يملك سليمان فرنجية كل المقومات وكل عناصر القوة التي تجعله رئيساً مسيحياً جالساً على كرسي بعبدا وفق اوساط سياسية، فهو زعيم شمالي وسليل بين سياسي ومتمرس بالسياسة وتسلم عدة مناصب وزارية ونيابية وتولى حقائب سيادية وله شعبيته الواسعة وجمهوره في الوسط المسيحي، واكثر من ذلك كله هو يملك كل العناصر التي كان يفتقدها العماد ميشال عون من دعم اقليمي ظهر فجأة في موافقة الجانب السعودي على ترئيسه، والدعم الفرنس وتسمية سعد الحريري له مخالفا شارعه وقيادات اساسية في المستقبل كما الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي سارع الى تبني ترشيحه واستقباله في كليمنصو ومباركة احد الركنين الشيعيين الاساسيين في عين التينة، في حين هو الحليف الاستراتيجي الذي لم يخطىء بحق المقاومة ابداً، ورغم كل ذلك فان طريق فرنجية الى قصر بعبدا غير سالكة بعد، وهو رغم كل ما يملك فانه لا يستطيع ان يجلس على كرسي الرئاسة متسلحاً بالدعم الاقليمي وحده ومكتفياً بتأييد الافرقاء والشركاء في الوطن من الجانب الاسلامي بدون توفر الغطاء المسيحي القوي له من معراب والرابية وبكفيا. فهذه السيبة المسيحية التي تلاقت مصالحها لوضع العصي في دواليب رئاسة فرنجية وابعاده عن بعبدا، هي السبب في تعطيل التسوية وتجميدها الى ما بعد الاعياد، ليتم البحث عن اخراج مناسب توافق عليه المكونات المسيحية كما تقول الاوساط نفسها.
ومع توقف التسوية فان فرنجية سيعمل كما تقول الاوساط على تذليل العقبات والحواجز التي ارتفعت فجأة مع الحلفاء المسيحيين، في حين يتولى الحريري مسألة حليفه المسيحي في معراب لان تقرب زعيم المردة من معراب لا يزال خطاً احمر لدى فرنجية، وبدون شك فان التفاهم مع الرابية عملية شاقة لأن اقناع عون بالتنحي وعدم توفر الظروف والدعم الاقليمي له امر معقد لان عون مستمر على قناعته بالسير بمعركته الرئاسية حتى الرمق الاخير، في حين يبدو الوضع مع بكفيا غير واضح المعالم، فعلاقة بنشعي وبكفيا شهدت في الاشهر الماضية تحسناً مقبولاً وزيارات متبادلة الا ان تحفظات مفاجئة ظهرت فجأة على ترشح رئيس المردة لجهة توضيح علاقته بسوريا وحزب الله قبل ولوج قصر بعبدا، ونصائح كتائبية اطلقت في اكثر من مناسبة على مواقع التواصل الاجتماعي لمسؤولين وقياديين كتائبين لضرورة تمثل فرنجية بالخط السياسي الذي رسمه بشير الجميل قبيل انتخابه رئيساً للجمهورية بمصالحة اخصامه في الشارع المسلم.
واللافت في ما يصدر عن الصيفي تناقض فاضح في قول الشيء وضده في آن معاً، فبالنسبة الى الرئيس الجميل فان فرنجية زعيم سياسي وابن بيت وطني في حين يدعو النائب سامي الجميل فرنجية الى قطع علاقته بالرئيس بشار الأسد والتنصل من علاقته بالسوريين، وهذا ما لم يفعله زعيم المستقبل الذي سار بالتسوية الرئاسية بفصل المسارات، وبالاستحقاق الرئاسي وما بعده وكيفية ادارة البلاد بدون الغوص بالملف السوري وما يجمع فرنجية بالأسد وكذلك فعلت السعودية عندما اسقطت الفيتو على ترشيح حليف النظام السوري ولم تفعل على زعيم الرابية.
وعليه فان الرئيس امين الجميل العائد من الهند الذي قصد الرابية مطلقاً تصريح الرئاسة لم تستوِ بعد يبدو كمن يبحث عن «ابرة» في كومة القش الرئاسية، فالجميل يأمل ان يكون ربما المرشح الذي سترسو عليه معركة عون وفرنجية الرئاسية، وفي حال لم يتأمن ذلك فان تصعيد الجميل يمكن ان يندرج في خانة تحقيق مكاسب في حال القبول بتسوية الحريري على اعتبار ان قبول عون بترشيح فرنجية وكذلك معراب سيجعلهما يحصلان تعويضات كثيرة في الشارع المسيحي وفي السياسة ويمكن تغييب الكتائب اذا لم ترفع من سقف اعتراضها مسبقاً، ومن جهة اخرى يمكن عندها القول ان الجميل يعتبر الفرصة سانحة امام ترشحه في ظل الفيتوات على كل من فرنجية وعون ، فالجميل لم يقطع الامل بفرص ترشحه وهو احد الاقطاب الاربعة الاقوياء الذين اتفقوا ذات يوم في بكركي على السير باول مرشح تتوفر له الظروف المناسبة وهو يرى انه على مسافة مقبولة من فريقي 8 و14 آذار.
وبانتظار ان تتوضح معالم ما يتم تحضيره في الكواليس رئاسياً فان الافرقاء على مواقفهم يحاول كل طرف ان يشد حبل الرئاسة لصالحه ، هذا ما يفعله فرنجية وما تمارسه الرابية بتمسكها بموقفها وما تحاول ان تطبقه بكفيا باستغلال تناقضات الرابية وبنشعي وخلافاتهما الرئاسية.
ولكن المؤكد كما تقول اوساط سياسية ان لا رئيس في بعبدا بدون الاتفاق المسيحي اولاً والتعويل يتم للمرة الاولى على العنصر المحلي لانجاز الملف الرئاسي وليس على العامل الاقليمي وحده وكل ذلك وسط نقمة القوات المستمرة على «غدر» الحليف في المستقبل وانجازه التسوية بدون علمها وصمت واحراج حزب الله، ومخاوف بري وجنبلاط حيث يرى الزعيم الاشتراكي ان الحريري لم يحسن اخراج الطبخة الرئاسية وانضاجها بالسرعة المطلوبة.