IMLebanon

جنبلاط يستجدي الطمأنينة ولا يريد «الحرب»!

 

علاقة وليد جنبلاط بـ«العهد» تشبه وليد جنبلاط نفسه: لا ثبات! لا مجالَ فيها لتهدئة طويلة، ولا لهدنة مُستدامة. بل مُصالحات «غير ودّية» تنتهي في اليوم التالي لأي يومٍ شوفيّ طويل. لكن، هذه المرة هي أكثر المرات التي يحتار فيها رئيس «الاشتراكي» في كيفية مقاربة «الخطر»: بتفعيل كاسحة الألغام فوقَ خاصِرة الجبل الرخوة على قاعدة «إما يلغيني أو ألغيه»؟ أم بضبط «غلّ» العهد مستنجداً بـ«صديق»؟

 

لا شيء اليوم يُضاهي غضب جنبلاط. يُدرِك أن لبنان الذي «غرّقه» بالمكاسب بعد الحرب انتهى، وأنه لم يعُد قادراً، وحده، على احتكار علاقة الدروز بالدولة. لكنه يرفض حتى الآن رفع الراية البيضاء، والخروج من «الخدمة» نهائياً. انفلشَت كل جبهات المواجهة وتشابَكت، لكن أحداً من «الرِفاق» في «ثورة الأرز» لا يهُبّ لنُصرتِه، فكلّ منهم «همّه ع قدُو» ويُريد أن يواجِه وحده. أصلاً جنبلاط نفسه قالها: «لا أريد أحلافاً ولا محاور». وهذه لهجة من لا يُريد «الحرب»، بل من «يستجدي» الطمأنينة.

يعيش زعيم المختارة عصر الأزمات: أزمة توريث، وأزمة زعامة، وأزمة «مُحاسبة»، وأزمة جوع دفعته إلى اتخاذ خطوات لدعم الأسر المحتاجة وتوزيع الحصص الغذائية وتشجيع زراعة القمح والعدس والحبوب وتأمين مخزون الأدوية، فضلاً عن توتر مالي وسياسي، يُضاف إليه توتّر أمني ناتِج عن ارتفاع منسوب الاحتقان في الجبل.

قبل أيام، شنّ جنبلاط، عبرَ قناة «العربية»، هجوماً على العهد وحكومة الرئيس حسان دياب، ولم يوفّر حزب الله الذي سمّاه «الانقلابي» من الهجوم. من سمِعه ظنّ أنه يكرّر تجربة عام ٢٠٠٥، ولن يخرُج منها «إلا قاتِلاً أو مقتولاً». لكن، ليسَ صعباً على من يعرِف الرجل أن يدرك أنه يرفَع صوته حين لا تلقى مُطالباته صدى.

يقول العارفون أن «استعانة جنبلاط بحزب الله على ميشال عون لا تتوقّف». منذُ «حادثة قبرشمون» وعودة التنسيق بين مسؤولي الحزبين، لا ينفك الجنبلاطيون يُطالبون الحزب بوضع حدّ لـ«تهوّر» رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره الوزير السابِق جبران باسيل. وقد زادت المُطالبة بعد حالة «الاحتقان» التي ولّدتها «صفحة إذاعة الشوف المسيحية»، التي يتّهمها الاشتراكيون بأنها «تنبش القبور ولا تتوقف عن بثّ الخطاب الطائفي وتوجه أقسى النعوت لجنبلاط والاشتراكي»، وهو ما استفزّ فعاليات سياسية ودينية في الجبل. مصادِر مطلعة تؤكد أن «الحزب الاشتراكي تواصل مع أكثر جهة لاحتواء الاحتقان، وفي مقدمها حزب الله الذي وعد بالتدخل». وأشارت المصادر إلى أن «عون لا يُبالي، وحين حُكي مع باسيل في الأمر قلّل من شأن «أربعة أو خمسة أشخاص لا ينتمون إلى التيار ويديرون منصة إلكترونية»، ما أثار حفيظة الحزب الاشتراكي الذي ردّ «بأن هناك 5000 شاب في الجبل لا ينتمون إلى الحزب، ولسنا مسؤولين عن ردود فعلهم، فهل هكذا تُحلّ الأمور»! وعلمت «الأخبار» أن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم من بين الذين تدخلوا لمعالجة الأمر، ولكن من غير المعروف حتى الآن «ما الذي يحول دون إيقاف صفحة الإذاعة»، وهذا ما جعلَ جنبلاط يوجّه السهام يميناً وشمالاً خلال المقابلة.

 

وفيما انتشرت على وسائل التواصل فيديوات لشبان اشتراكيين مسلّحين كنوع من الترويج للاستعداد لأي تطور أمني في الجبل، نفت مصادر في «الاشتراكي» الإعداد لأي شيء، مشيرة إلى أن «الفيديوات قديمة».

لا يُريد جنبلاط، وفق المصادر، أن يأخذ الاحتدام السياسي الحاصل صورة فوضى أهلية في الجبل. ورفعه الصوت في وجه حزب الله أخيراً، يبدو كأنه يقول له: «افعَل شيئاً» مع ميشال عون. وهذا إن دلّ على شيء، فعلى عدم قدرته على المواجهة وحيداً كما في قبرشمون. والدليل أنه سرعان ما عادَ ونفى عن الحزب تهمة «الانقلاب والسيطرة على البلد»، وحذر مناصريه من المندسين، وأدان «الكلام المحرّض على الفتنة» للمستشار السياسي في الكونغرس وليد فارس الذي تحدث عن انتشار لحزب الله في مناطق مسيحية ودرزية.