «تخريجة» ما لعنوان ضخم وجذاب كـ«المصالحة» الدرزية، مع علمهما تماماً حاجتهما الى شراء الوقت تمريرا للمرحلة في انتظار ظروف أفضل.

 

جاءت تلك «التخريجة» عبر مسعى الرئيس نبيه بري للمّ الشمل العام، وفي إطاره المسرح الدرزي الذي يشهد بعد أيام الذكرى الأولى على حادثة قبرشمون. وقد جاءت دعوة بري بعد أشهر على لقاء جمع الرجلين في بعبدا برعاية رئيس الجمهورية ميشال عون وحضره آنذاك الرئيسان بري وسعد الحريري، ويشير المتابعون الى أن بري أبلغ عون بتطورات ما حصل أخيراً بين جنبلاط وأرسلان.

 

من تقدم بالنقاط؟

 

يمكن للجانبين ادعاء تسجيل النقاط في مصالحة عين التينة من دون التمكن من إعلان النصر كون التسوية هي الحل الوحيد في صراعهما الأبدي.

 

وكالعادة في عداوات الكار الواحد في لبنان، يغلب العنوان التسووي السياسي على سيلان الدماء مهما كان غزيراً، لكن جنبلاط وأرسلان أمكنهما رمي الكرة في ملعب القضاء الذي خرج قراره الظني أمس الأول مُديناً أنصار الزعيم «الإشتراكي» في حادثة البساتين.

 

في الظاهر، شكّل ذلك متنفسا لبيئة أرسلان الذي كاد وزيره صالح الغريب أن يسقط في الحادثة، بينما سيكون على جنبلاط تقبل حكم القضاء الذي لطالما نادى به. وبذلك كسب الأخير في تهدئة الشارع المضاد، لكنه سيبقى متراجعا في النقاط طالما بقيت حادثة الشويفات التي سبقت قبرشمون، من دون حل في إطار القضاء. لكن يمكنه الخروج أمام الرأي العام مقدما التنازل لصالح «وحدة الصف ووأد الفتنة»، مشددا على أن الوقت هو لحفظ استقرار الجبل. كما يمكنه الخروج بمكسب تحول البلاد نحو دعوته الى الحوار لحل المشاكل وهو أقر منذ زمن بأن لا حل بالقوة في الساحة الدرزية التي يقر بأنها لم تعد حكراً عليه.

 

وفي المقابل، يلعب أرسلان على عامل الوقت. هو لا يستطيع في ظل الظروف الخطرة رفض الدعوة الى الحوار مع غريمه على الساحة، لكنه رسخ مطلبه في حل على أساس «الرزمة الواحدة». وإذا كانت التسوية تقتضي حل قضية الشويفات، فإن الرزمة تشمل أيضا قضايا كمشيخة العقل التي ستبذل الجهود لحل لها، والأوقاف والتعيينات الإدارية والعسكرية. أي أنها باختصار رزمة تُعنى أولاً وأخيراً بتغيّر موازين القوى على الساحة الدرزية وترجمة هذا الأمر على الأرض.

 

«لقاء خلدة» يُزكي «المصالحة»

 

وبخروج جنبلاط مرتاحاً من لقاء عين التينة، شرع أرسلان قبيل اللقاء الى شد عصب الفريق المتحالف معه، وعلى رأسه رئيس «حزب التوحيد العربي» وئام هاب الذي بات يشكل دعامة رئيسية في إطار الحلف المستجد مع زعيم «الحزب الديموقراطي اللبناني»، وهو وفر «مباركته» لاجتماع أرسلان وجنبلاط خلال «لقاء خلدة» حيث رمى أرسلان الكرة عند المجتمعين لتأمين الغطاء الملائم لخطوته.

 

فهذا اللقاء يسعى عبره المشاركون الى جمع أخصام جنبلاط جميعاً في بوتقة واحدة. على أنه ليس جديداً، فقد تأسس منذ سنوات وواظب منذ العام 2006 «الحلف السياسي مع المقاومة». وبعد سنوات، أعاد أرسلان الحياة الى هذا النادي مع انضمام وهاب الذي بات يشعر بخطر وجودي إثر الهجوم عليه خلال حادثة الشويفات. وقد جمع «لقاء خلدة» الشيخ نصر الدين الغريب والحلفاء كطلال الداود عن حركة «النضال اللبناني العربي» والقاضي نزيه أبو إبراهيم ورائد محمود عبد الخالق وآخرين، بينما فضل «الحزب السوري القومي الإجتماعي» البقاء خارج هذا الإطار مع استمراره في الحلف معه.

 

وقد أراد أرسلان القول إن مصالحة عين التينة لا تعني فرط الحلف المُواجه للقوة الأكبر على الساحة الدرزية، والأهم، التأكيد أنه لم يتنازل عن حق دم الذين سقطوا.

 

على أن «لقاء خلدة» لن يكون دورياً حتى لا يستنفد جدواه. سيحضر في المحطات التي تتطلب انعقاده ومتى اقتضى الأمر خوض المعارك في سبيل القضايا الثوابت لدى أركانه، وتم الاتفاق على أن يستمر في الدارة الأرسلانية وهي مسألة ذات دلالة حسب «اللقاء» كونه لم يعقد في خلوة درزية أو مكان يتخذ طابعاً مذهبياً، رغم صبغته الواضح.

 

وفي الخلاصة، شكلت المصالحة مخرجا لائقا للجميع، لكن عدم الخروج باتفاق رسمي وإحالة القضايا الخلافية الى لجنة للمتابعة من علي حسن خليل وغازي العريضي وصالح الغريب، يختصر القول إن التسوية التي حصلت لم تفعل أكثر من خرق جدار الجفاء بين جنبلاط وأرسلان… إلى حين.