أمـن الجبل يعتمد سياسة جديـــدة في ادارة الملــفات وضــــــخ دم جديد في حزبــــه
باتت العلاقة بين المختارة وبعبدا في غاية الصعوبة، وهي مرشّحة، وفق المتابعين، أن تبلغ ذروتها من التصعيد في وقت ليس ببعيد، وهذه الخلافات تأتي على أكثر من خلفية سياسية، ولا سيما، أنها لم تصل يوماً إلى التوافق والتقارب في كل المحطات السابقة والحالية، وينقل عن مقرّبين من رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، أن الأمور بما تبقى للعهد من مدة، تتّجه إلى مزيد من الكوارث الإقتصادية والمالية والمعيشية، وهذا ينذر بأن لبنان قد يصل إلى مرحلة الإنفجار والتي يراها جنبلاط سوداوية، حتى أنه يعتقد بأن الظروف التي كانت سائدة إبان مرحلة الحروب إنما كانت أفضل مما هي اليوم على المستويين المالي والإقتصادي.
واستوقف المراقبين والمطلعين على المواقف الجنبلاطية، إشارته إلى نقطة هامة، عندما قال فقط أنه متّفق مع رئيس الجمهورية ميشال عون على أمن الجبل والمصالحة، «وهذا يهمّه كما يهمّني»، وفي السياق، كان هناك استغراب وإدانة من قبل مسيحيي الجبل، كما الدروز، لتعرّض نواب العهد لمصالحة بلدة بريح، والحديث عن هدر، في حين أن جميع من واكبوا هذه المصالحة مطّلعون على تفاصيلها، ومنهم البطريرك بشارة الراعي ومطارنة ورجال دين من كل الطوائف، إلى القوى السياسية برمّتها، حيث يومها حُلّت المشكلة التي كانت تسمى ب«بيت الضيعة» من خلال مبادرة شخصية قام بها عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب نعمه طعمه.
وعليه، فإن التشكيك بهذه المصالحة وسواها له ارتداداته السلبية على أجواء الإستقرار والأمن الذي ينعم به الجبل، ومن الطبيعي أن ذلك يضرّ بالجميع، وعلى هذه الخلفية جاء كلام جنبلاط بمثابة التأكيد على أن التوافق على أمن الجبل قائم بينه وبين رئيس الجمهورية رغم كل الخلافات والتباينات على القضايا الأخرى.
وعلى خط موازٍ، تشير المعلومات إلى أن هناك قراراً، وإن كان غير معلن، في صفوف الحزب التقدمي الإشتراكي و«اللقاء الديمقراطي»، يقضي بعدم إثارة الدعوة إلى استقالة أو تنحية رئيس الجمهورية، على الرغم من الخلاف القائم مع العماد عون، وذلك يعود وفق الأجواء العليمة إلى أن جنبلاط، وفق ما ينقل عنه، لا يريد بعد اليوم إثارة هذه المسألة كي لا تظهر وكأنه يدخل في صراع أو يهاجم المسيحيين، وتحديداً في الظروف الراهنة، التي يعيشها البلد، وحفاظاً على الأمن والإستقرار وخصوصاً في الجبل.
من هنا، فإن المعلومات المتأتية من أكثر من جهة سياسية، تشير إلى أن رئيس الإشتراكي، لا يريد العودة إلى اصطفافات أوصِيَغ جبهوية وتحالفات عريضة، بل هو في صدد الشروع بمواكبة الأوضاع المعيشية والتنموية في الجبل، وفي الشأن السياسي، فإن تحالفه وتوافقه يبقى محصوراً فقط مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في ظل استمرار اللقاءات التنسيقية التي تجري بين الحزب التقدمي الإشتراكي وحركة «أمل» في الجامعات والنقابات.
لذا، يبقى فإن سيد المختارة، وفي خضم المتغيّرات والتحوّلات الراهنة الداخلية والإقليمية، لا يريد أيضاً الصدام مع رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، والعلاقة معه «فاترة»، كما وصــفها، وهناك تباعد واضح بين الطرفين وقواعدهما السياسية والشعبية في مناطق تواجدهما، وعليه، علم أن جنبلاط في صدد اعتماد سياسة جديدة في إدارة الملفات على اختلافها، والتوجّه إلى إعادة تجديد وضخّ دم جديد في الحزب الإشتراكي، في ظل الدعوات الحزبية والشعبية لتطهيره من صفوف بعض الرموز الفاسدة، والعمل على إعادة نشر فكر وتراث كمال جنبلاط، وهذا ما كان عبّر عنه المحازبون والأنصار في ذكرى ميلاد قائدهم.